الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويودونهم، ويطلعونهم على أسرار المؤمنين، وهم في الواقع لا مع الكفار ولا مع المؤمنين، كما قال تعالى:{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ، لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} [النساء 143/ 4].
وقد أنذرهم الله بالعذاب، وأبان بواعث أفعالهم واستيلاء الشيطان على عقولهم، فهم أتباع الشيطان وأنصاره.
التفسير والبيان:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ، ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ} أي أخبرني عن حال هؤلاء المنافقين الذين تولوا اليهود ومالئوهم في الباطن، ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين، فموقفهم يستدعي التعجب، لذا سخط الله عليهم، وهم في الواقع، لا مع المؤمنين ولا مع اليهود، أي ليسوا في الحقيقة منكم أيها المؤمنون، ولا من الذين يوالونهم، وهم اليهود.
{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي واتخذوا الأيمان الكاذبة ستارا لهم، فهم يحلفون أنهم مسلمون، أو ما نقلوا الأخبار إلى اليهود، وهم يعلمون بطلان ما حلفوا عليه، وأنه كذب لا حقيقة له.
ثم أنذرهم تعالى بالعذاب الشديد، فقال:
{أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً، إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي هيأ الله لهم، وأرصد لهم على هذا الصنيع العذاب الأليم على أعمالهم السيئة، وهي موالاة الكافرين ونصحهم، ومعاداة المؤمنين وغشّهم، وساء ما فعلوا من الأعمال القبيحة في الزمان الماضي، مصرّين على سوء العمل.
{اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً، فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} أي أظهروا الإيمان، وأبطنوا الكفر، واتقوا بالأيمان الكاذبة، واتخذوها وقاية وسترا
لدمائهم، فخدع بهم بعض الناس الذين لا يعرفون حقيقة أمرهم، وظنوا صدقهم، فحصل بهذا صدّ عن سبيل الله، بأن منعوا الناس عن الإسلام بسبب ما يصدر عنهم من التثبيط، وتهوين أمر المسلمين، وتضعيف شوكتهم، فلهم عذاب يلازمه الذل والهوان في نار جهنم بسبب أيمانهم الكاذبة بالله تعالى، وفي مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة.
ثم ذكر الله تعالى مدى إفلاسهم يوم القيامة، فقال:
{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً، أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} أي لن تفيدهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله، شيئا من الإفادة، وأولئك الموصوفون بهذه الصفات هم أهل النار، لا يفارقونها، وماكثون فيها، لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً، فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ} أي اذكر لهم أيها النبي حين يبعثهم الله جميعا من قبورهم أحياء، ويحشرهم يوم القيامة عن آخرهم، فلا يغادر منهم أحدا، فيحلفون بالله عز وجل أنهم كانوا على الهدى والاستقامة، كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا، لأن من عاش على شيء مات عليه، وبعث عليه، ويظنون أن ذلك ينفعهم عند الله، كما كان ينفعهم عند الناس.
وهذا من شدة شقاوتهم، فإن الحقائق يوم القيامة قد انكشفت.
{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ} أي ويظنون في الآخرة أنهم بتلك الأيمان الكاذبة على شيء مما يجلب نفعا أو يدفع ضررا، كما كانوا يظنون ذلك في الدنيا، ألا إنهم بهذا التصور هم الكاذبون أشد الكذب فيما يحلفون عليه.
وحال هؤلاء كما أخبر الله تعالى عن المشركين حيث يقول: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