الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زاحم بعود أو فدغ
(1)
العود، بفتح العين وسكون الواو: الجمل المسن. وهذا من أمثال العرب، ومعناه: لا تستعن إلا بأهل السن والتجربة، ويمكن أن يوجه هذا المثل أيضًا على معنى: لا تنافس ولا تغالب إلا بشيء ذي قدر ونفع.
وقد تذكرت هذا المثل حين كنت بدولة الإِمارات العربية المتحدة منذ شهور، أستاذا زائرًا بجامعة العين، وفي الفندق الذي كنت أنزل به أتيحت لي فرصة طيبة لرؤية القنوات الفضائية العربية، فرأيت شيئا مَعجبًا حقا، سواء في قنوات أبو ظبي ودبي والشارقة أو في سائر الفضائيات الأخرى. في هذه الفضائيات ترى ألوانًا رفيعة من الدين والأدب والفن والسياسة والاجتماع والرياضة، إلى القضايا الساخنة
والحوارات الجادة بين أطراف متباعدة فكرًا ومكانًا بحيث أصبح التلفزيون أداة تثقيف وإنارة، وفارقته مسحة الإِملال التي يشكو منها الناس.
أرى هذا كله ثم أقارن بينه وبين ما تقدمه قناتنا الفضائية المصرية، فلا أخرج من المقارنة إلا بما قاله حافظ إبراهيم:
وزعيمهم شاكي السلاح مدجج
…
وزعيمنا في كفه منديل
إن برامج الفضائية المصرية فقيرة بجانب ما تقدمه أخواتها العربيات، ومعظم ما تقدمه قناتنا: أفلام ومسرحيات ومسلسلات، إلى جانب بعض البرامج الخفيفة، مثل: أغاني الأفلام، وأغاني وأماني، وسباق الأغنيات، ونجم على الهواء، بحيث
(1) مجلة "الهلال" مارس 1998 م.
يخيل للناظر أن مصر قد فقدت علماءها ومفكريها وأدباءها، ولم يبق على ظهرها إلا أهل التمثيل والمغنى. على أن هذه البرامج الخفيفة قد ترضي بعض الأذواق، ولكنه رضا موقوت، على ما قال ابن الرومي:
وقد يفضلها قوم لعاجلها
…
لكنه عاجل يمضي مع الريح
والعجيب أن كثيرًا من برامج هذه الفضائيات العربية الجادة مسجلة في مصر، وتقوم على شخصيات مصرية، وهؤلاء المصريون الذين يتعاملون مع تلك القنوات يحبون بلدهم مصر، بل ويعشقونها، ويقولون:"يا حبيبتي يا مصر"، ولكنهم يتصرفون وفق القاعدة التي تقول:"الصلاة خلف علي أتم، لكن الطعام على مائدة معاوية أدسم".
فعلى قناتنا المصرية إذا أرادت أن تزاحم وتنافس: أن تجود وتحسن، وإلا انصرف الناس عنها، وغابت صورة مصر المحروسة.