الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما بلغ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قالوا: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا، وفينا سليمان الفارسي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء»
(1)
.
ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية، وعلى عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، لأنه فسر قوله تعالى:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} بفارس، ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى اتباع ما جاء به.
وروى ابن أبي حاتم عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب» ثم قرأ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} يعني من يأتي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم أبان الله تعالى أن الإسلام وبعثة محمد فضل منه ورحمة، فقال:{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} أي ذلك الإسلام والوحي وإعطاء النبوة العظيمة لمحمد صلى الله عليه وسلم فضل من الله يعطيه من يشاء من عباده، والله صاحب الفضل العظيم الذي لا يساويه فضل ولا يدانيه، وهو ذو المن العظيم على جميع خلقه في الدنيا بتعليم الكتاب والحكمة في الدنيا، وفي الآخرة بمضاعفة الجزاء على الأعمال.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي:
1 -
ينزه الله ويمجده ويقرّ بوجوده ووحدانيته وقدرته جميع الكائنات في السموات والأرض.
(1)
ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير.
2 -
الغاية من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم النبي الأمي ثلاثة أمور: هي تلاوة آيات القرآن التي فيها الهدى والرشاد، وجعل أمته أزكياء القلوب بالإيمان، مطهرين من دنس الكفر والذنوب ومفاسد الجاهلية، وتعليم القرآن والسنة وما فيهما من شرائع وأحكام وحكم وأسرار.
3 -
كانت أمة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في ضياع وشتات وذهاب عن الحق.
4 -
وجه الامتنان بجعل النبي صلى الله عليه وسلم نبيا أميا ثلاثة أسباب كما قال الماوردي:
أحدها-موافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء، الثاني-مماثلة حاله لأحوال أمته، فيكون أقرب إلى موافقتهم، الثالث-انتفاء سوء الظن عنه في تبليغه وتعليمه ما أوحي إليه من القرآن والأسرار.
5 -
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم غير خاصة بالعرب، وإنما هي عامة للناس جميعا في زمنه، وفي الأزمان اللاحقة إلى يوم القيامة:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} .
6 -
إن الإسلام والوحي وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده. ولله الفضل الدائم على الناس في غير ذلك كالمال الذي ينفق في الطاعة والصحة والمعونة المستمرة،
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدّثور
(1)
بالدرجات العلا والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون، ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أفلا أعلّمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبّحون
(1)
الدثور: الثياب والأمتعة والأموال الكثيرة.