المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

دِينَارٍ ذَهَبًا ثُمَّ صَبَّ الدَّنَانِيرَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ فَتَكَلَّمَ خَالِدُ - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ]

- ‌[بَابُ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]

- ‌[بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[بَابٌ الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[بَابُ الْحَلْقِ]

- ‌[بَابٌ فِي تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابٌ خُطْبَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالتَّوْدِيعُ]

- ‌[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ]

- ‌[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَفَوْتِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلَالِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِفْلَاسِ وَالْإِنْظَارِ]

- ‌[بَابُ الشِّرْكَةِ وَالْوِكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالشِّرْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَطَايَا]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ النَّظَرِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَاسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُقُوقِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

- ‌[بَابٌ فِي كَوْنِ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةٍ مُؤْمِنَةً]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الفصل: دِينَارٍ ذَهَبًا ثُمَّ صَبَّ الدَّنَانِيرَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ فَتَكَلَّمَ خَالِدُ

دِينَارٍ ذَهَبًا ثُمَّ صَبَّ الدَّنَانِيرَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ فَتَكَلَّمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْتُ إِلَى مَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَزَوَّجْتُهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سَيْفَانَ فَبَارَكَ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَفَعَ الدَّنَانِيرَ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَقُومُوا فَقَالَ اجْلِسُوا فَإِنَّ سُنَّةَ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا تَزَوَّجُوا أَنْ يُؤْكَلَ طَعَامٌ عَلَى التَّزْوِيجِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلُوا ثُمَّ تَفَرَّقُوا» . أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الصَّفْوَةِ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَخَالِدٌ هَذَا هُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا وَكَانَ أَبُو سَيْفَانَ أَبُوهَا حَالَ نِكَاحِهَا مُشْرِكًا مُحَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، اهـ. وَمِنْ كَلَامِ النَّجَاشِيِّ:" مَا أَحَبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا - أَيْ جَبَلًا - وَإِنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ".

ص: 2103

3209 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكَانَ صَدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامَ أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنْ أَسْلَمْتَ نَكَحْتُكَ فَأَسْلَمَ فَكَانَ صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

ــ

3209 -

(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ زَيْدُ بْنُ السَّهْلِ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ الْمَذْكُورِينَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ خِلَافٍ» "، تَزَوَّجَهَا مَالِكُ بْنُ النَّضْرِ أَبُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَلَدَتْ لَهُ أَنَسًا ثُمَّ قُتِلَ عَنْهَا مُشْرِكًا وَأَسْلَمَتْ. (أُمَّ سُلَيْمٍ) : بِالتَّصْغِيرِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هِيَ بِنْتُ مِلْحَانَ وَفِي اسْمِهَا خِلَافٌ تَزَوُّجَهَا مَالِكُ بْنُ النَّضْرِ أَبُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَلَدَتْ لَهُ أَنَسًا ثُمَّ قُتِلَ عَنْهَا مُشْرِكًا وَأَسْلَمَتْ فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ وَدَعَتْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَزَوَّجُكَ وَلَا آخُذُ مِنْكَ صَدَاقًا لِإِسْلَامِكَ فَتَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ (فَكَانَ صَدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامَ) : بِرَفْعِهِ أَوْ نَصْبِهِ (أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنْ أَسْلَمْتَ فَقَدْ نَكَحْتُكُ) : أَيْ: تَزَوَّجْتُكَ وَلَمْ آخُذْ مِنْكَ مَهْرًا (فَأَسْلَمَ فَكَانَ) : وَفِي نُسْخَةٍ " وَكَانَ " - أَيِ الْإِسْلَامُ - (صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا) : أَيْ: فَوَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقِهَا وَوَهَبَتْهُ إِيَّاهُ بِسَبَبِ إِسْلَامِهِ عَلَى مُقْتَضَى وَعْدِهَا فَكَانَ الْإِسْلَامُ صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ نِكَاحٍ، فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الدِّينِيَّةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا لِلْبُضْعِ، وَأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، قُلْتُ: هَذَا حَمْلٌ بَعِيدٌ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ الدِّينِيَّةَ مَا لَا يَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] وَبِالْإِجْمَاعِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الدِّينِيَّةِ اسْمُ الْمَالِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِالْحَالِ. (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ) .

ص: 2103

[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلِ

3210 -

عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

(بَابُ الْوَلِيمَةِ)

وَهِيَ الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ الْعُرْسِ.

