الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما رزقناكم في سبيل الخير، شكرا على النعمة، ورحمة بالفقراء، ورعاية لمصلحة الأمة العامة، من قبل مجيء أسباب الموت ومشاهدة علاماته، فيقول الواحد منكم: هلا أمهلتني وأخّرت موتي إلى مدة أخرى قصيرة، فأتصدق بمالي، وأكن من الصالحين المستقيمين.
وهذا يدل على أن كل مفرط يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة، ولو شيئا يسيرا ليستدرك ما فاته، ولكن فات الأوان.
أخرج الترمذي وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له مال يبلّغه حج بيت الله، أو تجب عليه فيه الزكاة، فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت» ، فقال له رجل: يا ابن عباس:
اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكافر!! فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآنا:
{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها، وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} أي لن يؤخر الله أي نفس إذا حضر أجلها، وانقضى عمرها، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، فهو مجازيكم عليها، بالإحسان إحسانا، وبالإساءة سخطا وعذابا، وبعدا عن الرحمة والرضوان.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
وجوب الاشتغال بطاعة الله تعالى، كقراءة القرآن، وإدامة الذكر، وأداء الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وإتمام الحج، والقيام بجميع الفرائض.
2 -
عدم الاشتغال بتدبير الأموال والاهتمام بشؤون الأولاد عن أداء حقوق
الله، كما فعل المنافقون، إذ قالوا بسبب الشح بأموالهم: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن يشتغل بالمال والولد عن طاعة ربه، فأولئك هم الخاسرون.
3 -
قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ.} . يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلا، وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها، يجب أداؤها فورا.
والآية في العموم حث على الإنفاق الواجب خاصة، دون النفل، لأن الوعيد إنما يتعلق بالواجب دون النفل، وذلك إما مطلقا، وإما في طريق الجهاد، قبل فوات الأوان ومجيء أمارات الموت حين لا تقبل التوبة، ولا ينفع العمل، فيسأل الإنسان التأخير في الأجل لتدارك ما فات. وتشمل الآية على العموم الحج عند الجمهور القائلين بأنه على الفور. ولا تشمله عند الشافعية القائلين بأنه على التراخي.
4 -
قال ابن عباس في آية: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي.} .: هذه الآية أشدّ على أهل التوحيد، لأنه لا يتمنى الرجوع في الدنيا أو التأخير فيها أحد له عند الله خير في الآخرة. واستثنى العلماء الشهيد، فإنه يتمنى الرجوع حتى يقتل، لما يرى من الكرامة.
5 -
الله تعالى خبير بما يعمل العباد من خير وشر، لا تخفى عليه خافية، ويجازي كل امرئ بما عمل خيرا أو شرا.