الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وأفضلهم صدِّيقه ووزيره
…
أبو بكر ذو الإنفاق في اليسر والعسر
ومن بعده الفاروق لا يُنسى فضله
…
وعثمان ذو النورين ذو القرب بالصهر
ومن بعده زوج البتول عليّ الذي
…
جاهد الكفار بالبيض والسُمر" (1).
وقال في تقدمة كتابه (المولد الكبير للبشير النذير صلى الله عليه وسلم) بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: "وعلى صاحبه الصدّيق وخليفته بالتحقيق، والمُنفق عليه ماله في الضيق، أبي بكر عبدالله بن عثمان الذي قاتل أهل الردة، وألحق العاصي بالمطيع؛ وعلى صاحبه الفاروق، المكلَّم والمكاشف، المحدث الملهم، والعادل المعظم المكرم، أبي حفص عمر بن الخطاب، كافل الأرملة واليتيم، والعظيم والرّضيع؛ وعلى ذو النورين، صهره على الابنتين، وختنه على الكريمتين، وأمينه على البضْعتين، أبي عمرو عثمان بن عفان المقتول ظلماً، أفضل أهل البقيع؛ وعلى المرتضى البطل الهمام، والأسد الهزبر الضرغام، كاثر الأوثان والأصنام، أبي الحسن علي بن أبي طالب الذي ما بارزه بطل إلا سقاه كأس النَّجيع"(2).
المطلب الرابع: موقف أهل البدع من الصحابة:
عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن في آيات كثيرة يكثر إيرادها ويطول تعدادها، ووصف رسول الله الصحابة مثل ذلك، وأطنب في تعظيمهم، وأحسن الثناء عليهم؛ وهؤلاء الصفوة الذين يعتبرون تاجاً في رأس الأمة الإسلامية، لم تسلم من كيد بعض أصحاب القلوب المريضة ممن وجدوا في هذه الصفوة الطاهرة بغيتهم، فذهبوا يكيدون لها بالكذب والافتراء، حتى طعنوا في عدالتهم ورموهم بالعظائم زوراً وبهتاناً، يحدوهم في هذا كله الجهل حيناً والهوى أحياناً.
(1) نهج الرشاد، ص 43.
(2)
المولد الكبير للبشير النذير (مخطوط) ورقة: 1 ب.
وممن تولى كبر ذلك وحمل لواءه:
1 -
الخوارج: قالوا بتكفير علي وعثمان، وأصحاب الجمل والحكمين ومن صوبهما أو صوب أحدهما أو رضي بالتحكيم (1).
2 -
الروافض: قالوا بتكفير أبي بكر وعمر وعثمان ومن عقدوا خلافتهم وبايعوهم (2).
ولقد عَرَضَ الإمام جمال الدين السرمري لكل الطائفتين، وبين فساد مذهبهم بالعموم، ولم يعرض لشيء من شبههم، فمن ذلك قوله: "ومحبة أحد من أهل الجنة لا ينفعه ذلك مع مجانبة الكتاب والسنة، ممن أحب أبا بكر وعمر وعثمان وأبغض علياً، أو أحب علياً وأبغض أبا بكر وعمر وعثمان
…
وقد جاء الحديث أن: «من أبغض أبا بكر وعمر فقد كفر» فلا تنفعه محبة علي، ومَثلُ ذلك كما قال الصرصري رحمه الله تعالى:
مثل الذي جحد ابن مريم وادَّعى حب الكليم وتلك دعوى تفسدُ
وروي في الحديث: أن علياً رضي الله عنه لا يبغضه إلا منافق ولا يحبه إلا مؤمن، قال بعض الصحابة: إنْ كنَّا لنعرف المنافقين منا معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب؛ وأما ما يدعيه الرافضة من حبهم علياً عليه السلام، فليس من هذا في شيء، ودعواهم أن محبته ومحبة أهل البيت حسنة لا يضرها معها سيئة فهي دعوى فاسدة، لأنهم كما زعموا يحبونهم ويبغضون أهلهم وأصحابهم وأختانهم وأحماهم ومواليهم، ويسبونهم ويلعنونهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«المؤمن لا يكون لعاناً» ، وليس أحد ممن لعنوه أو سبوه إلا وقد سبقت له سابقة صالحة في الإسلام، وأبلى بلاءً حسناً، وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة منهم بأنهم في الجنة، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم، فمن أبغض علياً وأحب أبا بكر وعمر وعثمان لم ينفعه حبهما" (3).
وقال في موضع آخر في بيان ضلال الرافضة:
"هم أكذب الناس في قول وفي عمل وأعظم الخلق جهلاً في توثبه
(1) انظر: الفرق بين الفرق، ص 56.
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (28/ 477).
(3)
الأربعون الصحيحة، ص 68 - 69.
وهم أقل الورى عقلاً وأغفلهم
…
عن كل خير وأبطا عن تكسبه
وكل عيب يَرُدُّ الشرع قد جمعوا
…
هم جند إبليس بل فرسان مِقْنبه (1) " (2).
وقال في موضع آخر عند رده على السبكي حين شنع على شيخ الإسلام رده على ابن مطهر الحلي، وأوضح السرمري وجوب الرد على الرافضة، فقال:
"والله لا غنية عن رد إفكهم
…
بل رده واجب أعظم بمُوجبه
أيتركون يسبون الصحابة والـ
…
إسلام يختال زهواً في تصلبه
هذا مقال شنيع لم يقل أحد
…
به ولا رهط جهم في تحزبه" (3).
وما ذكره السرمري من بيان ضلالهم وفساد مذهبهم هو قول أهل الأئمة في هذا الباب.
قال الإمام الصابوني: "ومن أبغضهم -يعني الصحابة- وسبهم، ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض والخوارج، فقد هلك في الهالكين"(4).
وقال الإمام النووي: "واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون
…
قال القاضي عياض: وسب أحدهم من المعاصي الكبار" (5).
وقال الإمام أحمد: "من تنقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء"(6).
وقال شيخ الإسلام في حكم تكفير الصحابة: "وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضاً في كفره لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى
(1) المِقنب -بالكسر-: جماعة الخيل. لسان العرب (1/ 690).
(2)
الحمية الإسلامية، ص 56.
(3)
الحمية الإسلامية، ص 58.
(4)
عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ص 32.
(5)
شرح النووي على مسلم (16/ 93).
(6)
السنة للخلال (2/ 477) ح 758.
عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الآية التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارهم وكفر هذا مما يعلم باضطرار من
دين الإسلام" (1).
(1) الصارم المسلول (1/ 590).