الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
منهج جمال الدين السرمري في الصحابة رضي الله عنهم
-
تمهيد: تعريف الصحابي:
لغة: الصاد والحاء والباء، أصل واحد، يدل على مقارنة شيء ومقاربته من ذلك الصَّاحب، والجمع: الصَّحْب؛ ومن الباب: أصحب فلان: إذا انقاد، وكل شيء لائم شيئاً فقد استصحبه (1).
قال الباقلاني: "لا خلاف بين أهل اللغة في أن القول صحابي مشتق من الصحبة وأنه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص بل هو جار على كل من صحب غيره قليلًا كان أو كثيرًا كما أن القول مكلم ومخاطب وضارب مشتق من المكالمة والمخاطبة والضرب وجار على كل من وقع منه ذلك قليلًا كان أو كثيرًا وكذلك جميع الأسماء المشتقة من الأفعال وكذلك يقال: صحبت فلاناً حولاً ودهرًا وسنة وشهرًا ويومًا وساعة، فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيره وذلك يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم
…
" (2).
وقال السخاوي: "الصحابي لغة: يقع على من صحب أقل ما يطلق اسم الصحبة فضلاً عمن طالت صحبته وكثرت مجالسته"(3).
(1) معجم مقاييس اللغة (3/ 335).
(2)
الكفاية في علم الرواية ص 51، للخطيب البغدادي، تحقيق: أبو عبدالله السورقي وإبراهيم حمدي المدني، المكتبة العلمية، المدينة.
(3)
فتح المغيث شرح ألفية الحديث، لشمس الدين السخاوي (3/ 93)، الطبعة الأولى 1403، دار الكتب العلمية، لبنان.
أما تعريفه في الاصطلاح:
فقد تنوعت عبارات العلماء في ذلك مع اتفاق المعنى في الجملة:
قال الواقدي: "ورأينا أهل العلم يقولون: كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار ولكن أصحابه على طبقاتهم وتقدمهم في الإسلام"(1).
قال الإمام أحمد: "كل من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه فهو من
أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكان سابقته معه، وسمع منه، ونظر إليه" (2).
وقال البخاري: "من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه"(3).
ولعل من أدق التعاريف ما ذكره الحافظ ابن حجر بقوله: "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على الإسلام -ثم شرح التعريف بقوله: - فيدخل فيمن (لقيه): من طالت مجالسته له أو قصرت ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد (الإيمان): من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى، وقولنا (به): يخرج من لقيه مؤمنًا بغيره كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل محل احتمال ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه، ويدخل في قولنا (مؤمنًا به): كل مكلف من الجن والإنس فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور
…
، وهل تدخل الملائكة محل نظر قد قال بعضهم إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثا إليهم أو لا
…
، وخرج بقولنا (ومات على الإسلام): من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله
…
ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا وهذا هو الصحيح المعتمد والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى
(1) أسد الغابة (1/ 7).
(2)
الكفاية، ص 52.
(3)
فتح الباري (7/ 3).