المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هؤلاء اليهود، ذكر الله تعالى أحوال العلاقات المشبوهة بين المنافقين - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢٨

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة المجادلة

- ‌مدنيتها:

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبة السورة لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌الظهار وكفارته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وعيد الذين يعادون الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقاب المتناجين بالسوء وآداب المناجاة في القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (8):

- ‌نزول قوله تعالى: {وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ}:

- ‌نزول الآية (10):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أدب المجالسة في الإسلام

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآيتين (13، 12):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المنافقين الذين يوالون غير المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (14):

- ‌نزول الآية (18):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المعادين لله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم والوعد بنصر المؤمنينوتحريم موالاة الأعداء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (21):

- ‌نزول الآية (22):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الحشر

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌سبب نزول السورة:

- ‌فضل السورة:

- ‌إجلاء يهود بني النضير

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (1):

- ‌نزول الآية (5):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الفيء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تواطؤ المنافقين واليهود وجزاؤهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بالتقوى والعمل للآخرة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مكانة القرآن وعظمة منزّله ذي الأسماء الحسنى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الممتحنة

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌النهي عن موالاة الكفار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التأسي بإبراهيم عليه السلام والذين آمنوا معه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌علاقة المسلمين بغيرهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم المهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (10):

- ‌نزول الآية (11):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرات (بيعة النساء)

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (12):

- ‌نزول الآية (13):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الصف

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌الدعوة إلى القتال في سبيل الله صفا واحدا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (2، 1):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بقصة موسى وعيسى عليهما السلام مع بني إسرائيل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التجارة الرابحة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (10):

- ‌نزول الآية (11):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الجمعة

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعرب والناس كافة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال اليهود مع التوراة وتمني الموت

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية صلاة الجمعة وإباحة العمل بعدها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة المنافقون

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌أقبح أوصاف المنافقين في ميزان الشرع

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أدلة إثبات كذب المنافقين ونفاقهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (5):

- ‌نزول الآية (6):

- ‌نزول الآية (8، 7):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحذير المؤمنين من أخلاق المنافقين وأمرهم بالإنفاقفي سبيل الخير

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌لمناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة التغابن

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌مظاهر قدرة الله تعالى

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنكار المشركين الألوهية والنبوة والبعث

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المطالبة بالإيمان والتحذير من أهوال القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كل شيء بقضاء وقدر

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحذير من فتنة الأزواج والأولاد والأموال والأمر بالتقوىوالإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (14):

- ‌سبب نزول الآية (16):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الطلاق

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌أحكام الطلاق والعدة وثمرة التقوى والتوكل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (1):

- ‌سبب نزول الآية (2):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدة اليائسة والصغيرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السكنى والنفقة للمعتدة وأجر الرضاع

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وعيد المخالفين ووعد الطائعين والتذكير بقدرة الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة التحريم

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌بعض أحوال نساء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (2، 1):

- ‌نزول الآية (5):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الوقاية من النار والتوبة النصوح وجهاد الكفار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمثلة من النساء المؤمنات والكافرات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: هؤلاء اليهود، ذكر الله تعالى أحوال العلاقات المشبوهة بين المنافقين

هؤلاء اليهود، ذكر الله تعالى أحوال العلاقات المشبوهة بين المنافقين واليهود، فقد كان المنافقون في الظاهر من الأنصار، ولكنهم كانوا يوالون اليهود في السر، فصاروا إخوانهم في الكفر، وأصدقاءهم في معاداة المؤمنين. ومثل هذا الارتباط يتكرر في كل زمان، حيث نجد ضعاف الإيمان والنفوس وخونة الأمة الإسلامية يوالون أعداءهم، كما يعد بعض الناس غيرهم على المؤازرة في شيء، ثم يتخلون عنهم وقت الأزمة.

‌التفسير والبيان:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ:}

{لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ، وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً} أي ألم تنظر إلى هؤلاء القوم من المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن نبتل ورفاعة بن زيد ووديعة بن مالك وسويد وداعس وأمثالهم حين بعثوا إلى يهود بني النضير: أن اثبتوا وتحصنوا، أو تمنّعوا، فإننا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، ولا نطيع في شأنكم، ومن أحلكم أحدا ممن يريد أن يمنعنا من الخروج معكم كمحمد وأتباعه، وإن طال الزمان، وإن قوتلتم لننصرنكم على عدوكم. فكذبهم الله بقوله:

{وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} أي لكاذبون فيما وعدوهم به من الخروج معهم، والنصرة لهم، إما لنيتهم ألا يفوا بما وعدوا به، وإما لأنهم لا يقع منهم ما قالوا.

