المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3336 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رضي الله عنه قَالَ: - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ]

- ‌[بَابُ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]

- ‌[بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[بَابٌ الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[بَابُ الْحَلْقِ]

- ‌[بَابٌ فِي تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابٌ خُطْبَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالتَّوْدِيعُ]

- ‌[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ]

- ‌[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَفَوْتِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلَالِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِفْلَاسِ وَالْإِنْظَارِ]

- ‌[بَابُ الشِّرْكَةِ وَالْوِكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالشِّرْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَطَايَا]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ النَّظَرِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَاسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُقُوقِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

- ‌[بَابٌ فِي كَوْنِ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةٍ مُؤْمِنَةً]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الفصل: 3336 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رضي الله عنه قَالَ:

3336 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رُفِعَتْهَا حَيْضَتُهَا ; فَإِنَّهَا تَنْظُرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الْأَشْهَرِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ. رَوَاهُ مَالِكٌ.

ــ

3336 -

(وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّطْلِيقِ (فَحَاضَتْ حَيْضَةً) : بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ (أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رُفِعَتْهَا) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ: رُفِعَتْ عَنْهَا (حَيْضَتُهَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: هَكَذَا وَجَدْنَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ، فَحَيْضَتُهَا فَاعِلُ رُفِعَتْهَا، وَالضَّمِيرُ فِي رُفِعَتْهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا عَنْهَا أَيِ: انْقَطَعَتْ (فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) : جَوَابٌ لِلشَّرْطِ (فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ) : أَيْ: ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ (فَذَلِكَ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: فَذَلِكَ ظَاهِرُ حُكْمِهِ، إِذْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَإِلَّا) : إِنْ شَرْطِيَّةٌ مُدْغَمَةٌ فِي " لَا " أَيْ إِنْ لَمْ يَبِنْ (اعْتَدَّتْ) : أَيْ: فَاعْتَدَّتْ (بَعْدَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ) : أَدْخَلَ لَامَ التَّعْرِيفِ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُضَافَةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ نَحْوَ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ أَوِ الثَّانِي بَدَلٌ (ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ) . أَيْ مِنَ الْعِدَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى فَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَنْ يَتَرَبَّصْنَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَعَلَى ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ وَضْعُ الْحَمْلِ، فَظَهَرَ مِنِ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَنْهَا بَعْدَ الْحَيْضَتَيْنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَمِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ وَضْعِ الْحَمْلِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَحْمَالِ أَيْضًا، فَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَنَّهَا مِنَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، فَوَجَبَ التَّرَبُّصُ بِالْأَشْهَرِ: قَالَ النَّوَوِيُّ: مَنِ انْقَطَعَ دَمُهَا إِنِ انْقَطَعَ لِعَارِضٍ يُعْرَفُ كَرَضَاعٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ دَاءٍ بَاطِنٍ صَبَرَتْ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، وَتَبْلُغَ سِنَّ الْيَأْسِ فَتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ، وَلَا يُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ وَإِنِ انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ، فَالْقَوْلُ الْجَدِيدُ أَنَّهُ كَالِانْقِطَاعِ بِعَارِضٍ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ: أَرْبَعَ سِنِينَ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ: سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بَعْدَ التَّرَبُّصِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ طَلَّقَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا بِحَيْثُ صَارَ فَارًّا وَمَاتَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَعِدَّتُهَا أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ، أَيِ الْأَبْعَدُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشَرٍ وَثَلَاثِ حِيَضٍ، فَلَوْ تَرَبَّصَتْ حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَلَمْ تَسْتَكْمِلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى يَمْضِيَ وَإِنْ مَكَثَتْ سِنِينَ مَا لَمْ تَدْخُلْ سِنَّ الْإِيَاسِ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَيُقَدَّرُ سِنُّ الْإِيَاسِ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِسِتِّينَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِسَبْعِينَ، وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْمَنَافِعِ وَعَلَيْهِ أَبُو اللَّيْثِ قَالَ: ثُمَّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا، وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، سَوَاءٌ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ، وَدَخَلَتْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَرِثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ، وَلَا تَرِثُ بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ: وَلَوْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْإِيَاسِ عِنْدَ الْحَيْضَتَيْنِ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ. (رَوَاهُ مَالِكٌ) .

