الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النحو العربي .. والحِمى المستباح [2]
(1)
الاهتمام بالنحو كان متزامناً مع النهضة العامة التي كانت آخذة في النمو والاتساع
، في علوم العرب وفنونها في ذلك الزمان، لكن التركيز هنا يكون على النهضة اللغوية والنهضة الأدبية اللتين يرى الأستاذ حجازي أنهما لا يجتمعان مع الاهتمام بالنحو:
فالعلماء الرواة يغدون ويروحون لمشافهة الأعراب في البوادي، وكذلك رواة الشعر وجامعوه في نشاط دائب، واللغة تدوَّن في تلك الرسائل الصغار القائمة على الأجناس، مثل كتب خَلْق الإِنسان والبهائم والحشرات والخيل والإِبل والنخل والنبات والمطر والسحاب واللبن، والمذكر والمؤنث، ثم تظهر المعاجم في ذلك الوقت المبكر، مثل العين للخليل بن أحمد أو الليث بن المظفر، وكتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني.
ثم يتجه التأليف اللغوي وجهة أخرى، فينهض العلماء إلى تنقية اللغة، فيما عُرف بلحن العامة، وقد جاء ذلك صريحاً فيما صنفه الكسائي من "لحن العامة" أو ما جاء ضمناً كالذي صنعه ابن السكيت في "إصلاح
(1) مجلة "الهلال"، أكتوبر 1996 م.
المنطق "، وما صنعه ابن قتيبة في "أدب الكاتب".
أما النهضة الأدبية المواكبة لذلك الاهتمام النحوي في القرون الثلاثة المذكورة، فلست أعرف سبيلاً للتدليل عليها، ولا أحسب أن الأستاذ حجازي يخفى عليه مكان هذه الكتب واجتماع النحو واللغة والأدب فيها: البيان والتبيين للجاحظ، وعيون الأخبار لابن قتيبة، والكامل للمبرد، وأمالي أبي علي القالي، ويبرز كتاب الكامل من بين هذه الكتب، بعنايته الفائقة بالنحو.
أما الشعر والشعراء فلا يخفى تألفهما في تلك القرون الثلاثة التي اهتم فيها أهل العلم بالنحو، وهاتان قائمتان بأبرز النحاة وابرز الشعراء الذين تعاصروا في ذلك الزمان، أسوقهما تذكرة للمبتدئين، أما أهل العلم فهم أقدر مني على معرفة ذلك:
النحاة: سيبويه (180 هـ)، الكسائي (189 هـ)، الفراء (207 هـ)، المبرد (286 هـ)، ثعلب (291)، الزجاج (311 هـ)، ابن السراج (316 هـ)، السيرافي (368 هـ)، أبو علي الفارسي (377 هـ)، ابن خالويه (370 هـ)، ابن جني (392 هـ).
الشعراء: بشار بن برد (167 هـ)، أبو نواس (198 هـ)، مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني (208 هـ)، أبو العتاهية (211 هـ)، أبو تمام (231 هـ)، ابن الرومي (283 هـ)، البحتري (284 هـ)، ابن المعتز (296 هـ)، المتنبى (354 هـ)، أبو فراس الحمداني (357 هـ)، الشريف الرضي (406 هـ).
ومن المعروف أنه كانت هناك خصوصية بين بعض هؤلاء النحاة وبعض هؤلاء الشعراء، أذكر منها ما كان بين أبي العباس المبرد والشاعرين البحتري وابن الرومي، فالبحتري يدعو المبرد إلى حضور مجلسه على النهر، في قصيدة يقول فيها:
ودوام المُدام يُدْنيك ممَّن
…
كأن تهوى وإن جفاك الحبيبُ
فائتنا يا محمد بن يزيد
…
في استتار كي لا يراك الرقيبُ