الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاملتهم بالعدل، مثل خزاعة، وغيرهم الذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك القتال.
ثم حدد الله تعالى موضع النهي في المعاملات، فقال:
{إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ، وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ، وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} أي إنما ينهاكم الله عن موالاة هؤلاء الذين عادوكم، وهم صناديد الكفر من قريش وأشباههم ممن هم حرب على المسلمين، وعاونوا الذين قاتلوكم وأخرجوكم على ذلك، وهم سائر أهل مكة ومن دخل معهم في عهدهم، ينهاكم الله عن اتخاذهم أولياء وأنصارا لكم، ويأمركم بمعاداتهم.
ثم أكد الوعيد على موالاتهم، فأبان أن من يتولهم ويناصرهم، فأولئك الذين ظلموا أنفسهم، لأنهم تولوا من يستحق العداوة، لكونه عدوا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكتابه.
ونظير الآية قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} [المائدة 51/ 5].
فقه الحياة أو الأحكام:
أبانت الآيتان أن للكفار من المسلمين موقفين: إما المسالمة وإما المعاداة.
وحددتا علاقة المسلمين بغيرهم في تلك الحالتين.
1 -
فيجوز برّهم وفعل الخير لهم، والحكم بينهم وبين غيرهم بالعدل إذا لم يقاتلوا في الدين أو الدنيا، ولم يخرجوا المؤمنين من ديارهم، ولم يعينوا على إخراجهم، فإن الله يحب العادلين ويأمر بالعدل مع جميع الناس، والعدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل.
وهؤلاء هم أهل العهد الذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك القتال، والمظاهرة (المعاونة) في العداوة، وهم خزاعة، كانوا عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يخرجوه، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالبر والوفاء إلى مدة أجلهم.
قال قتادة: كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال، ثم نسخ، نسختها آية:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة 5/ 9].
وقال أكثر أهل التأويل: هي محكمة غير منسوخة، بدليل إباحة صلة أسماء أمّها، كما تقدم
(1)
.
واستدل بهذه الآية بعض العلماء على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر، وأجيب بأن الإذن في الشيء أو ترك النهي عنه، لا يدل على وجوبه، وإنما يدل على الإباحة فقط.
2 -
ولا يجوز اتخاذ الأولياء والأنصار والأحباب من الذين قاتلوا المسلمين على الدين، وأخرجوهم من ديارهم، وعاونوا على إخراجهم، وهم مشركو أهل مكة، ومن يفعل ذلك بأن يواليهم، فأولئك هم الظلمة المستحقون للعقاب الشديد.
والخلاصة: لا ينهى الله عن مبرة الفريق الأول، وإنما ينهى عن تولي الفريق الثاني.
(1)
تفسير القرطبي: 59/ 18