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

3210 -

(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) : أَيْ: عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ (أَثَرَ صُفْرَةٍ) : أَيْ: مِنَ الزَّعْفَرَانِ (قَالَ: مَا هَذَا) : أَيْ: سَبَبُهُ أَوْ مَا هَذَا الصَّفَارُ (قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً) : قَالَ الطِّيبِيُّ: سُؤَالٌ عَنِ السَّبَبِ فَلِذَا أَجَابَ بِمَا أَجَابَ، وَيَحْتَمِلُ الْإِنْكَارَ بِأَنَّهُ كَانَ نُهِيَ عَنِ التَّضَمُّخِ بِالْخَلُوقِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ

ص: 2103

تَضَخُّمًا بَلْ شَيْءٌ عَلَقَ بِهِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْعَرُوسِ أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ ( «عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ» ) : وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: " كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا " قَالَ: عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ الْقَاضِي: النَّوَاةُ اسْمٌ لِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ كَمَا أَنَّ النَّشَّ لِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَالْأُوقِيَّةَ اسْمٌ لِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عَلَى ذَهَبٍ يُسَاوِي قِيمَتُهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمٍ، وَهُوَ لَا يُسَاعِدُهُ اللَّفْظُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنَّوَاةِ نَوَاةُ التَّمْرِ، اهـ. وَالْأَخِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ أَيْ مِقْدَارُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَهُوَ سُدُسُ مِثْقَالٍ تَقْرِيبًا وَقَدْ يُوجِدُ بَعْضُ النَّوَى أَنْ يَكُونَ رُبُعَ مِثْقَالٍ أَوْ أَقَلَّ، وَقِيمَتُهُ تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَمَعْنَاهُ عَلَى مِقْدَارِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَزْنًا مِنَ الذَّهَبِ يَعْنِي ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ وَنِصْفًا ذَهَبًا. (قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ) : أَيْ: فِي زَوَاجِكَ فِيهِ نَدْبُ الدُّعَاءِ لِلزَّوْجِ. (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) : أَيِ: اتَّخِذْ وَلِيمَةً، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَمَسِّكَ بِظَاهِرِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِهَا وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ، قِيلَ: إِنَّهَا تَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقِيلَ: عِنْدَ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: عِنْدَهُمَا وَاسْتَحَبَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَنْ تَكُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّيْخَانِ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ أَنَسٍ وَالْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

ص: 2104

3211 -

وَعَنْهُ قَالَ: «مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ أَوْلَمَ بِشَاةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

3211 -

(وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَنَسٍ (قَالَ مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ) : أَيْ: مِثْلَ مَا أَوْ قَدْرَ مَا أَوْلَمَ وَمَا إِمَّا مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَمَا الْأُولَى نَافِيَةٌ وَالْمَعْنَى أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ أَكْثَرَ مِمَّا أَوْلَمَ عَلَى نِسَائِهِ (أَوْلَمَ بِشَاةٍ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَوْ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي الْمَوَاهِبِ وَأَمَّا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ هَاشِمٍ «فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَهَا مِنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ اذْهَبْ فَأَذْكُرْنِي لَهَا، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَجَعَلْتُ ظَهْرِي إِلَى الْبَابِ فَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُكِ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُحْدِثَ شَيْئًا حَتَّى أَوَامِرَ رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدٍ لَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: حَرَّمَ مُحَمَّدٌ نِسَاءَ الْوَلَدِ وَقَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ آبَاؤُكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَكَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَسَمَّاهَا عليه الصلاة والسلام زَيْنَبَ، وَعَنْ أَنَسٍ «لَمَّا تَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعَا الْقَوْمَ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَإِذَا هُوَ عليه الصلاة والسلام يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ وَقَامَ مَنْ قَامَ وَقَعَدَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمُ انْطَلَقُوا فَجَاءَ حِينَ دَخَلَ فَذَهَبْتُ لِأَدْخُلَ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الْآيَةَ، اهـ» . وَقِصَّتُهَا طَوِيلَةٌ مَحَلُّ بَسْطِهَا كُتُبُ التَّفَاسِيرِ وَالسِّيَرِ.

ص: 2104

3212 -

وَعَنْهُ قَالَ: «أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

3212 -

(وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَنَسٍ (قَالَ: «أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَأَشْبَعَ النَّاسَ» ) : أَيِ: الَّذِينَ حَضَرُوا (خُبْزًا وَلَحْمًا) : وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَرِيدًا أَوْ غَيْرَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ص: 2104