ص: 2188

[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

3337 -

«عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقَالُوا: أَمَةٌ لِفُلَانٍ. قَالَ: " أَيُلِمُّ بِهَا؟ " قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

[16]

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ

فِي الْمُغْرِبِ: بَرِئَ مِنَ الدِّينِ وَالْغَيْبِ بَرَاءَةً، وَمِنْهُ اسْتَبْرَأَ الْجَارِيَةَ طَلَبَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا مِنَ الْحَمْلِ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

3337 -

(عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مُجِحٌّ) : بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ: حَامِلٌ تَقْرُبُ وِلَادَتُهَا (فَسَأَلَ عَنْهَا) . أَيْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ أَوْ حُرَّةٌ (فَقَالُوا: أَمَةٌ) : أَيْ: هَذِهِ جَارِيَةٌ مَمْلُوكَةٌ (لِفُلَانٍ) . كَانَتْ مَسْبِيَّةً (قَالَ: " أَيُلِمُّ بِهَا) : أَيْ أَيُجَامِعُهَا وَالْإِلْمَامُ مِنْ كِنَايَاتِ الْوَطْءِ (قَالُوا: نَعَمْ) . أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا سَمِعُوا مِنْهُ (قَالَ: " لَقَدْ هَمَمْتُ) : أَيْ: عَزَمْتُ وَقَصَدْتُ (أَنْ أَلْعَنَهُ) : أَيْ: أَدْعُوَ عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ عَنِ الرَّحْمَةِ (لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ) : أَيْ يَسْتَمِرُّ إِلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا هَمَّ بِلَعْنِهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَلَمَّ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا وَهِيَ حَامِلٌ كَانَ تَارِكًا لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِ (كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ) أَيِ الْوَلَدَ (وَهُوَ) : أَيِ: اسْتَخْدَامُهُ (لَا يَحِلُّ لَهُ) : إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي تَرْكِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلَّعْنِ (أَمْ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ: كَيْفَ يُدْخِلُ الْوَلَدَ فِي مَالِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ (وَهُوَ) : أَيْ وَرَثَتُهُ (لَا يَحِلُّ لَهُ) : أَمْ مُنْقَطِعَةٌ، إِضْرَابٌ عَنْ إِنْكَارٍ إِلَى أَبْلَغَ مِنْهُ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْ، وَأَلَمَّ بِهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَانٍ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ الظَّاهِرُ نَفْخًا ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا فَتَعْلَقُ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَلَمَّ بِهَا قَبْلَهُ، فَإِنِ اسْتَخْدَمَهُ اسْتِخْدَامَ الْعَبِيدِ بِأَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، فَلَعَلَّهُ

ص: 2188

كَانَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُسْتَعْبِدًا لِوَلَدِهِ قَاطِعًا لِنَسَبِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَيَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ، وَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ فَيَكُونُ مُوَرِّثُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَرِّثَهُ فَيَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَالَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

ص: 2189

الْفَصْلُ الثَّانِي

3338 -

«عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: " لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

