الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ما يشاء في الكون، فمتى شاء أمرا أوجده، سواء بسبب معروف أو بغير سبب، ومنه إيجاد الولد والمرأة عاقر.
فطلب زكريا من ربه أن يجعل له علامة تدله على الحمل ووجود الولد منه، استعجالا للسرور، أو ليشكر تلك النعمة، فجعل الله علامة ذلك ألا يقدر على كلام الناس مدة ثلاثة أيام متوالية إلا بالإشارة والرمز بيد أو رأس أو نحوهما. وأمره بكثرة الذكر والتكبير والتسبيح في هذه الحال طوال الوقت، وعلى التخصيص في الصباح والمساء.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت هذه الآية على مشروعية طلب الولد، وهي سنة المرسلين والصدّيقين، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ، وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد 38/ 13] وقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان 74/ 25] وقال مخبرا عن إبراهيم الخليل:
{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء 84/ 26]، و
روي من حديث أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيّ رجل مات، وترك ذرّية طيبة، أجرى الله له مثل أجر عملهم، ولم ينقص من أجورهم شيئا» .
وخرّج ابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النكاح من سنّتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوّجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» .
وأخرج أبو داود من قوله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم» . والأخبار في هذا المعنى كثيرة، تحث على طلب الولد وتندب إليه؛ لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته،
روى مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث فذكر: أو ولد صالح يدعو له» ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية.
ودلت الآية أيضا على أن الواجب على الإنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه وطلب التوفيق لهما، والهداية والصلاح والعفاف والرعاية، وأن يكونوا معينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه.
ألا ترى قول زكريا: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم 6/ 19] وقال: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} وقال: {رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان 74/ 25]، و
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس، فقال فيما رواه البخاري ومسلم:«اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه» .
ومن مهام الملائكة البشارة، كما بشرت بيحيى عليه السلام، والأنبياء معصومون من الذنوب والمعاصي الكبيرة والصغيرة قبل النبوة وبعدها، وقد يعصمون ويمنعون عن الشهوات المباحة، كما حصل ليحيي عليه السلام أنه كان حصورا، ولعل هذا كان شرعه، فأما شرعنا فالنكاح. وكان يحيى أول من آمن بعيسى عليهما السلام وصدّقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين، ويقال بستة أشهر.
واستبعاد زكريا عليه السلام وتعجبه كان على وفق المعتاد أن حاله وحال امرأته لا يولد لمثلهما، لا أن ذلك ليس من مقدور الله. وقد طلب إتمام النعمة بأن يجعل له آية تكون دليلا على زيادة النعمة والكرامة.
وفي هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام، وذلك موجود في كثير من السنة، وآكد الإشارات:
ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم من أمر السوداء حين قال لها: «أين الله؟» فأشارت برأسها إلى السماء، فقال:«أعتقها فإنها مؤمنة» فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة الذي يحرز الدم والمال، وتستحق به الجنة، وينجى به من النار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك.
وهذا قول عامة الفقهاء، قال مالك: إن الأخرس إذا أشار بالطلاق إنه