الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول الآية (10):
{إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ} : أخرج ابن جرير عن قتادة قال: كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين، ويكبر عليهم، فأنزل الله:{إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ} الآية.
المناسبة:
بعد بيان علم الله بكل شيء، ومنه السر والنجوى، أبان الله تعالى حال أولئك الذين نهوا عن النجوى وهم اليهود والمنافقون، ثم عودتهم إلى المنهي عنه، وتحيتهم بالسوء للنبي صلى الله عليه وسلم، قائلين له: السام عليك، أي الموت، وتهديد بدخول جهنم.
ثم ذكر تعالى آداب المناجاة من الامتناع عن التناجي بالإثم والعدوان، أي بالمعصية والقبيح والاعتداء وكل ما يؤدي إلى ظلم الغير، وضرورة التناجي بالبر والتقوى، أي بالخير وما يتقى به من النار من فعل الطاعات وترك المعاصي.
التفسير والبيان:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى، ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ} أي ألم تنظر إلى الذين نهيتهم عن التناجي والمسارة بالسوء، ثم عودتهم إلى ما نهيتهم عنه، وهم اليهود والمنافقون كما ذكر في سبب النزول.
{وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ} أي ويتسارّون أو يتحدثون فيما بينهم بما هو معصية وذنب كالكذب، واعتداء وظلم للآخرين وعدوان على المؤمنين، وتواص بمخالفة النبي صلى الله عليه وسلم.
{وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ} أي وإذا أتى إليك اليهود حيّوك بتحية سوء لم يحيّك بها الله إطلاقا، فيقولون: السام عليك، يريدون
بذلك السلام ظاهرا، وهم يعنون الموت باطنا،
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم.
روي في الصحيح لدى البخاري ومسلم عن عائشة: أن ناسا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم يا أبا القاسم، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم، وقالت عائشة: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وأما سمعت ما أقول:
وعليكم، فأنزل الله تعالى:{وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ} أي والله تعالى يقول: {وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} [النمل 59/ 27] و {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ} و {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ} .
{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ} أي يفعلون هذا، ويقولون فيما بينهم: لو كان محمد نبيا لعذبنا الله بما يتضمنه قولنا من الاستخفاف به، فأجاب الله تعالى عن قولهم: بأن جهنم تكفيهم، كما قال سبحانه:
{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها، فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي يكفيهم عذاب جهنم عن الموت الحاضر، يدخلونها، فبئس المرجع والمآل، وهو جهنم.
ثم ذكر الله تعالى آداب المناجاة حتى لا يكون المؤمنون مثل اليهود والمنافقين، فقال:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، إِذا تَناجَيْتُمْ، فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ} أي يا أيها المؤمنون الذين يقتضي إيمانكم امتثال أمر الله، والابتعاد عن كل ما يتنافى مع الإيمان الصحيح، إذا تحدثتم سرا فيما بينكم، فلا تفعلوا مثلما يفعل الجهلة من اليهود والمنافقين، من التناجي بالمعصية والذنب. والاعتداء على الآخرين وظلمهم، ومخالفة النبي صلى الله عليه وسلم قائد الأمة ومنقذها من الضلالة.
{وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي وتحدثوا بالطاعة وترك المعصية، وبالخير واتقاء الله فيما تفعلون وتتركون، فإنكم إليه