3338 -

(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ) : أَيِ: الْحَدِيثَ (إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ) : بِالصَّرْفِ وَقَدْ لَا يُصْرَفُ مَوْضِعٌ أَوْ بُقْعَةٌ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ فِيهَا وَقْعَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (لَا تُوطَأُ) : بِهَمْزٍ فِي آخِرِهِ أَيْ لَا تُجَامَعُ (حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ) : أَيْ: وَلَا تُوطَأُ حَائِلٌ (حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً) : بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ، وَقَوْلُهُ: لَا تُوطَأُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ لَا تُجَامِعُوا مَسْبِيَّةً حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَلَا حَائِلًا ذَاتَ أَقْرَاءٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كَامِلَةً وَلَوْ مَلَكَهَا، وَهِيَ حَائِضٌ لَا تَعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ بِحَيْضَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرِهَا أَوْ كِبَرِهَا، فَاسْتِبْرَاؤُهَا يَحْصُلُ بِشَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِحْدَاثَ الْمِلْكِ فِي الْأَمَةِ يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ، وَبِظَاهِرِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ نَقَلَهُ مِيرَكُ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا سُبِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَرْتَفِعُ بَيْنَهُمَا النِّكَاحُ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي سَبْيِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ أَنَّهُ يُوجِبُ ارْتِفَاعَ النِّكَاحِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ وَطْأَهُنَّ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ، أَوْ مُرُورِ حَيْضَةٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ ذَاتِ زَوْجٍ وَغَيْرِهَا، وَبَيْنَ مَنْ سُبِيَتْ مِنْهُنَّ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ وَحْدَهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ السَّبْيِ كُلُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ، فَدَلَّ أَنَّ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَاحِدٌ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إِذَا سُبِيَا مَعًا فَهَمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَمِنْهَا أَنَّ وَطْءَ الْحَبَالَى مِنَ السَّبَايَا لَا يَجُوزُ، وَمِنْهَا بَيَانُ أَنَّ اسْتِبْرَاءَ الْحَامِلِ يَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَاسْتِبْرَاءَ غَيْرِ الْحَامِلِ مِمَّنْ كَانَتْ بِحَيْضَةٍ حَيْضَةٌ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ بِالْأَطْهَارِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: " «فَطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهَا» فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ، فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلم الْعِدَّةَ بِالْأَطْهَارِ وَالِاسْتِبْرَاءَ بِالْحَيْضِ. وَمِنْهَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ حُدُوثِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوِ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَائِضٌ، لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا اشْتَرَاهَا حَائِضًا أَجْزَأَتْ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِمُضِيِّ شَهْرٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَفِيهِ مُسْتَدَلٌّ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَأَنَّ الدَّمَ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِلُ لَا يَكُونُ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فِي حِينِهِ وَعَلَى وَصْفِهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْحَيْضَ دَلِيلَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَفِيهِ أَنَّ اسْتِحْدَاثَ الْمِلْكِ فِي الْأَمَةِ يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، يَمْلِكُهَا مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ إِذَا عَجَزَتْ وَالْمَبِيعَةُ إِذَا عَادَتْ إِلَى بَائِعِهَا بِمَقَالَةٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ، فَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ عَلَى الْمَالِكِ فِي زَمَانِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُبَاشَرَةِ سِوَى الْوَطْءِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَحْرِيمِهَا كَالْوَطْءِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا تُحْرَمُ فِي الْمُشْتَرَاةِ، وَلَا تُحْرَمُ فِي الْمَسْبِيَّةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرَاةَ رُبَّمَا تَكُونُ حَامِلًا وَلَدًا لِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُشْتَرِي، وَالْحَمْلُ فِي الْمَسْبِيَّةِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ) .

ص: 2189

3339 -

وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ: " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ - يَعْنِي إِتْيَانَ الْحُبَالَى - وَلَا يَحُلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَى يُقَسَّمَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: " زَرْعَ غَيْرِهِ ".

ــ

3339 -

(وَعَنْ رُوَيْفِعِ) : بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَمَّرَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى طَرَابُلُسَ وَالْمَغْرِبِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ) : بِالتَّصْغِيرِ وَادٍ بِالطَّائِفِ (لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يُدْخِلَ (مَاءَهُ) : أَيْ: نُطْفَتَهُ (زَرْعَ غَيْرِهِ) : أَيْ: فِي مَحَلِّ زَرْعٍ لِغَيْرِهِ (يَعْنِي) : هُنَا قَوْلُ رُوَيْفِعٍ أَوْ غَيْرِهِ، يُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْكَلَامِ (إِتْيَانَ الْحَبَالَى) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ جِمَاعَهُنَّ

ص: 2189

( «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ» ) : أَيْ: يُجَامِعَهَا (حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) : أَيْ بِحَيْضَةٍ أَوْ شَهْرٍ ( «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا» ) : أَيْ: شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ (حَتَّى يُقْسَمَ) : أَيْ: بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَيُخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسُ. (رَوَاهُ) : أَيِ: الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ (أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَاهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: وَرَوَى (التِّرْمِذِيُّ) : أَيِ: الْحَدِيثَ " إِلَى قَوْلِهِ: " زَرْعَ غَيْرِهِ) .

ص: 2190

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

3340 -

«عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِاسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ بِحَيْضَةٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ، وَيَنْهَى عَنْ سَقْيِ مَاءِ الْغَيْرِ» .

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

3340 -

(عَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) : أَيْ: عَنِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا أَوْ عَنِ الصَّحَابَةِ بِوَاسِطَتِهِمْ مُسْنَدًا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِاسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ الْأَمَةِ بِمَعْنَى الْجَارِيَةِ الْمَمْلُوكَةِ (بِحَيْضَةٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ)، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِحَيْضَةٍ إِلَخْ مُدْرَجٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنْ كَانَتِ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ، فَهَلْ تُسْتَبْرَأُ بِشَهْرٍ أَمْ ثَلَاثَةٍ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِشَهْرٍ لِأَنَّهُ بَدَلُ قُرْءٍ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَجَمَاعَةُ الثَّلَاثَةِ. (وَيَنْهَى) : عَطْفٌ عَلَى يَأْمُرُ أَيْ: وَكَانَ يَنْهَى (عَنْ سَقْيِ مَاءِ الْغَيْرِ) . أَيْ: إِدْخَالِ مَائِهِ عَلَى مَاءِ غَيْرِهِ فِي زَرْعِهِ مَا سَبَقَ.

