الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجوز غلق الرهن
(1)
: وهو أن يشترط المرتهن أنه له بحقه، إن لم يأته به عند أجله، وكان هذا من فعل الجاهلية، فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم
بقوله فيما رواه الشافعي والدارقطني وغيرهما عن أبي هريرة: «لا يغلق الرهن من صاحبه، له غنمه، وعليه غرمه» .
قال الجمهور: منفعة الرهن للراهن، ونفقته عليه، والمرتهن لا ينتفع بشيء من الرهن خلا الإحفاظ للوثيقة، فإذا آجر المرتهن المرهون بإذن الراهن أو آجره الراهن بإذن المرتهن، فقد خرج من الرهن ولا يعود.
وأجاز الحنابلة انتفاع المرتهن بالرهن مقابل نفقته إذا كان المرهون مركوبا أو محلوبا،
لما روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدرّ يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» .
انطباعات عامة مستفادة من آية الدين:
1 -
إن الذي أمر الله تعالى به في آية الدين من الشهادة والكتابة
(2)
: قصد به الحفاظ على ووشائج الود والصلة والمحبة وصلاح ذات البين بين الناس، ومنع وقوع التنازع المؤدي إلى فساد علاقات الناس، وسدّ كل المنافذ أمام الشيطان الذي قد يسول للمدين جحود الحق، وتجاوز ما حدّ له الشرع، أو ترك الاقتصار على المقدار المستحق.
ومن أجل هذه الغايات السامية، حرّم الشرع البيوع المجهولة التي تؤدي إلى
(1)
غلق الرهن: كان من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين، ملك المرتهن الرهن، فأبطله الإسلام.
(2)
يلاحظ أن صيغة الشهادة تكررت في الآيتين ثمان مرات، وصيغة الكتابة تكررت عشر مرات.
الاختلاف والتنازع وفساد العلاقات وإيقاع التضاغن والتباين. وبناء عليه أيضا حرم الله الميسر والقمار وشرب الخمر بقوله تعالى: {إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة 91/ 5] فمن تأدب بأدب الله في أوامره وزواجره، حاز صلاح الدين والدنيا، قال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ، لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} [النساء 66/ 4].
2 -
لا ينبغي للإنسان استدانة دين إلا لضرورة قصوى أو حاجة ملحّة؛ لأنه
كما روي عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه الديلمي في الفردوس عن عائشة، وهو ضعيف:
«الدّين همّ بالليل، ومذلّة بالنهار» . لما فيه من شغل القلب والبال والهمّ اللازم في قضائه، والتذلل للغريم عند لقائه، وتحمّل منّته بالتأخير إلى حين أوانه.
وقد يقع المدين في عجز مستحكم فلا يستطيع وفاء دينه، لذا تعوّذ منه النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يرويه البخاري عن أنس-فقال: «اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وضلع الدّين، وغلبة الرجال» قال العلماء:
ضلع الدين: هو الذي لا يجد دائنه من حيث يؤديه.
وإذا حسنت نية المدين أعانه الله على إيفاء الدين،
روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله» .
3 -
لما أمر الله تعالى بكتابة الدين والإشهاد وأخذ الرهان، كان ذلك نصا قاطعا على مراعاة حفظ الأموال وتنميتها، وردا على الجهلة المتصوفة ورعاعها الذين لا يرون ذلك، فيخرجون عن جميع أموالهم ولا يتركون كفاية لأنفسهم وعيالهم، ثم إذا احتاج أحدهم أو افتقر عياله، فهو إما أن يتعرض لمنن الإخوان أو لصدقاتهم، أو أن يأخذ من أرباب الدنيا وظلمتهم، وهذا الفعل مذموم منهي عنه.