المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

2889 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ]

- ‌[بَابُ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]

- ‌[بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[بَابٌ الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[بَابُ الْحَلْقِ]

- ‌[بَابٌ فِي تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابٌ خُطْبَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالتَّوْدِيعُ]

- ‌[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ]

- ‌[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَفَوْتِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلَالِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِفْلَاسِ وَالْإِنْظَارِ]

- ‌[بَابُ الشِّرْكَةِ وَالْوِكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالشِّرْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَطَايَا]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ النَّظَرِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَاسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُقُوقِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

- ‌[بَابٌ فِي كَوْنِ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةٍ مُؤْمِنَةً]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الفصل: 2889 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه

2889 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

2889 -

(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ) وَفِي نُسْخَةٍ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمِكْيَالُ) أَيِ الْمُعْتَبَرُ (مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ زِرَاعَاتٍ فَهُمْ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِ الْمَكَايِيلِ (وَالْمِيزَانُ) أَيِ الْمُعْتَبَرُ (مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ) لِأَنَّهُمْ أَهْلُ تِجَارَاتٍ فَعَهْدُهُمْ بِالْمَوَازِينِ وَعِلْمُهُمْ بِالْأَوْزَانِ أَكْثَرُ، كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الْحَدِيثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ - تَعَالَى - كَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الدَّرَاهِمِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ مَكَّةَ، وَالصَّاعُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كُلُّ صَاعٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .

ص: 1950

2890 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ " إِنَّكُمْ قَدْ وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ هَلَكَتْ فِيهِمَا الْأُمَمُ السَّابِقَةُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

2890 -

(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ إِنَّكُمْ) مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلطَّائِفَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ جَمِيعًا أَوِ الْمُرَادُ بِأَصْحَابِ الْكَيْلِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَبِأَصْحَابِ الْمِيزَانِ أَهْلُ مَكَّةَ، وَخَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ، وَجَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ فَيَكُنْ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] (قَدْ وُلِّيتُمْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ (أَمْرَيْنِ) أَيْ جُعِلْتُمْ حَاكِمًا فِي أَمْرَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ أَمْرَيْنِ، أَبْهَمَهُ وَنَكَّرَهُ لِيَدُلَّ عَلَى التَّفْخِيمِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ فِي حَقِّهِمْ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] (هَلَكَتْ فِيهِمَا الْأُمَمُ السَّابِقَةُ قَبْلَكُمْ) كَقَوْمِ شُعَيْبٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَ النَّاسِ تَامًّا وَإِذَا أَعْطَوْهُمْ أَعْطَوْهُمْ نَاقِصًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ص: 1950

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

2891 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

2891 -

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ» ) بِصِيغَةِ النَّهْيِ وَقِيلَ بِالنَّفْيِ وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ إِلَى شَيْءٍ (إِلَى غَيْرِهِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ إِلَى " مَنْ " فِي قَوْلِهِ " مَنْ أَسْلَفَ " يَعْنِي لَا يَبِيعُهُ مَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ إِلَى شَيْءٍ أَيْ لَا يُبَدِّلُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِشَيْءٍ آخَرَ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ص: 1950

[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

2892 -

عَنْ مَعْمَرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ عُمَرَ رضي الله عنه " «كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ فِي بَابِ الْفَيْءِ» " إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ــ

(بَابُ الِاحْتِكَارِ)

هُوَ حَبْسُ الطَّعَامِ حِينَ احْتِيَاجِ النَّاسِ بِهِ حَتَّى يَغْلُوَ

2892 -

(عَنْ مَعْمَرٍ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ مَعَ سُكُونِ مُهْمَلَةٍ بَيْنَهُمَا أَيِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» ) بِالْهَمْزِ أَيْ عَاصٍ آثِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الِاحْتِكَارُ الْمُحَرَّمُ هُوَ فِي الْأَقْوَاتِ خَاصَّةً بِأَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ وَلَا يَبِيعُهُ فِي الْحَالِ بَلْ يَدَّخِرُهُ لِيَغْلُوَ، فَأَمَّا إِذَا جَاءَ مِنْ قَرْيَتِهِ أَوِ اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ وَادَّخَرَهُ وَبَاعَهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فَلَيْسَ بِاحْتِكَارٍ وَلَا تَحْرِيمَ فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُ الْأَقْوَاتِ فَلَا يَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ فِيهِ بِكُلِّ حَالٍ اهـ. وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الِاحْتِكَارَ حَرَامٌ مِنَ الْمَطْعُومِ وَغَيْرِهِ، كَذَا

ص: 1950

ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ لَا يَحْتَكِرُ. (وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ فِي بَابِ الْفَيْءِ ") : أَيِ: الْغَنِيمَةِ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) : لِأَنَّ مُنَاسَبَتَهُ بِالْفَيْءِ ظَاهِرَةٌ وَكَانَ الْبَغَوِيُّ رحمه الله إِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا نَظَرًا إِلَى أَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِالْبَابِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ فِيهِ بَيَانَ أَنَّ حَبْسَ الطَّعَامِ لِنَفَقَةِ الْعِيَالِ لَيْسَ بِاحْتِكَارٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 1951