ص: 2190

3341 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ فَلْتَسْتَبْرِئْ رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ وَلَا تُسْتَبْرَئُ الْعَذْرَاءُ. رَوَاهُمَا رَزِينٌ.

ــ

3341 -

(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وُهِبَتْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُعْطِيَتْ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ لِأَحَدٍ (الْوَلِيدَةُ) : أَيِ: الْجَارِيَةُ (الَّتِي تُوطَأُ) : أَيْ بِالْفِعْلِ (أَوْ بِيعَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ) : قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: إِذَا مَاتَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يَعْنِي إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَلَا تَحْتَ زَوْجٍ، وَلَا فِي عِدَّةٍ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ، فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْمَوْلَى لِعَدَمِ ظُهُورِ الْفِرَاشِ مِنَ الْمَوْلَى، وَهَذَا عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُمْ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَقَوْلُنَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَعِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، وَتَتَزَوَّجُ إِنْ شَاءَتْ إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمُ الْقِيَاسَ إِلَّا الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَعِنْدَ غَيْرِنَا بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قِيَاسِيَّةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَعِتْقِهِ كُلٌّ مِنْ أَمْرَيْنِ: زَوَالُ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَزَوَالُ الْفِرَاشِ، فَقَاسُوا عَلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا: هَذَا تَرَبُّصٌ يَجِبُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيُقَدَّرُ بِحَيْضَةٍ كَالِاسْتِبْرَاءِ، وَقُلْنَا تَرَبُّصٌ يَجِبُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ، فَيُقَدَّرُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَالتَّرَبُّصِ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا أَرْجَحُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إِثْبَاتِهَا، فَالْقِيَاسُ الْمُوجِبُ لِلْأَكْثَرِ وَاجِبُ الِاعْتِبَارِ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: فَإِمَامُنَا فِيهِ عُمَرُ رضي الله عنه. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدِيثَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمَرَ أُمَّ الْوَلَدِ إِذَا أُعْتِقَتْ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَكَتَبَ بِحُسْنِ رَأْيِهِ فَأَمَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْوَفَاةِ كَذَلِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنَ الْقَوْلِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي الْعِتْقِ مِنْ شَخْصٍ قَوْلُهُ بِهِ فِي الْوَفَاةِ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةً نَعُدُّهَا: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ عَنْ عَمْرٍو فَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ ضَائِرٍ إِذَا كَانَ قَبِيصَةُ ثِقَةً، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: ثَلَاثُ حِيَضٍ إِذَا مَاتَ عَنْهَا - يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ - وَأَخْرَجَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءٍ، فَعَلَى هَذَا تُعَارِضُ النَّقْلَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَارِثُ ضَعِيفٌ، إِلَّا أَنَّ غَالِبَ نَقْلِ الْمَذَاهِبِ قَلَّ مَا يَخْلُو عَنْ مِثْلِهِ، وَالْمُتَحَقِّقُ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ السَّلَفِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيِ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْجِيحَ مَا يُوَافِقُ رَأَيْنَا. (فَلْتَسْتَبْرِئْ) : أَيْ: هِيَ (رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ) : أَيْ: أَوْ بِشَهْرٍ (وَلَا تُسْتَبْرَئُ) : بِالضَّمِّ عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ، وَبِالْجَزْمِ وَالْكَسْرِ لِلِالْتِقَاءِ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَيْ لَا تَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِبْرَاءِ. (الْعَذْرَاءُ) . أَيِ الْبِكْرُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ حُصُولُ الْمِلْكِ، فَمَنْ مَلَكَ جَارِيَةً بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَزِمَهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، سَوَاءٌ كَانَ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ اشْتِغَالُ الرَّحِمِ بِمَائِهِ، أَوْ مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ كَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَنَحْوِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْأَمَةُ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَسَوَاءٌ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ لَا. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْبِكْرِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ. وَعَنِ الْمُزَنِيِّ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ وَالْمَوْطُوءَةِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَأَنَا أَمِيلُ إِلَى هَذَا، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ فِيهِنَّ الصِّغَارَ وَالْأَبْكَارَ وَالْآيِسَاتِ. (رَوَاهُمَا) : أَيِ: الْحَدِيثَيْنِ (رَزِينٌ) .

ص: 2190