الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكفر: وهو الستر والتغطية، ثم ذكر الرسول والإرسال ودين الحق، وكان الاعتراض عليه أولا من المشركين، ولأن أكثر الحاسدين للرسول صلى الله عليه وسلم من قريش، وهم المشركون. ولما كان النور أعم من الدين والرسول صلى الله عليه وسلم، ناسبه ذكر الكافرين الذين هم جميع مخالفي الإسلام، ولفظ الكافر أعم من لفظ المشرك، والرسول والدين أخص من النور، فناسبه ذكر المشركين الذين هم أخص من الكافرين
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
إن مخالفة أوامر الأنبياء والرسل موجبة لعقاب المخالفين، وقد أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يذكر لقومه العرب أنه لما أمر المؤمنون بالجهاد، فتثاقل بعضهم وتبرموا منه، كان حالهم كحال بني إسرائيل لما أمرهم موسى وعيسى بالتوحيد والجهاد في سبيل الله، خالفوا، فحل العقاب بمن خالف.
2 -
يريد الله الخير لعباده، ولا يضل أحدا بغير موجب، فلا يضل المهتدين، وإنما يضل الظالمين والفاسقين، ولما زاغ بنو إسرائيل (مالوا عن الحق) أزاغ الله قلوبهم، أي أمالها عن الهدى وعن الطاعة والإيمان والثواب.
3 -
نزل الإنجيل على عيسى عليه السلام متمما للتوراة التي نزلت على موسى عليه السلام، فلم يأتهم عيسى بشيء يخالف التوراة، فينفروا عنه، وقد بشرت التوراة بعيسى، وبشر عيسى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر منطقي، لأن رسالات الأنبياء صلوات الله عليهم كلهم يكمل بعضها بعضا، فهي من مصدر واحد، وذات غاية واحدة تنحصر في الدعوة إلى توحيد الله وعبادته والإيمان بالرسل والملائكة والكتب الإلهية واليوم الآخر.
(1)
تفسير الرازي: 315/ 29 - 316
4 -
سمى الله نبينا صلى الله عليه وسلم باسمه قبل أن يسمّي به نفسه، ومعنى (أحمد) أنه أحمد الحامدين لربه، والأنبياء عليهم السلام كلهم حامدون لله، ونبينا أحمد أكثرهم حمدا. ومحمد: هو الذي حمد مرة بعد مرة، واسمه صادق عليه، فهو محمود في الدنيا لما هدى إليه، ونفع به من العلم والحكمة، وهو محمود في الآخرة بالشفاعة، ثم إنه لم يكن محمدا حتى كان أحمد، حمد ربه فشرفه بالنوبة، فلذلك تقدم اسم (أحمد) على (محمد) في بشارة عيسى عليه السلام:{اِسْمُهُ أَحْمَدُ} .
وذكره موسى عليه السلام حين قال له ربه: تلك أمة أحمد، فقال: اللهم اجعلني من أمة محمد.
5 -
كل من عيسى ومحمد عليهما السلام لما جاء بالبينات أي المعجزات والأدلة على النبوة، قال المعارضون: هذا سحر مبين.
6 -
إن الكفر بعيسى ومحمد عليهما السلام بعد المعجزات التي ظهرت لهما، أمر يدعو إلى العجب، والكافرون برسالات الأنبياء، المنكرون لوجود الله، أو المشركون به أحدا من خلقه هم أظلم الناس على الإطلاق.
7 -
كل محاولات الكفرة لإبطال دين الله تعالى ومقاومة دعوة الإسلام بالإنكار والتكذيب خائبة خاسرة، ومثلهم في إرادة إبطال الحق مثل من أراد إطفاء نور الشمس بفيه، فوجده مستحيلا ممتنعا.
8 -
الله متم نوره بقدرته وتدبيره، ومعلن دينه بإظهاره في الآفاق، ولو كره الكافرون جميعا ذلك.
9 -
أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق والرشاد، ليعليه على جميع الأديان بالحجج، ولو كره المشركون قاطبة ذلك. وقال أبو هريرة:«ليظهره على الدين كله» بخروج عيسى. وحينئذ لا يبقى كافر إلا أسلم.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لينزلن ابن مريم حكما عادلا،