الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابتدعوها، وقدَّموا فيها شريعة الهوى بالاستنباط والنصر لها، والاستدلال على صحتها في زعمهم، حتى عُدّ خلافهم خلافاً، وشبههم منظوراً لها، ومُحتاجاً إلى ردِّها والجواب عنها، كما تقول في ألقاب الفرق من المعتزلة والقدرية والمرجئة والخوارج والباطنية ومن أشبههم فإنها ألقاب لمن قام بتلك النحل، ما بين مستنبط لها، وناصر لها، وذاب عنها" (1).
وقال شيخ الإسلام: "ومما ينبغي أيضاً أن يُعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة
…
ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يُفارقون به جماعة المسلمين، يُوالون عليه ويعادون، كان من نوع الخطأ
…
بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه وفرَّق بين جماعة المسلمين وكفَّر وفسَّق مخالفه دون موافِقِه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه من أهل التفرق والاختلافات، ولهذا كان أوَّل من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع الخوارج المارقون" (2).
الموقف من أهل البدع:
لقد وضع أهل السنة والجماعة قواعد وضوابط في التعامل مع أهل الأهواء والبدع، ومن ذلك:
أولاً: حراسة الدين، وإبطال البدع:
أول موقف لأهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة هو نفيرهم الدائم لحراسة الدين وإبطال البدع، فما كان يطلع للبدعة قرن إلا ويهب الرجال العاملون والعلماء المخلصون لاستئصال شأفة هذه البدعة وإماتتها وقطعها عن طريق الأمة.
(1) الاعتصام (1/ 280).
(2)
مجموع الفتاوى (3/ 349).
وكان أول بدعة ظهرت في الدين التفريق بين الصلاة والزكاة، والادعاء أن الزكاة لا تؤدى إلا للرسول ولا تعطي لخلفائه من بعده، فتصدى الصديق رضي الله عنه لهذه البدعة، وقاتل القائلين بها، ووأدها في مهدها قبل أن يستفحل ضررها وشرها، ولو ترك أبو بكر ذلك فلم يقاتلهم لانْثَلَم الإسلام، ولما التأم بعد ذلك أبداً، ولأصبحت هذه البدعة سنة مُتّبعةً يأخذ بها الناس بعدهم فيؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ويفعلون ما يحلو لهم من الدين ويتركون ما لا يشتهون.
وفي عهد الفاروق رضي الله عنه حصلت بعض البدع الصغيرة فأماتها كاتباع متشابه القرآن، واستحلال الخمر بزعم أن القرآن يبيح ذلك، والزعم أن الصحابة لا يطبقون القرآن كله.
وفي عهد عثمان رضي الله عنه حدثت أوائل الفتنة الكبرى وهي الخروج على الإمام الحق بالسيف، وانتهت بدعتهم بمقتله رضي الله عنه، وكان هذا بداية فتنة عظمى في الإسلام وظهور بدعة الخوارج التي لا تزال إلى يوم القيامة، ولقد قام أهل السنة والجماعة فردوا هذه البدعة بالعلم والبرهان والدليل.
ثم توالت البدع فجاءت القدرية، وجاءت المرجئة، وجاءت الرافضة، وجاء الزنادقة، والفرق الباطنية، وجاءت الجهمية منكروا الصفات والأسماء، وكلما ظهرت بدعة من هذه البدع كان أهل الإسلام الحق لها بالمرصاد، فأما الأمراء الصالحون فقد وضعوا السيف في أصحابها ومروجيها، وأما العلماء الأبرار فقد قاموا بالرد والإبطال لها.
ولا تكاد توجد بدعة أو مقالة من مقالات الخارجين عن الكتاب والسنة إلا ولعلماء السنة والجماعة جهاد مشكور وردود تدحض هذه البدعة، وتبين زيفها وبعدها عن الحق.
والخلاصة أن موقف أهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة هو أنهم كشفوا اللثام عن كل قول أو فعل يخالف القرآن والسنة ويخرج عن إجماع الأمة، وصاحوا بأهل البدع من كل مكان في الأرض يبينون زيف مقالاتهم، وكذب ادعاءاتهم، وخروجهم ببدعتهم عن الإسلام