الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الربوبية
المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية:
أ- تعريفه لغة: توحيد الربوبية مركب من كلمتين: "توحيد" وتقدم تعريفها، و"الربوبية" وهي مأخوذة من الرب.
يقول ابن فارس رحمه الله:
"الراء والباء يدل على أصول:
فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه. فالرّبُّ: المالك، والخالق، والصاحب؛ والرب: المصلح للشيء، يقال: ربَّ فلان ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها.
والأصل الآخر: لزوم الشيء، والإقامة عليه. وهو مناسب للأصل الأول، يقال: أربَّت
السّحابة بهذه البلدة، إذا دامت.
والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء، وهو أيضاً مناسبٌ لما قبله. يقال للخرقة التي يُجعل فيها القداح: رِبابَةٌ، وسمي العهد رِبابة لأنه يجمع ويؤلِّف.
ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياساً واحداً" (1).
ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، فلا يقال "الرب" إلا عليه سبحانه، وإذا أطلق على غيره أضيف، فيقال: رب كذا (2).
(1) انظر: معجم مقاييس اللغة (2/ 383).
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 450).
ب- تعريفه في الاصطلاح:
قال الشيخ سليمان بن عبدالله: "هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء، ومالكه، وخالقه، ورازقه، وأنه هو المحيي والمميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء، ليس له في ذلك شريك"(1).
وقد أشار جمال الدين السرمري رحمه الله إلى هذا المعنى، فمن ذلك قوله في بيان وحدانية الباري جل جلاله بالخلق والرزق: "فالله تعالى لم يخلق شيئاً فقدِر الخلق أن يعملوا مثله، فإنه تعالى أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض وأخرج به من كل الثمرات، ولا يقدر أحد من الخلق على فعل شيء من ذلك، وخلق الحيوانات والهوام وغير ذلك من ذوات الأرواح فلا يستطيع أحد من الخلق أن يعملوا مثلها
…
فلا يمكنهم نقل نوع مخلوق من الحيوان والنبات والمعدن إلى آخر مخلوق" (2).
وقال في موضع آخر في مقدمة (كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون): "الحمد لله القدير الصانع، المعطي المانع، الضار النافع، المفرق الجامع، الخافض الرافع، الذي ليس لما قضاه دافع، ولا له في حكمه منازع"(3).
وقال في موضع آخر في معرض كلامه على شروط العبودية: "وإلقاء مقاليد الأمور كلها إليه، وأن يعترف له بالقدرة على جميع المخلوقات، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]
…
" (4).
وقال في في موضع آخر في معرض كلامه على نفي العدوى: "فبطل أن يقال: حدث هذا المرض بالإعداء، وثبت أنه فعل الله تعالى، فَعَلَه بالقدرة والاختيار، إن شاء فعله مع ملابسته ذي الداء والعامة، وإن شاء فعله منفرداً عنه ابتداءً واستقلالاً {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}
(1) تيسير العزيز الحميد (1/ 120 - 121).
(2)
شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: 130 أ.
(3)
كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون، ص 19.
(4)
الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، ص 138.