الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلموا، فإن أسلموا فقد اهتدوا إلى الصراط المستقيم، وتركوا الضلال، وإن أعرضوا عن الاعتراف بما سألتهم عنه، فلن يضيرك شيء، إذ ما عليك إلا البلاغ فقط، والله خبير بعابده عليم بحالهم وبمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، فيحاسبهم ويجازيهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
موضوع الآية (18): إثبات وحدانية الله بالأدلة التكوينية التي أبانها الله في الآفاق والأنفس وإنزال آيات التشريع، وأخبر الملائكة والعلماء بذلك وبينوه، قال القرطبي: دلت الآية على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته، كما قرن اسم العلماء.
ويؤكده أنه تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستزيد من العلم، بقوله:{وَقُلْ: رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} . و
قال صلى الله عليه وسلم فيما جاء في السنن: «العلماء ورثة الأنبياء»
وقال:
«العلماء: أمناء الله على خلقه»
(1)
. وهذا شرف للعلماء عظيم، ومحلّ لهم في الدّين خطير
(2)
.
روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قرأ: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، عند منامه، خلق الله له سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة» .
وأعلنت الآية (19) أن الدين المرضي عند الله هو الإسلام فقط، والإسلام هو الإيمان بالله وإطاعة أوامره، وهو شيء واحد متفق عليه بين جميع الأنبياء. وأما الخلاف في الدين أي الملة فحاصل من قبل الأتباع والأنصار، حسدا وظلما.
ويكون القصد من الآية نبذ الفرقة والخلاف في الدين، والابتعاد عن التفرق فيه إلى شيع ومذاهب؛ لأن اختلاف أهل الكتاب في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان على علم منهم بالحقائق، وأنه كان بغيا وطلبا للدنيا، فقد أبانت كتبهم صفته ونبوته،
(1)
رواه القضاعي وابن عساكر عن أنس، وهو حسن.
(2)
تفسير القرطبي: 41/ 4
وأوضحت أن الله إله واحد، وأن جميع الخلائق عبيده، لذا وجب على أهل الإيمان الصادق نبذ الاختلاف والشقاق، والعودة إلى الوحدة والاتفاق بين أتباع الدين، بالاعتقاد بوحدانية الله، والتصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع البشر، كما دل عليه القرآن والسنة في غير ما آية وحديث، منها قوله تعالى:{قُلْ: يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف 158/ 7] ومنها أيضا: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان 1/ 25]. وفي الصحيحين وغيرهما مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة: أنه صلى الله عليه وسلم بعث كتبه يدعو إلى الله ملوك الآفاق وطوائف بني آدم، من عربهم وعجمهم، كتابيهم ومشركهم، امتثالا لأمر الله بذلك.
وروى مسلم وعبد الرزاق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار» .
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت: «بعثت إلى الأحمر والأسود»
وقال فيما رواه الشيخان والنسائي عن جابر: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» .
وروى البخاري عن أنس: أن غلاما يهوديا كان يضع للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه، ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه، وأبوه قاعد عند رأسه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«يا فلان، قل: لا إله إلا الله» فنظر إلى أبيه، فسكت أبوه، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:«الحمد لله الذي أخرجه بي من النار» .