3213 -

وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

3213 -

وَعَنْهُ أَيْ عَنْ أَنَسٍ (قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَانَتْ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. ( «وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» ) : قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: هَذَا مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا بِمَهْرٍ. قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَنَسَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ جَمَاعَةٌ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ خَوَاصِّهِ كَمَا كَانَ النِّكَاحُ يَنْفِي الْمَهْرَ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَكَانَتْ هَذِهِ فِي مَعْنَى الْمَوْهِبَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِيمَنْ يُعْتِقُ أَمَةً ثُمَّ يَنْكِحُهَا. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: إِذَا أَعْتَقَ أَمَةً وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا كَأَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَكِ بِعِوَضِ الْعِتْقِ، فَقَبِلَتْ، صَحَّ الْعِتْقُ وَهِيَ بِالْخِيَارِ فِي تَزَوُّجِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، قُلْنَا: نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - يُعَيِّنُ الْمَالَ فَإِنَّهُ بَعْدَ عَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ أَحَلَّ مَا وَرَاءَهُنَّ مُقَيِّدًا بِالِابْتِغَاءِ بِالْمَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] الْآيَةَ. وَقَوْلُ الرَّاوِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمَهْرِ يَعْنِي أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَ الْعِتْقِ وَالتَّزَوُّجِ بِلَا مَهْرٍ جَائِزٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ. وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمِلٌ لَفْظَ الرَّاوِي فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ دَفَعًا لِلْمُعَارَضَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ، وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَلْزَمْنَاهَا بِقِيمَتِهَا، اهـ كَلَامُ الْمُحَقِّقِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الصَّدَاقُ عَلَى الدَّفْعِ الْمُعَجَّلِ الْمَوْضُوعِ لِلْأُلْفَةِ وَزِيَادَةِ الْمَحَبَّةِ وَهُوَ مُقَدَّمَةُ الصَّدَاقِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهَا مَجَازًا (وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: مِنَ التَّمْرِ وَالسَّوِيقِ وَالسَّمْنِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِمَا سَيَأْتِي مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2105

3214 -

وَعَنْهُ قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ وَمَا كَانَ لَهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

3214 -

(وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَنَسٍ ( «قَالَ أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ» ) : وَهُوَ حِصْنٌ مَشْهُورٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِتَأْنِيثِ الْبُقْعَةِ أَوِ الْقَلْعَةِ وَلِلْعَلَمِيَّةِ ( «ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ» ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كَانَ الظَّاهِرُ بَنَى عَلَى صَفِيَّةَ أَوْ بَنَى (بِصَفِيَّةَ) : فَلَعَلَّ الْمَعْنَى يُبْنَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِبَاءٌ جَدِيدٌ مَعَ صَفِيَّةَ أَوْ بِسَبَبِهَا، اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْجَارَّ الْأَوَّلَ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ، ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِحِكَايَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ وَادِّعَاءِ كَمَالِ اسْتِحْضَارِ الْقَضِيَّةِ كَأَنَّهُ نُصْبَ عَيْنِ الرَّاوِي، رُوِيَ أَنَّهُ بَنَى بِهَا صلى الله عليه وسلم بِالصَّهْبَاءِ ( «فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ» ) : أَيْ: بِأَمْرِهِ ( «وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ» ) : مِنْ لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَلَا مَزِيدَةٌ ( «وَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ أَمَرَ» ) : أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (بِالْأَنْطَاعِ) : جَمْعُ النِّطْعِ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْأَدِيمِ أَرَادَ بِهَا السَّفَرَ ( «فَبُسِطَتْ فَأَلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالسَّمْنُ» ) : أَيِ: الْمُرَكَّبُ مِنْهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَيْسِ قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: قَوْلُهُ " وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ " بَعْدَ قَوْلِهِ " «وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ» " إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ طَعَامِ أَهْلِ التَّنَعُّمِ وَالتَّتَرُّفِ بَلْ مِنْ طَعَامِ أَهْلِ التَّقَشُّفِ مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَجْمُوعِ الْحَيْسُ. قُلْتُ: يَتَعَيَّنُ هَذَا الْمَعْنَى لِمَا سَبَقَ مِنَ الْحَدِيثِ وَفِي بَسْطِ الْأَنْطَاعِ إِيذَانًا بِكَثْرَةِ هَذَا الْجِنْسِ مِنَ الطَّعَامِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَفِي الْمَوَاهِبِ: «أَمَّا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ فَكَانَتْ تَحْتَ كِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ قَالَ: أَنَسٌ لَمَّا افْتَتَحَ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَجَمَعَ السَّبْيَ جَاءَهُ دِحْيَةُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً. فَقَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ

ص: 2105

أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ، قَالَ: ادْعُوهُ، فَجَاءَ بِهَا قَالَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا، قَالَ: وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: نَفْسَهَا أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصْبَحَ صلى الله عليه وسلم عَرُوسًا، فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَلْيَجِئْ بِهِ قَالَ فَبَسَطَا نِطْعًا فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْأَقِطِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ فَحَاسُوا حَيْسًا فَكَانَتْ وَلِيمَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، وَفِي رِوَايَةٍ:«فَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَوِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ؟ قَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا رَأَيْنَا جُدُرَ الْمَدِينَةِ هَشَشْنَا إِلَيْهَا فَرَفَعْنَا مَطَايَانَا وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَطِيَّتَهُ قَالَ وَصَفِيَّةُ خَلْفَهُ قَدْ أَرْدَفَهَا قَالَ فَعَثَرَتْ مَطِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصُرِعَ وَصُرِعَتْ، قَالَ: فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَيْهَا حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَتَرَهَا، قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَخَرَجَتْ جَوَارِي نِسَائِهِ يَتَرَاءَيْنَهَا، وَيَشْتُمْنَ بِصَرْعَتِهَا» وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَتَى بِصَفِيَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَأَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا وَأَنَّ بِلَالًا مَرَّ بِهَا يَوْمَ الْمَقْتُولِينَ وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهَا فَتَرْجِعَ إِلَى مَنْ بَقِيَ مَنْ أَهْلِهَا أَوْ تُسْلِمَ فَيَتَّخِذَهَا لِنَفْسِهِ فَقَالَتْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَخْرَجَ تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا هَلْ لَكِ فِيَّ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَتَمَنَّى ذَلِكَ فِي الشِّرْكِ فَكَيْفَ إِذَا مَكَّنَنِي اللَّهُ فِي الْإِسْلَامِ» ؟ وَأَخْرَجَ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَمْرٍو: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً فَقَالَ مَا هَذِهِ الْخُضْرَةُ، فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَرَأَيْتُ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنِّينَ مُلْكَ يَثْرِبَ» .

ص: 2106

3215 -

وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ «أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

3215 -

(وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ) : أَيِ: الْحَجَبِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي رُؤْيَتِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ إِنَّهَا لَمْ تَرَهُ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ( «قَالَتْ أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» ) : أَيْ: سَوِيقًا قَالَ السُّيُوطِيُّ رحمه الله لَعَلَّهَا أُمُّ سَلَمَةَ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَفِي الْمَوَاهِبِ: أَمَّا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ هِنْدُ وَقِيلَ رَمْلَةُ، فَكَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَكَانَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، «وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَمِعَتْهُ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا "، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إِلَيَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ: فَخَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَبَتْ وَخَطَبَهَا عُمَرُ فَأَبَتْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ إِنَّ فِيَّ خِلَالًا ثَلَاثًا أَنَا امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، وَأَنَا امْرَأَةٌ لَيْسَ لِي هُنَا أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي فَيُزَوِّجَنِي، فَغَضِبَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ غَضَبٍ مِمَّا غَضِبَ لِنَفْسِهِ حِينَ رَدَّتْهُ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ غَيْرَتِكِ فَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُذْهَبَهَا عَنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ صِبْيَتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِيهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَتِ إِنَّ أَوْلِيَائَكِ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكَ يَكْرَهُنِي، فَقَالَتْ: لِابْنِهَا زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَهُ» ، قَالَ صَاحِبُ السَّقْطِ الثَّمِينِ: رَوَاهُ بِهَذَا السِّيَاقِ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَصَاحِبُ الصَّفْوَةِ، وَخَرَّجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ طُرُقًا مِنْهُ، وَمَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ، اهـ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِابْنَ يَلِي الْعَقْدَ عَلَى أُمِّهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَأَوَّلُوهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا زَوَّجَهَا بِالْعُصُوبَةِ ; لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا.

ص: 2106

3216 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ.

ــ

3216 -

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ) : أَيْ: كَالْعَقِيقَةِ وَالْخِتَانِ، وَالظَّاهِرُ إِنَّ " عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ " مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي أَوْ نَقْلٌ بِالْمَعْنَى، فَتَأَمَّلْ، فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ:" «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «أَوْ مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ» ". قِيلَ إِجَابَةُ الْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ فَيَأْثَمُ التَّارِكُ بِلَا عُذْرٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ". وَقِيلَ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا فِي الْحُضُورِ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَنَدْبٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا وَأَمَّا إِجَابَةُ غَيْرِ الْوَلِيمَةِ فَنَدْبٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ» ". كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَابْنُ الْمَلَكِ قَالَا: وَمِنَ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ يُخَصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ أَوْ هُنَاكَ مَنْ يُتَأَذَّى بِحُضُورِهِ أَوْ لَا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ أَوْ يُدْعَى لِدَفْعِ شَرِّهِ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ أَوْ هُنَاكَ مَنْهِيٌّ كَالْخَمْرِ أَوِ اللَّهْوِ أَوْ فَرْشِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَخْلُو مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ إِنْ لَمْ تَكُنْ كُلُّهَا مَوْجُودَةً وَلِهَذَا قَالَتِ الصُّوفِيَّةُ: حَلَّتِ الْعُزْلَةُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَجَبَتْ فَإِنَّ مَنِ اخْتَارَ الْعُزْلَةَ اخْتَارَ الْعُزْلَةَ.

