الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ذلك الوقت أضحت القاهرة أهم المدن الإسلامية؛ باعتبارها عاصمة أقوى دولة في ذلك العصر؛ فوجد الهاربون إليها من أهل العراق والشام ملاذاً آمناً من خطر المغول.
واستمرت الحروب بين المسلمين والتتار طيلة تلك الفترة، ومنها معركة شقحب سنة 702 (1) التي شارك فيها شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمة الله عليه، ومجموعة من العلماء.
3 - الحروب الصليبية:
شهد العالم الإسلامي، قبل هذه المدة حروباً عظيمة، ومحاولات لإزالة الدين الإسلامي، وعلى رأس ذلك ماعرف بالحملات الصليبية، التي استمرت من سنة (490) إلى سنة (690)(2)، وهي وإن كانت قد انقضت قبل ولادة السرمري رحمه الله إلا أنها تركت أثراً في نفوس المسلمين في عصر السرمري رحمه الله.
آثار هذه الحملات على العالم الإسلامي:
هذه الحروب والحملات على العالم الإسلامي والتي راح ضحيتها الكثير والكثير من الأرواح والأموال، والتي دمرت فيها المدارس والمعاهد ودور العلم، وأحرقت فيها المكتبات، كان لها أثر إيجابي، رغم ذلك كله، فقد كان من آثارها، أن وجدت في المسلمين روح التحدي، والحماس لدينهم، ومقدساتهم، فأيقظت فيهم الإيمان، والجهاد والتضحية مما جعلهم يردون هذه الحملات على أعقابها، بعد سنوات قليلة، كما علمتهم الكثير من فنون الحرب والقتال (3).
4 - النزاعات الداخلية:
يدلنا على هذا كثرة السلاطين الذين تولوا زمام الأمور، والمدة الوجيزة التي يقضيها الواحد منهم حاكماً.
(1) البداية والنهاية (14/ 29 - 30).
(2)
البداية والنهاية (13/ 376).
(3)
مقدمة تحقيق "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة"(1/ 35)، د. علي الدخيل الله، الطبعة الثالثة 1418، دار العاصمة، الرياض.
ففي سنة 693 تولى السلطان الناصر محمد بن قلاوون (1).
وفي سنة 694 اغتصب السلطان العادل كتبغا المنصوري السلطنة (2).
وفي سنة 696 تولى السلطنة حسام الدين لاجين بعد أن عزل السلطان "كتبغا"(3).
وفي سنة 698 عاد السلطان الناصر محمد إلى السلطة، وحكم إلى سنة 708، حتى فسد مابينه وبين "بيبرس"، فرحل الناصر من القاهرة معلناً بأنه يرحل للحج، ولكنه عندما وصل إلى الكرك، خلع نفسه (4).
وفي سنة 708 اختار الأمراء بيبرس الجاشنكير سلطاناً (5)، بعد تنازل السلطان الناصر محمد.
وبعد أقل من عام، عاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى سلطنته العودة الثانية، ولما دخل القاهرة وصعد إلى القلعة، بايعه الخليفة المستكفي بالله، والقضاة الأربعة، وسائر الأمراء، ثم قبض على الملك السابق وأعدمه، وقد امتاز عهده بطول المدة الزمنية، إذ تولى من سنة 709 حتى سنة 741 (6).
وبعد وفاة الناصر سنة 741 بويع بالسلطنة المنصور سيف الدين أبو بكر وهو ابن الناصر محمد بن قلاوون (7).
وفي سنة 742 تولى السلطنة الأشرف علاء الدين كجك بعد خلع أخيه (8).
(1) انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/31)، محمد رزق سليم، الطبعة الثانية 1381، مكتبة الآداب.
(2)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/31).
(3)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/32).
(4)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/32 - 33).
(5)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/33).
(6)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/34).
(7)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/35).
(8)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/35).
وفي سنة 742 تولى السلطنة شهاب الدين أحمد وهو أكبر أبناء الناصر بن قلاوون بعد خلع أخيه (1).
وفي سنة 743 تولى السلطنة الصالح علاء الدين إسماعيل بعد عزل أخيه (2).
وفي سنة 746 تولى السلطنة الكامل شعبان بن الناصر محمد بعد موت شقيقه بعهد منه (3).
وفي سنة 747 جلس على سرير الملك المظفر حاجي بن الناصر محمد بعد خلع أخيه، وكانت سنه دون العشرين (4).
وفي سنة 484 تولى السلطنة الناصر أبو المحاسن حسن بن الناصر محمد، بعد أن مات أخوه في السجن مخنوقاً، وكان عمره حينئذ ثلاث عشرة سنة، فعاونه بعض الأمراء في تدبير ملكه (5).
وفي سنة 752 بويع بالسلطنة الصالح صلاح الدين بن الناصر محمد بعد خلع أخيه حسن (6).
وفي عام 755 عاد الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون بعد خلع أخيه الصالح (7).
وفي سنة 762 بويع بالسلطنة المنصور محمد بن المظفر حاجي وهو حفيد الناصر بن قلاوون، بعد مقتل عمه الناصر حسن (8).
(1) انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/35).
(2)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/36).
(3)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/36).
(4)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/36).
(5)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/ 36 - 37).
(6)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/37).
(7)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/38).
(8)
انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/38).
وفي سنة 764 ولي الملك الأشرف شعبان بن حسين، وكانت سنه العاشرة، وقد حكم نحو أربع عشرة سنة، حتى خنق سنة 778 (1).
علاقة هذه الأحداث في حياة السرمري:
لقد عاش السرمري رحمه الله بدمشق في فترة تولي أولاد وأحفاد الناصر محمد، وهي الفترة التي كان الصراع على السلطة فيها على أشده، وعاش قبل ذلك في العراق مايقارب الاثنين والأربعين سنة تحت حكم التتر، وقد لخص ما تقدم من الحالة السياسية في عصره فقال:"وقد جاء الحديث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لم تظهر الفاحشة في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولانقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم فأخذ بعض ما في أيديهم، وإذا لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتفكروا فيما أنزل الله إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم» رواه ابن ماجه في سننه (2) -ثم علق على الحديث بقوله: - وهذه الأمور قد ظهرت عقوباتها -كما ترى- قد وقعت، وإنا لله وإنا إليه راجعون"(3) وفي هذا إشارة لما كان في عصره من جور السلطان وتسلط العدو والنزاعات الداخلية؛ ويُعدُّ نبوغه وسط هذه
الظروف السيئة دليلاً قوياً على عبقرية هذا العالم الذي كان نجماً يتلألأ في سماء ذلك الظلام الحالك في ذلك الزمان، الذي هو من أشد القرون فتنة واضطراباً، فلا يمر عامٌ إلَاّ وقد تكرر فيه وقوع أحداثٌ مؤلمةٌ.
(1) انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/39 - 40).
(2)
أخرجه ابن ماجه (3/ 425 - 426) بنحوه في كتاب الفتن، باب العقوبات، ح 4019؛ قال الألباني:"حسن". انظر: صحيح سنن ابن ماجه (3/ 316) ح 4091، لمحمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى 1417، مكتبة المعارف، الرياض.
(3)
كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون ص 37، ليوسف السرمري، تحقيق: شوكت بن رفقي شوكت، الطبعة الأولى 1424، دار الأثرية بعَمان، دار المحبة بدمشق.