الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الألوهية:
1 - إثبات توحيد العبادة:
أثبت جمال الدين السرمري رحمه الله في مؤلفاته توحيد العبادة، فقال في معرض كلامه عن أدوية الهم والغم والحزن: "وهذه الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعاً -وذكر منها-:
الثاني: توحيد الإلهية.
السابع: الاستعانة به وحده.
التاسع: تحقيق التوكل عليه" (1).
وقال في موضع آخر في معرض كلامه على فضل الترياق بسورة الفاتحة: "المتضمنة لجميع معاني كتب الله، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب ومجامعها وهي: الله، والرب، والرحمن؛ وإثبات المعان، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه وأحوج العباد إليه وهو الهداية إلى الصراط المستقيم، المتضمن كمال
معرفته، وتوحيده، وعبادته
…
" (2).
وقال أيضاً في موضع آخر: "فما تضمنه من إخلاص العبودية، والثناء على الله، وتفويض الأمر كله، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي: الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم من أعظم الأدوية الشافية الكافية، وقيل: إن موضع الرقية منها قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل والإلتجاء والاستعانة والافتقار والقلب والاجماع بين أعلى الغايات: وهي عبادة الرب وحده، وأشرف الوسائل: وهي الاستعانة به على عبادته،
(1) انظر: شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: 305 أ.
(2)
شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: 299 ب.
ما ليس في غيرها" (1).
وقال في موضع آخر في شرح حديث: «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله
…
» (2): "وأما مخفي الصدقة فلأنَّ النفس تحب الثناء العاجل، فإذا حسم النفس عن هذه المرتبة كان بالمنزلة التي وصفها الله تعالى، لأن ذلك إنما يحصل لذي الجأش القوي، والإيمان المتين
…
وأما ذكر الله تعالى خالياً فهو على حال عظيم، قال الله تعالى:{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: من الآية 45] وإنما خصه هاهنا بالخلوة لأنه يكون في الخلوة عريّاً عن الرياء والسمعة، والبكاء حينئذ أفضل من البكاء في الملأ، لأنه خلا عن النفاق، وبعد عن الظنة، وتمحص لله تعالى جده، فلذلك عظم شأنه، قال الله تعالى:{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق: 33 - 34]، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة لا تمسهم النار، منهم:«عين بكت من خشية الله عز وجل» ، فإذا كانت عين بكت من خشية الله محرمة على النار في الجملة، فهذه التي لم يشب بكاءها ريبة أولى من أن تكون من
ربها قريبة، وكذلك سائر أعمال النوافل، كلما أُخفي منها كان أعظم أجراً، لأنه النفس تسلم حينئذ من عجب ورياء، ولأن القلب يكون بالعبادة في الخلوة أشغل، وإلى الخشوع والخضوع بين يدي الرب تعالى أميل" (3).
وقال في موضع آخر أن إخلاص الخضوع من أعظم الوسائل إلى الله تعالى: "فالاعتراف بالعبودية والإخلاص في الخضوع والذل وإظهار الفقر والحاجة من أعظم الوسائل إلى الله تعالى"(4).
(1) شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: 305 أ.
(2)
رواه البخاري (1/ 133) ح 660، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، (2/ 111) ح 1423، كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين؛ ورواه مسلم (2/ 715) ح 1031، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
(3)
الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، ص 64 - 65.
(4)
شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: 46 ب.