ص: 2107

3217 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3217 -

(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ» ) : أَيْ: عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ (فَلْيُجِبْ) : أَيْ: فَلْيَحْضُرْ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: قِيلَ: الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَهَذَا فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَنْ كَانَ الطَّرِيقُ بَعِيدًا يَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِالتَّخَلُّفِ عَنِ الْإِجَابَةِ. قِيلَ: وَمِنَ الْأَعْذَارِ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى الدَّاعِي فَيَتْرُكُهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّدْبِ (وَإِنْ شَاءَ طَعِمَ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: أَكَلَ (وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) : أَيِ: الْأَكْلَ وَالطَّعَامَ غَيْرَ مَأْكُولٍ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» " وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَفْظُهُ " فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ " بَدَلَ قَوْلِهِ " فَلْيُصَلِّ "، وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ:" «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ» " اهـ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ يَعْتَذِرُ أَوَّلًا فَإِنْ أَبَى فَلْيَحْضُرْ وَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ.

ص: 2107

3218 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

3218 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرُّ الطَّعَامِ» ) : قَالَ الْقَاضِي: أَيْ مِنْ شَرِّ الطَّعَامِ فَإِنَّ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكُونُ شَرًّا مِنْهُ، وَنَظِيرُهُ " «شَرُّ النَّاسِ مِنْ أَكَلَ وَحْدَهُ» ". ( «طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرُكُ الْفُقَرَاءُ» ) : الْجُمْلَةُ صِفَةُ الْوَلِيمَةِ قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا سَمَّاهُ شَرًّا لِمَا ذَكَرَهُ عَقِيبَهُ، فَإِنَّهُ الْغَالِبُ فِيهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا هَذَا، فَاللَّفْظُ وَإِنْ أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ عَقِيبَهُ وَكَيْفَ يُرِيدُ بِهِ الْإِطْلَاقَ وَقَدْ أَمَرَ بِاتِّخَاذِ الْوَلِيمَةِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي إِلَيْهَا، وَرَتَّبَ الْعِصْيَانَ عَلَى تَرْكِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّعْرِيفُ فِي الْوَلِيمَةِ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ، وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ مَرْضَاةُ الْأَغْنِيَاءِ فِيهَا وَتَخْصِيصُهُمْ بِالدَّعْوَةِ وَإِيثَارُهُمْ، وَتَطْيِيبُ الطَّعَامِ لَهُمْ، وَرَفْعُ مَجَالِسِهِمْ وَتَقْدِيمُهُمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْوَلَائِمِ. وَقَوْلُهُ " يُدْعَى. . . إِلَخِ " اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِكَوْنِهَا شَرَّ الطَّعَامِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ " مَنْ " لَأَنَّ الرِّيَاءَ شِرْكٌ خَفِيٌّ. (وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ) حَالٌ، وَالْعَامِلُ يَدْعِي - يَعْنِي يَدْعِي - بِهَا الْأَغْنِيَاءَ، وَالْحَالُ أَنَّ الْإِجَابَةَ وَاجِبَةٌ، فَيُجِيبُ الْمَدْعُوُّ وَيَأْكُلُ شَرَّ الطَّعَامِ، اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ ضُرُّ الطَّعَامِ لِذَاتِهِ بَلْ لِمَنْ يَعْرِضُ لَهُ غَالِبًا مِنْ سُوءِ حَالَاتِهِ وَصِفَاتِهِ (وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ) : أَيْ: إِجَابَتَهَا مِنْ غَيْرِ مَعْذِرَةٍ (قَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) : وَإِنَّمَا عَصَى اللَّهَ لِأَنَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوهُ عَلَى تَأْكِيدِ الِاسْتِحْبَابِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْهُ بِلَفْظٍ " «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ".

ص: 2107

3219 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ فَصَنَعَ لَهُ طُعَيْمًا ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا شُعَيْبٍ إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ قَالَ: لَا بَلْ أَذِنْتُ لَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

