الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة القلم
قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} [القلم: 1].
(265)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن أول ما خلق الله تعالى القلم والحوت؛ قال: ما أكتب؟ قال: كل شيء كان إلى يوم القيامة، ثم قرأ: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}، فالنون: الحوت، والقلم: القلم).
تخريجه:
أخرجه الطبراني 11: 433 رقم (12227)، قال: حدثنا أبو حبيب زيد بن المهتدي المروذي، ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما .. فذكره.
عزاه في (الدر المنثور) 14: 618 إلى: ابن جرير الطبري -ولم أجده فيه-، وابن مردوية.
الحكم على الإسناد:
ضعيف، لمايأتي:
1 -
شيخ الطبراني: زيد بن المهتدي بن يحيى بن سلمان، أبو حبيب المروذي.
ذكره الخطيب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: تاريخ بغداد 8: 448.
2 -
مؤمل بن إسماعيل القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن البصري، نزيل مكة. (خت ت س ق)
وثقه ابن معين، وإسحاق بن راهويه. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق.
وقال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ، يكتب حديثه.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن مؤمل بن إسماعيل، فعظمه ورفع من شأنه إلا أنه يهم في الشيء. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: ربما أخطأ.
وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير.
وقال يعقوب بن سفيان: مؤمل أبو عبد الرحمن؛ شيخ جليل سني، سمعت سليمان بن حرب يحسن الثناء، كان مشيختنا يوصون به إلا أن حديثه لا يشبه حديث أصحابه، وقد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه، فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه، وهذا أشد فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذرا.
وقال الساجي: صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الغلط. وقال الدارقطني: ثقة كثير الخطأ.
وقال محمد بن نصر المروزي: المؤمل إذا انفرد بحديث وجب أن يتوقف ويثبت فيه، لأنه كان سيء الحفظ كثير الغلط. وفي التقريب: صدوق سيء الحفظ. مات سنة 206 هـ.
والحاصل أنه مرضي من جهة العدالة، غير مرضي من جهة الحفظ والضبط، لما وقع في حديثه من الأوهام والأغلاط، لاسيما عن شيوخه الأثبات، فمثله يعتبر به، ويقبل في المتابعات ونحوها، لكن لا يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته للثقات.
ينظر: طبقات ابن سعد 5: 501، الجرح والتعديل 8: 374، الثقات 9: 187، تهذيب الكمال 29: 176، الميزان 4: 228، السير 10: 110، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 183، الكاشف 2: 309، تهذيب التهذيب 10: 339، التقريب ص 555.
وقد تفرد مؤمل بهذا، ولا يحتمل منه.
قال الطبراني -عقب الحديث-: لم يرفعه عن حماد بن زيد؛ إلا مؤمل بن إسماعيل.
وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 128 وقال: "رواه الطبراني، .. ومؤمل: ثقة كثير الخطأ، وقد وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري وغيره، وبقية رجاله ثقات".
والحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في (السنة) 2: 401 رقم (871)، والطبري في تفسيره 23: 142، وفي تاريخه 1: 39، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن أول شيء خلق
ربي القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ثم خلق النون فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه). واللفظ للطبري.
ورواية جرير عن عطاء بعد اختلاطه.
وليس فيه تعيين أنه المراد في الآية صراحة.
لكن أخرجه الآجري في (كتاب الشريعة) 1: 517 رقم (182) من طريق أبي هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، قال: حدثنا عطاء، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق النون فكبس على ظهره الأرض، فذلك قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} [القلم: 1]).
وأبو هشام الرفاعي، اسمه: محمد بن يزيد، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه.
ينظر: تاريخ بغداد 3: 377، التقريب ص 514.
ورواية محمد بن الفضيل، عن عطاء، بعد اختلاطه.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 307 عن معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(إن أول ما خلق الله من شيء؛ خلق القلم، فقال: اكتب. فقال: أي ورب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائن في ذلك اليوم إلى أن تقوم الساعة، ثم طوى الكتاب، ورفع القلم فارتفع بخار الماء ففتق السماوات، ثم خلق النون، ئم بسط الأرض عليها فاضطربت النون فمادت الأرض، فخلق الجبال فوتدها فإنها لتفخر على الأرض، ثم قرأ أبن عباس: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} إلى {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}).
وهذا سند صحيح، وأبو ظبيان، اسمه: حصين بن جندب الجنبي، ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 169.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14: 101، والطبري في تفسيره 23: 140 - 141، وفي تاريخه 1: 33، والآجري في (الشريعة) 1: 518 رقم (183)، والحاكم في المستدرك 2: 498، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 239 رقم (804)، من طريق الأعمش، به، بمعناه.
ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع، لكن عرف عن ابن عباس أنه كان يأخذ عن كعب الأحبار. وقد أفاد فضيلة الدكتور محمد الخضيري في دراسته (تفسير التابعن) -2/ 883 - أن روايات ابن عباس رضي الله عنهما عن بني إسرائيل قاربت (350) رواية.
وقد ساق ابن حجر في الفتح 5: 343 أثرا عن ابن عباس في تفسير آية، ثم قال:"وهو في حكم المرفوع، لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب".
قلت: ويدل عليه ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2685) في الشهادات: باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها، بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهم قال:(يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يشب؟! وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله، وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم).
قلت: وهذا موضع إشكال، ويمكن الجمع بين الأمرين بتوجيهات منها:
1 -
أن يحمل إنكاره على ابتداء السؤال، دون مجرد الحديث عنهم.
وهذا ملحظ معتبر للفرق الظاهر بين الصورتين، وله أصل في المرفوع، وذلك فيما رواه جاير بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لاتسألوا أهل الكتاب عن شىء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن بتبعني) رواه أحمد 3: 338، وأبو يعلى رقم (2135)، والبيهقي في (السنن الكبرى) 2: 10، وغيرهم من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر رضي الله عنه.
ومجالد فيه ضعف، وسبق في الحديث رقم (78).
وصدر الحديث: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء)؛ جعله الإمام البخاري ترجمة لأحد الأبواب في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيحه.
وأما مطلق الحديث عنهم ففيه الإذن النبوي الصريح، بقوله صلى الله عليه وسلم:(حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج) رواه البخاري (3461) في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وغيره.
2 -
أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب -من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
ووجه ذلك أنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم جاءت الرخصة في الحديث عنهم، فلعله فهم أن النهي المتقدم لمن كان كافرا، ثم جاءت الرخصة في الحديث بعد أن دخل بعضهم في الإسلام.
ينظر: (المقدمات الأساسية) ص 343 وما بعدها، مجموعة مقالات حول الموضوع منشورة في (ملتقى أهل التفسير) على الإنترنت.
كما أن أثر ابن عباس المستشهد به هنا؛ يدل على موضع الشاهد إشارة لا نصا.
هذا وأصل حديث ابن عباس رضي الله عنهما في أولية خلق القلم؛ مروي عنه من طرق كثيرة مرفوعا وموقوفا.
*****