الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تكفّل الله بالإجابة،
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: نعم» ، و
عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: قد فعلت» .
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآيتان على ما يلي:
1 -
الإيمان لا يتجزّأ: فالمؤمن يجب عليه الإيمان بكل ما أوحى الله به، والمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره، ولا ربّ سواه، ويصدقون بجميع الأنبياء والرّسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم، فيؤمنون ببعض، ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بارّون، راشدون، مهديون، هادون إلى سبيل الخير.
وليس المؤمنون كاليهود والنصارى الذين يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض.
2 -
الإيمان يستلزم الطاعة: المؤمن بالله يؤمن بصدق لقائه، ويسمع ويطيع أوامره، ويتجنّب نواهيه، فلا يقصر في واجب، ولا ينغمس في معصية، فذلك يتصادم مع الإيمان.
3 -
الإسلام دين اليسر: فهو يمتاز بقلّة التّكاليف والفرائض والواجبات، وبيسر تكاليفه، وعدم التّكليف بالشّاق من الأعمال، فلا تكليف فوق الطاقة، وإنما التّكليف بحسب الوسع والقدرة، والطاعة على قدر الطاقة، فقد يكلّفنا الله بأمور فيها شيء من المشقّة لكنها معتادة متحمّلة مقدور عليها، كثبوت الواحد للعشرة من الكفار في مبدأ الإسلام حينما كان المسلمون قلّة، وهجرة الإنسان وخروجه من وطنه، ومفارقة أهله ووطنه وعادته، أما المشقات الثّقيلة والأمور المؤلمة فهي مرفوعة عنا، وكان بعضها على الأمم السابقة، كتكليفهم بقتل أنفسهم
للتوبة، وقرض موضع النّجاسة كالبول من ثيابهم وجلودهم، فلله الحمد والمنّة، والفضل والنّعمة.
والخلاصة: إن قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} نصّ على أن الله تعالى لا يكلّف أحدا ما لا يقدر عليه ولا يطيقه، ولو كلّف أحدا ما لا يقدر عليه ولا يستطيعه، لكان مكلّفا له ما ليس في وسعه. وهذا أصل عظيم في الدّين وركن من أركان الإسلام.
هذا من حيث الواقع الفعلي، أما من حيث الجواز العقلي، فلم يمنع الأشاعرة من تكليف ما لا يطاق، فهو جائز عقلا وإن لم يقع شرعا.
4 -
المسؤولية الشخصية: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة 286/ 2]: للإنسان ما كسب من الحسنات، وعليه ما اكتسب من السّيئات، مثل قوله:{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [الأنعام 164/ 6]، {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها} [الأنعام 164/ 6].
روى ابن مردويه عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي، ضحك، وقال: إنهما من كنز الرحمن تحت العرش» ، وإذا قرأ:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء 123/ 4]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى} [النجم 39/ 53 - 41] استرجع واستكان.
5 -
ودلّت آية {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} على أنه يطلق على أفعال العباد الكسب والاكتساب، وعلى أن من قتل غيره بمثقّل كحجر وخشب، أو بخنق أو تغريق، فعليه ضمانه قصاصا أو دية، خلافا لأبي حنيفة الذي جعل ديته على العاقلة (القبيلة) وذلك يخالف الظاهر. ودلّت على أن سقوط القصاص عن الأب بقتل ولده لا يقتضي سقوطه عن شريكه، فالقود واجب على
شريك الأب في رأي المالكية خلافا لأبي حنيفة، وعلى شريك المخطئ خلافا للشافعي وأبي حنيفة، ودلّت أيضا على وجوب الحدّ على المرأة العاقلة البالغة إذا مكنت مجنونا من نفسها.
6 -
رفع الإثم عن الخطأ والنسيان: دلّت الآية على أن الإثم مرفوع حال الخطأ والنسيان. وأما الأحكام الدّنيوية المتعلّقة بهما فالصّحيح أنها تختلف بحسب الوقائع، فقسم لا يسقط باتّفاق كالغرامات والدّيات والصّلوات المفروضات، وقسم يسقط باتّفاق كالقصاص والنّطق بكلمة الكفر. وقسم ثالث مختلف فيه كمن أكل ناسيا في رمضان أو حنث ساهيا. وهذا يدل على أن أحكام العباد وحقوق الناس ثابتة، كما سنبيّن في سورة النساء.
خلاصة أهم الأحكام في سورة البقرة المسمّاة «فسطاط القرآن» :
أولا-العقائد:
1 -
دعوة جميع الناس إلى عبادة الله تعالى.
2 -
تحريم اتّخاذ الأنداد والشركاء مع الله.
3 -
إثبات الوحي والرّسالة بالقرآن وتحدّي الناس بالإتيان بسورة من مثله.
4 -
أساس الدّين: توحيد الله، وإثبات البعث ومحاجة الكافرين الضالين في ذلك.
ثانيا-الأحكام العملية الفرعية:
1 -
إباحة الأكل من الطّيّبات.
2 -
الحفاظ على حق الحياة بتشريع القصاص والقتال في سبيل الله.
3 -
أحكام أركان الإسلام: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج والعمرة.
4 -
إنفاق المال في سبيل الله تحقيقا للتّكافل الاجتماعي في الإسلام.
5 -
تحريم الخمر والميسر والرّبا.
6 -
الولاية على اليتامى ومخالطتهم في المعيشة.
7 -
أحكام الزواج من طلاق ورضاع وعدّة ونفقة.
8 -
الوصية الواجبة.
9 -
كتابة وثيقة الدّين والإشهاد عليه والرّهان وكتمان الشهادة ونصاب الشهادة المطلوب في المعاملات.
10 -
أداء الأمانة.
11 -
صيغة الدّعاء المطلوبة في التّشريع.