3219 -

(وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى) : بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ فِي الْقَامُوسِ كَنَى بِهِ كِنْيَةً بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ سَمَّاهُ كَأَكْنَاهُ وَكَنَّاهُ فَقَوْلُهُ (أَبَا شُعَيْبٍ) : مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي (كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ) : بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ بَائِعُ اللَّحْمِ كَتَمَّارٍ وَهُوَ مُبَالَغَةُ لَحِمَ فَاعِلٌ لِلنِّسْبَةِ كَلَابِنٍ وَتَامِرٍ (فَقَالَ اصْنَعْ لِي) : أَيْ: لِأَجْلِ أَمْرِي (طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً) : أَيْ: خَمْسَةَ رِجَالٍ (لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم) : لِمَعْرِفَتِهِ أَثَرَ الْجُوعِ فِي وَجْهِهِ (خَامِسَ خَمْسَةٍ) : حَالٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْ وَاحِدًا مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ بَابِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ (فَصَنَعَ لَهُ) : أَيْ: عَبْدَهُ لَهُ أَوْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النِّسْبَةِ الْمَجَازِيَّةِ (طُعَيْمًا) : بِالتَّصْغِيرِ أَيْ طَعَامًا لَطِيفًا (ثُمَّ أَتَاهُ) : أَيْ: جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (فَدَعَاهُ) : أَيْ: وَأَصْحَابَهُ الْأَرْبَعَةَ (فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم) : أَيْ: عِنْدَ الْوُصُولِ إِلَى بَيْتِهِ (يَا أَبَا شُعَيْبٍ إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا) : أَيْ: فِي الطَّرِيقِ (فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ) : أَيْ: فِي الدُّخُولِ (وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ) : أَيْ: عَلَى الْبَابِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ بِتَرْكِ الْإِذْنِ (قَالَ لَا) : أَيْ: لَا أَتْرُكُهُ (بَلْ أَذِنْتُ لَهُ) : فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ فِي ضِيَافَةِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلضَّيْفِ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ فِي الْإِتْيَانِ مَعَهُ إِلَّا بِأَمْرٍ صَرِيحٍ أَوْ إِذْنٍ عَامٍّ أَوْ عِلْمٍ بِرِضَاهُ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ طَعَامُ الضِّيَافَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ إِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ غَيْرَهُ وَإِنْ شَاءَ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَمَّا إِذَا جَلَسَ عَلَى مَائِدَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَحْمِلُ شَيْئًا وَلَا يُقَدِّمُ غَيْرَهُ مِنْهَا، وَقَدِ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُنَاوِلَ أَهْلُ الْمَائِدَةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا شَيْئًا فَإِنْ كَانُوا عَلَى مَائِدَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ مَنْ قَدَّمَ إِلَى رَجُلٍ طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى التَّمْلِيكِ إِنَّ لَهُ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِذَا شَاءَ، قَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا لِلضَّيْفِ أَنْ يَدْعُوَ أَحَدًا بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُضِيفِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَسْتَأْذَنَ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُضِيفِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ إِلَّا إِنْ تَرَتَّبَ عَلَى حُضُورِهِ مُفْسِدَةٌ مِنْ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ، وَإِذَا رَدَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَلَطَّفَ بِهِ وَلَوْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ إِنْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ، لِيَكُونَ رَدًّا جَمِيلًا كَانَ حَسَنًا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2108

الْفَصْلُ الثَّانِي

3220 -

عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقِ التَّمْرِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

3220 -

(عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» ) : تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِحَيْسٍ وَجُمِعَ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْوَلِيمَةِ كِلَاهُمَا فَأَخْبَرَ كُلُّ رَاوٍ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ص: 2108

3221 -

وَعَنْ سَفِينَةَ «أَنَّ رَجُلًا ضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لَوْ دَعَوْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَنَا فَدَعَوْهُ فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى عِضَادَتَيِ الْبَابِ فَرَأَى الْقِرَامَ قَدْ ضُرِبَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَرَجَعَ قَالَتْ فَاطِمَةُ فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَدَّكَ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِي أَوْ لِنَبِيٍّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ

ــ

3221 -

(وَعَنْ سَفِينَةَ) : هُوَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ (أَنَّ رَجُلًا ضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ) : أَيْ: صَارَ ضَيْفًا لَهُ يُقَالُ: ضَافَهُ ضَيْفٌ: أَيْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ (فَصَنَعَ) : أَيْ: عَلِيٌّ (لَهُ) : أَيْ: لِلضَّيْفِ (طَعَامًا) : وَقَالَ الْمُظْهِرُ: أَيْ صَنَعَ طَعَامًا وَأَهْدَى - أَيْ عَلِيٌّ - إِلَّا أَنَّهُ دَعَا عَلِيًّا إِلَى بَيْتِهِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَكَانَ الْمُظْهِرُ وَهِمَ أَنَّ ضَافَ بِمَعْنَى أَضَافَ أَوْ كَانَ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَإِلَّا فَفِي اللُّغَةِ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا يُقَالُ ضَافَ الرَّجُلَ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفًا، وَأَضَافَ الرَّجُلُ وَضَيَّفَهُ إِذَا نَزَّلْتَهُ ضَيْفًا لَكَ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: ضَافَهُ ضَيْفًا كَبَاعَهُ إِذَا نَزَلَ عِنْدَهُ وَأَضَفْتُهُ إِذَا أَنْزَلْتَهُ وَقَرَّبْتَهُ وَفِي الْقَامُوسِ ضِفْتُهُ أُضِيفُهُ ضَيْفًا وَضِيَافَةً

