الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: موقفه من علم الكلام:
تمهيد: تعريف علم الكلام:
تعددت تعريفات علم الكلام، وبيان حده وحقيقته.
فقال الإيجي والتهانوي أنه: "علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينيّة بإيراد الحجج ودفع الشبه"(1).
وقال التفتازاني أنه: "العلم بالقواعد الشرعيّة الاعتقاديّة المكتسب من أدلتها اليقينيّة"(2).
وقال الجرجاني أنه: "علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام"، ثم قال:"والقيد الأخير - على قانون الإسلام- لإخراج العلم الإلهي للفلاسفة"(3).
وأولى التعريفات به أن يعرف بأنه: "علم يقتدر به على المخاصمة والمناظرة والمجادلة في العقائد بإيراد الحجج والشبه ودفع إيرادات الخصوم"(4) فهو مراء متعلق بإظهار المذاهب والانتصار لها.
سبب تسميته:
تعددت أسباب تسمية هذا الجدل المذموم بعلم الكلام، وأكثر من جمع هذه الأسباب هو التفتازاني في شرح العقائد النسفية، وهي (5):
(1) كتاب المواقف (1/ 31)، لعضد الدين الإيجي، تحقيق د. عبدالرحمن عميرة، الطبعة الأولى 1977 م، دار الجيل، بيروت؛ كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (1/ 29)، لمحمد التهانوي، تحقيق: د. علي دحروج، الطبعة الأولى 1996 م، مكتبة لبنان، بيروت.
(2)
شرح المقاصد في علم الكلام (1/ 6)، لسعد الدين التفتازاني، 1401، دار المعارف النعمانية، باكستان.
(3)
التعريفات ص 237، لعلي الجرجاني، تحقيق: إبراهيم الأبياري، الطبعة الأولى 1405، دار الكتاب العربي، بيروت.
(4)
علم الكلام والتأويل وأثرهما على العقيدة الإسلامية، مجلة البحوث الإسلامية - العدد 68، ص 281، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، المملكة العربية السعودية.
(5)
انظر: حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين ص 47 - 48، لعبدالرحيم السلمي، الطبعة الأولى 1421، دار المعلمة، الرياض.
1 -
لأن عنوان مباحثه كان قولهم: الكلام في كذا وكذا.
2 -
لأن مسألة الكلام كانت أشهر مباحثه، وأكثرها نزاعاً وجدالاً، حتى إن بعض المتغلبة قتل كثيراً من أهل الحق، لعدم قولهم بخلق القرآن؛ وهذا السبب قد نقده شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:"وأيضاً فما ذكره الشهرستاني ليس بصحيح في اسم المتكلمين كانوا يسمون بهذا الاسم قبل منازعتهم في مسألة الكلام، وكانوا يقولون عن واصل بن عطاء أنه متكلم، ويصفونه بالكلام، ولم يكن الناس اختلفوا في مسألة الكلام"(1).
3 -
لأنه يورث قدرة على الكلام في تحقيق الشرعيات، وإلزام الخصم كالمنطق للفلسفة؛ قال الباحث: وهذا السبب باطل، بل علم الكلام يورث صاحبه العيَّ والسفسطة العقلية بشهادة أئمته.
4 -
لأنه أول ما يجب من العلوم التي إنما تُعلم وتُتعلم بالكلام، فأطلق عليه هذا الاسم لذلك ثم خص به، ولم يطلق على غيره تمييزاً؛ قال الباحث: وهذا السبب باطل، بل أول واجب من العلوم هو الإيمان بالكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
5 -
لأنه إنما يتحقق بالمباحثة وإدارة الكلام من الجانبين، وغيره قد يتحقق بالتأمل ومطالعة الكتب.
6 -
لأنه أكثر العلوم خلافاً ونزاعاً فيشتد افتقاره إلى الكلام مع المخالفين، والرد عليهم.
7 -
لأنه لقوة أدلته صار كأنه هو الكلام دون ما عداه من العلوم كما يقال للأقوى من الكلامين: هذا هو الكلام؛ قال الباحث: وهذا السبب واضح البطلان، فأيُّ قوة توصل
صاحبها إلى الشك والحيرة.
8 -
لأنه لابتنائه على الأدلة القطعية المؤيدة أكثرها بالأدلة السمعيّة أشد العلوم تأثيراً في القلب، وتغلغلاً فيه، فسُمي بالكلام المشتق من الكَلْم وهو الجرح؛ قال الباحث: وهذا السبب كسابقه.
(1) مجموع الفتاوى (3/ 184).