الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجمعون يوم القيامة والحساب، فيخبركم بأعمالكم وأقوالكم، ويحاسبكم عليها، ويجازيكم بما تستحقون،
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى رجلان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، فإن ذلك يحزنه»
(1)
.
ثم ذكر الله تعالى بواعث مناجاة الكفار بالسوء، فقال:
{إِنَّمَا النَّجْوى 2 مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا، وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} أي إنما التناجي أو المسارّة بالإثم والعدوان ومعصية الرسول صلى الله عليه وسلم من تزيين الشيطان وتسويله ووسوسته ليسوء المؤمنين، ولأجل أن يوقعهم في الحزن بإيهامهم أنهم في مكيدة يكادون بها، وليس الشيطان أو التناجي الذي يزينه الشيطان بضارّ المؤمنين شيئا، إلا بإرادة الله تعالى ومشيئته.
{وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي فلا يأبه المؤمنون بتناجيهم، وليتوكلوا على الله ربهم، بأن يكلوا أمرهم إليه، ويفوضونه في جميع شؤونهم، ويستعيذون بالله من الشيطان، ولا يبالون بما يزينه من النجوى.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
إن شأن اليهود وديدنهم معاداة القيم والأنبياء، والتآمر والمكايد، فتراهم يتناجون سرا بالإثم والعدوان، أي بالكذب والظلم، ويتواصون بمخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويخرجون عن الآداب الاجتماعية المعروفة، فيحيون النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم: السام عليك يريدون بذلك السلام ظاهرا، وهم يعنون الموت باطنا، فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«عليكم» أو «وعليكم» وكانوا يقولون: لو كان محمدا
(1)
رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه وعبد الرزاق عن ابن مسعود.
(2)
اللام للعهد، وهو التناجي بالإثم والعدوان، زينه الشيطان لأجلهم.
نبيا لما أمهلنا الله بسبّه والاستخفاف به، وجهلوا أن الباري تعالى حليم، لا يعاجل من سبّه، فكيف من سبّ نبيه؟!
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا أحد أصبر على الأذى من الله، يدعون له الصاحبة والولد، وهو يعافيهم ويرزقهم» .
واختلف العلماء في رد السلام على أهل الذمة، هل هو واجب كالرد على المسلمين، فذهب ابن عباس والشعبي وقتادة إلى الوجوب، للأمر بذلك. وذهب مالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بواجب، فإن رددت فقل عليك. قال القرطبي: وما قاله مالك أولى اتباعا للسنة،
أخرج الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: عليك ما قلت» .
2 -
أمر الله المؤمنين أن يتناجوا فيما بينهم بالبر والتقوى، أي بالطاعة والعفاف عما نهى الله عنه، ونهاهم عن التناجي أي التسارر بالمعصية والذنب، والاعتداء على الآخرين والظلم، فإنهم مجموعون في الآخرة إلى الله الذي يجازيهم على ما قالوا وما عملوا.
3 -
إن الباعث على نجوى السوء من تزيين الشيطان، ليوقع المؤمنين في الهمّ والحزن، وليوهمهم أن المسلمين أصيبوا في السرايا، أو أنهم متعرضون لمكايدة الأعداء، والوقوع فريسة الأقوياء، ومحنة السوء، مع العلم بأن الشيطان لا يضر أحدا بشيء إلا بمشيئة الله وتدبيره، وعلى المؤمنين أن يكلوا أمرهم إلى الله ربهم القاهر القادر، ويفوضوا جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذوا به من الشيطان ومن كل شر، فهو الذي سلّط الشيطان بالوساوس ابتلاء للعبد وامتحانا، ولو شاء لصرفه عنه.
4 -
من أدب الإسلام، كما
جاء في حديث عبد الله بن مسعود المتقدم: «إذا كنتم ثلاثة
…
» ألاّ يتناجى أو يتحدث سرا اثنان أمام ثالث، حتى يجد الثالث