ص: 2108

بِالْكَسْرِ نَزَلْتَ عَلَيْهِ ضَيْفًا وَفِي النِّهَايَةِ ضَفْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَزَلْتَ بِهِ فِي ضِيَافَتِهِ وَأَضَفْتُهُ إِذَا أَنْزَلْتَهُ ( «فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها لَوْ دَعَوْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -) : أَيْ: لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَبْرَكَ وَأَيْمَنَ، أَوْ " لَوْ " لِلتَّمَنِّي ( «فَدَعَوْهُ وَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى عِضَادَتَيِ الْبَابِ» ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُمَا الْخَشَبَتَانِ الْمَنْصُوبَتَانِ عَلَى جَنَبَتَيْهِ (فَرَأَى الْقِرَامَ) : بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ ثَوْبٌ رَقِيقٌ مِنْ صُوفٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ الْعُهُونِ وَرُقُومٌ وَنُقُوشٌ يُتَّخَذُ سِتْرًا يُغَشَّى بِهِ الْأَقْمِشَةُ وَالْهَوَادِجُ (قَدْ ضُرِبَ) : أَيْ: نُصِبَ (فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَرَجَعَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَدَّكَ) : أَيْ: عَنِ الدُّخُولِ عَلَيْنَا وَالنُّزُولِ عِنْدَنَا (قَالَ إِنَّهُ) : أَيِ: الشَّأْنُ (لَيْسَ لِي) : أَيْ: بِالْخُصُوصِ أَوْ لِي وَأَمْثَالِي (أَوْ لِنَبِيٍّ) : أَيْ: عَلَى الْعُمُومِ ( «أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا» ) : بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ مُزَيَّنًا بِالنُّقُوشِ، وَأَصْلُ التَّزْوِيقِ التَّمْوِيهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ: كَانَ ذَلِكَ مُزَيَّنًا مُنَقَّشًا وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ مُنَقَّشًا وَلَكِنْ ضَرْبٌ مِثْلُ حَجَلَةِ الْعَرُوسِ سُتِرَ بِهِ الْجِدَارُ وَهُوَ رُعُونَةٌ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْجَبَابِرَةِ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يُجَابُ دَعْوَةٌ فِيهَا مُنْكَرٌ، اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْكَرًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ نَبَّهَ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَنَّهُ تَرَكَ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا، وَهِيَ مُوجِبَةٌ لِنُقْصَانٍ الْأُخْرَى، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا تَخْصِيصُ النَّفْيِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) : وَرَوَى أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ لَيْسَ لِي أَنْ أَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا.

ص: 2109

3222 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ دَخَلَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

3222 -

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ دُعِيَ» ) : أَيْ: إِلَى طَعَامٍ (فَلَمْ يُجِبْ) : الْفَاءُ تُفِيدُ الْمُبَادَرَةُ ( «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ) : أَيْ: إِذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ( «وَمَنْ دَخَلَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ» ) : أَيْ: لِلْمُضِيفِ إِيَّاهُ (دَخَلَ سَارِقًا) : لِأَنَّهُ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَأْثَمُ كَمَا يَأْثَمُ السَّارِقُ فِي دُخُولِ بَيْتِ غَيْرِهِ ( «وَخَرَجَ مُغِيرًا» ) : أَيْ: نَاهِيًا غَاصِبًا، يَعْنِي: وَإِنْ أَكَلَ مِنْ تِلْكَ الضِّيَافَةِ فَهُوَ كَالَّذِي يُغِيرُ أَيْ يَأْخُذُ مَالَ أَحَدٍ غَصْبًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ أُمَّتَهُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ الْبَهِيَّةَ وَنَهَاهُمْ عَنِ الشَّمَائِلِ الدَّنِيَّةِ، فَإِنَّ عَدَمَ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَعْذِرَةِ يَدُلُّ عَلَى تَكَبُّرِ النَّفْسِ وَالرُّعُونَةِ وَعَدَمِ الْأُلْفَةِ وَالْمَوَدَّةِ، وَالدُّخُولَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ يُشِيرُ إِلَى حِرْصِ النَّفْسِ وَدَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَحُصُولِ الْمَذَلَّةِ وَالْمَهَانَةِ، فَالْخُلُقُ الْحَسَنُ هُوَ الِاعْتِدَالُ بَيْنَ الْخُلُقَيْنِ الْمَذْمُومَيْنِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

ص: 2109

3223 -

وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا اجْتَمَعَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

3223 -

(وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) : وَلِكَوْنِ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ عُدُولًا لَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الرَّاوِي مِنْهُمْ (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ الدَّاعِيَانِ» ) : أَيْ: مَعًا ( «فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا» ) : لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36]( «وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ» ) : أَيْ: لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَسْبَقَ بِسَبْقِ أَخْذِ الْعِلْمِ أَلْيَقُ وَبِجَوَابِ الْفَتْوَى أَحَقُّ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ) .

