الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضهم في الشق الثاني احتمالًا وهو مردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة وعلى تخريج أحاديثه في الصحاح والمسانيد وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر، وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد ابن حنبل ومن تبعهما" (1).
المطلب الأول: حق الصحابة رضي الله عنهم
-:
يقرر جمال الدين السرمري رحمه الله تولي جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومحبتهم، والترضي عنهم، وأنهم خير قرون الخلق.
أما على الخصوص: فمعرفة لكل فضله ومنزلته وسابقته بحسب ورود النص فيه على خصوصه، والشهادة له وفق ما جاء في هذا النص، كالخلفاء الأربعة، وبقية العشرة، وأهل بدر، وبيعة الشجرة، وعائشة، وسائر أمهات المؤمنين.
يقول رحمه الله:
"وخير القرون الخلق قرن نبيّنا
…
وأفضله عشرون مع عشر مع عشر
هم الأربعون المسلمون الألى بهم
…
جرى القمر الإيمان في فلك النَّصر
وأفضلهم عشر عن النار زحزحوا
…
فكل ثَوى من جنة الخلد في قَصْر
وأفضل هذا العشر أربعة لهم
…
على الخلق فضل كالنُّضار على الصُّفْر (2)
-ثم قال: -
وأن نترضى عن صحاب محمد
…
كما أمر الرحمن في سورة الحشر
-إلى أن قال: -
وأن لأهل البيت فضلاً على الورى
…
نحققه فيهم للفقير وللمثري
(1) الإصابة (1/ 4 - 5).
(2)
النضار: الذهب. لسان العرب (1/ 642)؛ والصُّفْر: النحاس. انظر: لسان العرب (4/ 460).
وأن ابنة الصدّيق عائشة الرضى
…
منزهة عما يقول أولو الأشر
وكل نساء المصطفى أمهاتنا
…
ورادِدُ هذا القول مستوجب الهجر" (1).
وقد تقدم أن من مؤلفات السرمري: كتاب "عمدة الدين في فضل الخلفاء الراشدين" ، وكتاب "غيث السحابة في فضائل الصحابة"، وكتاب "نشر القلب الميْت بفضل أهل البيت".
وما قرره جمال الدين السرمري رحمه الله موافق للنصوص الشرعية ومنهج أهل السنة والجماعة.
قال سبحانه وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
وقال عز وجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم قرني، ثم يلونهم، ثم الذين يلونهم» (2).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق
(1) نهج الرشاد، ص 42 - 43.
(2)
أخرجه البخاري (8/ 91)، كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، ح 6428؛ ومسلم (4/ 1964)، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ح 2535؛ واللفظ للبخاري.
مثل أحد ذهباً، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه» (1).
وحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها» (2).
وحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الطويل في قصة حاطب بن أبي بلعتة رضي الله عنه، وفيه: فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم» (3).
والأدلة من السنة كثيرة جداً، حتى أن أئمة أهل الحديث عقدوا لهذا الموضوع مباحث مستقلة في كتبهم.
قال شيخ الإسلام -بعد أن ذكر جملة من أحاديث فضائل الصحابة-: "وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون"(4).
وقال ابن كثير: "والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل"(5).
وقد حُكي الإجماع على عدالتهم، قال السفاريني: "فمعتمد القول عند أئمة السنة أن
(1) أخرجه البخاري (5/ 8)، كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لو كنت متخذاً خليلاً» ، ح 3673؛ ومسلم (4/ 1967)، كتاب فضائل الصحابه رضي الله عنهم، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، ح 2541.
(2)
أخرجه مسلم (4/ 1942)، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم، ح 2496.
(3)
أخرجه البخاري (5/ 145)، كتاب المغازي، باب غزوة الفتح، ح 4274؛ ومسلم (4/ 1941)، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم وقصة حاطب بن أبي بلتعة، ح 2494.
(4)
مجموع الفتاوى (4/ 430).
(5)
اختصار علوم الحديث ص 181 - 182، لابن كثير، تحقيق: أحمد شاكر، الطبعة الثانية، دار الكتب العلمية، بيروت.