وقوله في مطلع الآية: {أَلَمْ تَرَ} أسلوب يراد به التعجيب من حال المخبر عنه، وأن أمره في غاية الغرابة. وقد تبين لليهود كذب المنافقين، فلم ينصروهم وقت الحصار، وقذف الله الرعب في قلوب أولئك اليهود، فطلبوا من

ص: 96

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكفّ عن دمائهم، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام.

ثم أكد الله تعالى تكذيبهم مفندا على سبيل التفصيل مواقفهم الخادعة، فقال:

{لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ، وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ، ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} أي وتالله لئن أخرج يهود بني النضير من ديارهم، لا يخرج معهم المنافقون، ولئن قاتلهم المؤمنون لا يقاتلون معهم، ولئن آزروهم وقاتلوا معهم لفرّوا هاربين منهزمين، ثم لا يصير المنافقون واليهود منصورين بعد ذلك، بل يذلهم الله ويخذلهم، ولا ينفعهم نفاقهم. ونظير الآية قوله تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا، وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال 23/ 8].

وكان الواقع مطابقا لما أخبر به القرآن، فإن المنافقين لم يخرجوا مع من أخرج من اليهود، وهم بنو النضير ومن معهم، ولم ينصروا اليهود الذين قوتلوا، وهم بنو قريظة وأهل خيبر، ثم بشر الله تعالى بنصر المؤمنين على كلا الفريقين:

المنافقين واليهود، وتحقق وعد الله، وتطهرت جزيرة العرب من اليهود بفضل من الله وتوفيقه.

وسبب عدم نصرتهم لليهود ما قال تعالى:

{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} أي إنكم أيها المسلمون أشد خوفا وخشية في صدور المنافقين أو في صدور اليهود من رهبة الله، فهم يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله، وذلك الخوف بسبب أنهم قوم لا يعلمون قدر عظمة الله حتى يخشوه حق خشيته، ولو كان لهم فقه لعلموا أن الله سبحانه أحق بالرهبة منه دونكم.

ص: 97

ونظير الآية قوله تعالى: {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النساء 77/ 4].

ثم ذكر تعالى أسلوب اليهود والمنافقين في مقاتلة المؤمنين، فقال:

{لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ} أي إن اليهود والمنافقين من جبنهم وهلعهم لا يواجهون جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة، ولا يقاتلونهم مجتمعين، بل يقاتلونهم إما وراء الحصون والدروب والخنادق، أو من خلف الأسوار والحيطان التي يستترون بها، لجبنهم ورهبتهم، فيقاتلون للدفاع عنهم ضرورة، وقد لمس العرب هذا الأسلوب في حروب اليهود في فلسطين في عصرنا.

{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ، تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} أي إن عداوتهم وجربهم فيما بينهم شديدة، وقاسية، تظنهم متوحدين وهم متفرقون، فاجتماعهم إنما هو في الظاهر، مع اختلاف نواياهم وأهوائهم وآرائهم وشهاداتهم في الواقع، لما بينهم من أحقاد وعداوات، ولأنهم قوم لا يعقلون الحق وأمر الله، ولا يدركون سر النجاح في الحياة وهو الوحدة، ولو عقلوا لعرفوا الحق واتبعوه، فتوحدوا ولم يختلفوا.

وهذا دليل على أن ضعفهم ناشئ من التفرقة والخلاف، فجدير بالمسلمين الذين يقاتلونهم في هذا العصر أن يكونوا متوحدين صفا واحدا كالبنيان المرصوص، وأن يعتمدوا على أنفسهم دون التماس حلول واهنة ضعيفة من شرق أو غرب.

ثم ذكر الله تعالى أحوالا مشابهة لهم، فقال:

{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي إن هؤلاء اليهود بني النضير أصابهم مثل ما أصاب كفار قريش يوم بدر، في السنة

ص: 98