الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآية إلى ما يأتي:
1 -
التوسع في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير والأجر مطلوب شرعا، وأدب حسن، سواء كان مجلس النبي في عصره، أو عالم بعده أو مجلس حرب أو ذكر أو شورى أو مجلس يوم الجمعة أو العيد أو العلم ونحوه، وليس ذلك واجبا وإنما هو مندوب شرعا، فإن كل واحد أحق بمكانه الذي سبق إليه،
لقوله صلى الله عليه وسلم:
«من سبق إلى ما لم يسبق إليه، فهو أحق به»
(1)
ولكن يوسع لأخيه ما لم يتأذّ بذلك، فيخرجه الضيق عن موضعه.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر كما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، ثم يجلس فيه»
وعن ابن عمر أيضا فيما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه، ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا» وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه، ثم يجلس مكانه.
2 -
إذا قعد واحد من الناس في موضع من المسجد، لا يجوز لغيره أن يقيمه حتى يقعد مكانه، لما
روى مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده، فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا» .
وإذا أمر إنسان إنسانا أن يبكر إلى الجامع، فيأخذ له مكانا يقعد فيه، لا يكره، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع. ومثل ذلك إرسال بساط أو سجادة لتبسط له في موضع من المسجد.
والجالس يختص بموضعه إلى أن يغادره نهائيا، لما
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم-أو من قام من مجلسه-ثم رجع إليه، فهو أحق به» .
(1)
حديث صحيح رواه أبو داود والضياء عن أم جنوب بلفظ: «من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم، فهو له» .
3 -
إن للتوسع في المجالس ثوابا، لقوله تعالى:{يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} أي يوسع عليكم في الدنيا والآخرة.
4 -
إذا قيل: انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير، يجاب القائل، وإذا دعي الشخص إلى القيام عن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وجب القيام، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يؤثر أحيانا الانفراد في وظائف تخصه لا تتأتى ولا تكمل بدون الانفراد.
وإذا قال صاحب مجلس لمن في مجلسه: (قوموا) ينبغي أن يجاب، ويفعل ذلك لحاجة، إذا لم يترتب عليه مفسدة أعظم منها، مما لا نزاع في جوازه.
5 -
يرفع الله درجات المؤمنين والعلماء في الثواب في الآخرة، وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن، والعالم على من ليس بعالم. قال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية.
وتدل هذه الآية: {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ..} . أيضا على أن الرفعة عند الله تعالى بالعلم والإيمان، لا بالسبق إلى صدور المجالس، فيرفع المؤمن بإيمانه أولا ثم بعلمه ثانيا.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل العلماء، منها
الحديث السابق عند أبي نعيم عن معاذ- وفيه ضعف-: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» ومنها
حديث حسن رواه ابن ماجه عن عثمان رضي الله عنه: «يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء» فأعظم بمنزلة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس: خيّر سليمان عليه السلام بين العلم والمال والملك، فاختار العلم، فأعطي المال والملك معه.