ص: 2109

3224 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ وَطَعَامُ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ وَمَنْ سَمَّعَ: سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

3224 -

(وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ) : أَيْ: فِي الْعُرْسِ (حَقٌّ) : أَيْ: ثَابِتٌ وَلَازِمٌ فِعْلُهُ وَإِجَابَتُهُ أَوْ وَاجِبٌ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَعَفَا فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ حَيْثُ يُسِيءُ بِتَرْكِهَا وَيَتَرَتَّبُ عِتَابٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْ عُقَابٌ (وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ) : يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالثَّانِي بَعْدَهُ (وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ) : بِضَمِّ السِّينِ أَيْ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ لِيُسْمِعَ النَّاسَ وَلِيُرَائِيَهُمْ فَفِيهِ تَغْلِيبُ السُّمْعَةِ عَلَى الرِّيَاءِ أَوِ اكْتِفَاءٌ إِذْ فِي التَّحْقِيقِ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا دَقِيقٌ (وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فِيهِمَا أَيْ: مَنْ شَهَرَ نَفْسَهُ بِكَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَخْرًا أَوْ رِيَاءً شَهَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ بِأَنَّهُ مُرَاءٍ كَذَّابٌ، بِأَنْ أَعْلَمَ اللَّهُ النَّاسَ بِرِيَائِهِ وَسُمْعَتِهِ، وَقَرَعَ بَابَ أَسْمَاعِ خَلْقِهِ فَيَفْتَضِحُ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِذَا حَدَّثَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِعَبْدٍ نِعْمَةً حَقَّ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ شُكْرًا. وَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ فِي الثَّانِي جَبْرًا لِمَا يَقَعُ مِنَ النُّقْصَانِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ مُكَمِّلَةٌ لِلْوَاجِبِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَلَيْسَ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَالْمَدْعُوُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ فِي الْأَوَّلِ، وَيُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي، وَيُكْرَهُ بَلْ يَحْرُمُ فِي الثَّالِثِ. اهـ. وَفِيهِ رَدٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَصْحَابِ مَالِكٍ رحمه الله حَيْثُ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ لِذَلِكَ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «طَعَامُ يَوْمٍ فِي الْعُرْسِ سُنَّةٌ وَطَعَامُ يَوْمَيْنِ فَضْلٌ وَطَعَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» ".

ص: 2110

3225 -

وَعَنْ عِكْرِمَةَ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.

ــ

3225 -

(وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ) : بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ أَيِ: الْمُتَفَاخِرَيْنِ (أَنْ يُؤْكَلَ) : بِهَمْزٍ وَيُبَدَّلُ، فِي النِّهَايَةِ الْمُتَبَارِيَانِ هُمَا: الْمُتَعَارِضَانِ بِفِعْلَيْهِمَا لَيْسَ أَنَّهُمَا يَغْلِبُهُ صَاحِبُهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُبَاهَاةِ وَالرِّيَاءِ، وَقَدْ دُعِيَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَلَمْ يُجِبْ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُدْعَوْنَ فَيُجِيبُونَ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِلْمُوَافَاةِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا مِنْكُمْ لِلْمُكَافَأَةِ وَالْمُبَاهَاةِ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما دُعِيَا إِلَى طَعَامٍ فَأَجَابَا فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ: لَقَدْ شَهِدْتُ طَعَامًا وَوَدَدْتُ أَنْ لَمْ أَشْهَدْ. قَالَ: مَا ذَاكَ؟ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ جُعِلَ مُبَاهَاةً. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : أَيْ: مَوْصُولًا وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ (وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ) : صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا) : وَفِي نُسْخَةٍ مُرْسَلٌ أَيْ: هُوَ مُرْسَلٌ أَيِ الصَّحِيحُ لَمْ يُذْكَرْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْنَدِهِ.

ص: 2110

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

3226 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْمُتَبَارِيَانِ لَا يُجَابَانِ وَلَا يُؤْكَلُ طَعَامُهُمَا» . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَعْنِي الْمُتَعَارِضَيْنِ بِالضِّيَافَةِ فَخْرًا وَرِيَاءً.

ــ

3226 -

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَبَارِيَانِ) : أَيِ: الْمُتَفَاخِرَانِ فِي الضِّيَافَةِ (لَا يُجَابَانِ) : أَيْ: لَا أَوَّلُهُمَا وَلَا آخِرِهُمَا لِفَسَادِ غَرَضِهِمَا وَسُوءِ قَصْدِهِمَا (وَلَا يُؤْكَلُ طَعَامُهُمَا) : أَيْ: لَوِ اتَّفَقَ الْحُضُورُ عِنْدَهُمَا أَيْ وَلَوْ أَرْسَلَاهُ إِلَى بَيْتِ أَحَدٍ زَجْرًا لَهُمَا (قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِمَعْنَى) : أَيْ: يُرِيدُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ الْمُتَبَارِيَانِ (الْمُتَعَارِضَيْنِ) : أَيِ: الْمُتَجَاوِبَيْنِ وَالْمُتَعَارِضَيْنِ (بِالضِّيَافَةِ فَخْرًا وَرِيَاءً) : أَيْ: لَا إِحْسَانًا ابْتِدَاءً وَلَا مُكَافَأَةً انْتِهَاءً.

ص: 2110