الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تحيض، بيّن هنا مقدار العدة للآيسة والصغيرة اللتين لا تريان الدم، وأنها ثلاثة أشهر، وعدة الحامل وكونها بوضع الحمل، تتميما لما ذكر الله تعالى في سورة البقرة من عدة ذوات الأقراء، والمتوفى عنها زوجها.
التفسير والبيان:
{وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ، وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} أي إن عدة النساء الآيسات وهن اللاتي قد انقطع حيضهن لكبرهن ببلوغهن سن الخامسة والخمسين أو الستين هي ثلاثة أشهر، عوضا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض كما دلت على ذلك آية البقرة [228] إن شككتم وجهلتم كيف عدتهن، وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض عدتهن ثلاثة أشهر كعدة الآيسة.
{وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} أي وعدة النساء الحوامل أي انتهاء عدتهن يتم بوضع الحمل، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بساعة في قول جمهور العلماء، بدليل ما
روى أحمد وأصحاب الكتب الستة عن المسور بن مخرمة أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية توفي عنها زوجها: سعد بن خولة، وهي حامل، فلم تمكث إلا ليالي
(1)
، حتى وضعت، فلما تعلّت-شفيت-من نفاسها خطبت، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح، فأذن لها أن تنكح، فنكحت.
وفي لفظ: أنه دخل عليها أبو السنابل، فقال: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح، إنك والله ما أنت بناكح، حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك، جمعت علي ثيابي، حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي.
(1)
حددت في رواية بثلاثة وعشرين يوما.
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود أنه قال: من شاء لاعنته أن الآية التي في النساء القصرى: {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ} الآية، نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة [234] بكذا وكذا شهرا.
وقال علي وابن عباس رضي الله عنهما: تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها بأبعد الأجلين من وضع الحمل، والأشهر أي أربعة أشهر وعشر، عملا بهذه الآية والتي في سورة البقرة.
وهذا في الواقع جمع بين المدتين، وليس جمعا بين النصين ولا إعمالا لعموم كل منهما في مقتضاه، فإننا إذا حكمنا بعدم انتهاء العدة على من وضعت حملها قبل أربعة أشهر وعشر، كان ذلك إهدارا لمقتضى الحصر والتوقيت في قوله تعالى:
{وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . وكذلك إذا حكمنا بعدم انتهاء العدة على من مضى عليها أربعة أشهر وعشر، ولم تضع حملها، كان ذلك إهدارا لمقتضى الحصر والتوقيت في قوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} .
{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} أي ومن يخف الله ويرهب عقابه، فيأتمر بما أمر الله به، وينته عما نهى عنه، يسهّل عليه أمره كله في الدنيا والآخرة. وهذا تنويه بفضيلة التقوى في الدنيا والآخرة.
{ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ، وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ، وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} أي جميع الأحكام المتقدمة في الطلاق والعدة والسكنى هو أمر الله الذي أمر به عباده، وأنزله إليهم في قرآنه، ومن يخف الله، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، يمح عنه ذنوبه من صحائف أعماله، ولا يؤاخذه بها، كما وعد بذلك في قوله:{إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} [هود 114/ 11] ويضاعف له جزاء