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

2893 -

عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

2893 -

(عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْجَالِبُ ") أَيِ: التَّاجِرُ (مَرْزُوقٌ) : أَيْ: يَحْصُلُ الرِّبْحُ مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ (وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ) : أَيْ: آثِمٌ بَعِيدٌ عَنِ الْخَيْرِ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ الْبَرَكَةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: " قُوبِلَ الْمَلْعُونِ بِالْمَرْزُوقِ وَالْمُقَابِلُ الْحَقِيقِيُّ مَرْحُومٌ أَوْ مَحْرُومٌ لِيَعُمَّ، فَالتَّقْدِيرُ التَّاجِرُ مَرْحُومٌ وَمَرْزُوقٌ لِتَوْسِعَتِهِ عَلَى النَّاسِ وَالْمُحْتَكِرُ مَحْرُومٌ وَمَلْعُونٌ لِتَضْيِيقِهِ عَلَيْهِمْ ". (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» ".

ص: 1951

2894 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ، بِدَمٍ وَلَا مَالٍ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

2894 -

(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: غَلَا السِّعْرُ) : أَيِ: ارْتَفَعَتِ الْقِيمَةُ (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) : أَيْ: فِي زَمَانِهِ (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! سَعِّرْ لَنَا) : أَمْرٌ مِنَ التَّسْعِيرِ وَهُوَ مِنْ وَضْعِ السِّعْرِ عَلَى الْمَتَاعِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: " السِّعْرُ الْقِيمَةُ لِيَشِيعَ الْبَيْعُ فِي الْأَسْوَاقِ بِهَا ". قِيلَ: " سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَرْتَفِعُ وَالتَّرْكِيبُ لِمَا ارْتَفَعَ وَالتَّسْعِيرُ تَقْدِيرُهَا ". (فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ) : بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمَكْسُورَةِ (الْقَابِضُ الْبَاسِطُ) : سَبَقَ مَعْنَاهُمَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى (الرَّازِقُ) : وَفِي نُسْخَةٍ " الرَّزَّاقٌ " بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: قَوْلُهُ: " إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ " إِلَخْ جَوَابٌ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيلِ لِلِامْتِنَاعِ عَنِ التَّسْعِيرِ جِيءَ بِإِنِّ، وَضَمِيرِ الْفَصْلِ مِنِ اسْمِ إِنَّ، وَالْخَبَرِ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ لِيَدُلَّ عَلَى التَّوْكِيدِ وَالتَّخْصِيصِ، ثُمَّ رُتِّبَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَوَالِيَةِ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ، وَكَوْنُهُ قَابِضًا عِلَّةٌ لِغَلَاءِ السِّعْرِ، وَكَوْنُهُ بَاسِطًا لِرُخْصِهِ، وَكَوْنُهُ رَازِقًا يُقَتِّرُ الرِّزْقَ عَلَى الْعِبَادِ وَيُوَسِّعُهُ، فَمَنْ حَاوَلَ التَّسْعِيرَ فَقَدْ عَارَضَ اللَّهَ وَنَازَعَهُ فِيمَا يُرِيدُهُ وَيَمْنَعُ الْعِبَادَ حُقُوقَهَمْ مِمَّا أَوْلَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ وَإِلَى الْمَعْنَى الْأَخِيرِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (بِمَظْلِمَةٍ) : بِكَسْرِ اللَّامِ ; مَا أُخِذَ مِنْكَ ظُلْمًا كَذَا ذَكَرَهُ، وَفِي الْمُغْرِبِ: الْمَظْلِمَةُ: الظُّلْمُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ:" وَهَذَا مَظْلِمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ " اسْمٌ لِلْمَأْخُوذِ فِي قَوْلِهِمْ: عِنْدَ فُلَانٍ مَظْلِمَتِي وَظَلَامِي، أَيْ: حَقِّي الَّذِي أُخِذَ مِنِّي ظُلْمًا (بِدَمٍ) : بَدَلٌ مِنْ مَظْلِمَةٍ (وَلَا مَالٍ) : قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: جِيءَ بِلَا النَّافِيَةِ لِلتَّوْكِيدِ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرٍ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ هَذَا التَّسْعِيرُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَظْلُومِ وَهُوَ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنَّمَا أُتِيَ بِمَظْلِمَةٍ تَوْطِئَةً لَهُ، قَالَ الْقَاضِي:" قَوْلُهُ: إِنِّي لَأَرْجُو إِلَخْ ; إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنَ التَّسْعِيرِ مَخَافَةُ أَنْ يَظْلِمَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنَّ التَّسْعِيرَ تَصَرُّفٌ فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا فَيَكُونُ ظُلْمًا، وَمِنْ مَفَاسِدِ التَّسْعِيرِ تَحْرِيكُ الرَّغَبَاتِ وَالْحَمْلُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنِ الْبَيْعِ وَكَثِيرًا مَا يُؤَدِّي إِلَى الْقَحْطِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: "«إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ الْمُسَعِّرُ وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ أَنْ أَلْقَى وَلَا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلِمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» ". وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 1951