المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثامن: الشفاعة: - منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

[خالد المطلق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌ الهدف من الدراسة:

- ‌خطة البحث: تشمل على مقدمة، وقسمين، وخاتمة

- ‌منهجي في البحث:

- ‌الفصل الأولعصر جمال الدين السرمري وحياته

- ‌المبحث الأولعصر جمال الدين السرمري

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌1 - سقوط مدينة بغداد عاصمة الخلافة العباسيّة:

- ‌2 - حملة التتار على الشام ومصر:

- ‌3 - الحروب الصليبية:

- ‌4 - النزاعات الداخلية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة الإجتماعية:

- ‌المطلب الثالث: الحالة الثقافية والعلمية:

- ‌1 - وقوع كثير من البلاد الإسلامية في يد المغول:

- ‌2 - قتل العلماء وإتلاف الكتب العلمية:

- ‌3 - وفود العلماء والأدباء:

- ‌4 - غيرة السلاطين والأمراء:

- ‌5 - تعظيم المماليك لأهل العلم:

- ‌6 - انتشار المدارس ودور التعليم:

- ‌المبحث الثانيحياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه:

- ‌المطلب الثاني: مولده وموطنه:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالثحياته العلمية

- ‌المطلب الأول: نشأته وطلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: مكانته وثناء العلماء عليه:

- ‌المطلب الثالث: شيوخه:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌1 - "الأحاديث القدسية" جزء

- ‌2 - أحاديث منقولة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم متضمنة شفاء من أصبح على شفى

- ‌3 - إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة

- ‌4 - الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة

- ‌5 - الأرجوزة الجلية في الفرائض الحنبلية

- ‌6 - الإفادات المنظومة في العبادات المختومة

- ‌7 - تخريج الأحاديث الثمانيات

- ‌8 - ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌9 - التشوف

- ‌10 - الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية

- ‌11 - خصائص سيد العالمين وماله من المناقب العجائب على جميع الأنبياء عليهم السلام

- ‌12 - ذكر الجراد ومافي شأنه من الصلاح والفساد

- ‌13 - رفع الباس في حياة الخضر وإلياس

- ‌14 - الروضة المورقة في الترجمة المونقة

- ‌15 - شرح اللؤلؤة في النحو

- ‌16 - شفاء الآلام في طب أهل الإسلام

- ‌17 - شفاء القلوب في دواء الذنوب

- ‌18 - صحاح الأحكام وسلاح الحكام

- ‌19 - عجائب الاتفاق وغرائب ماوقع في الآفاق

- ‌20 - عقود اللآلي في الأمالي

- ‌21 - عمدة الدين في فضل الخلفاء الراشدين

- ‌22 - غيث السحابة في فضائل الصحابة

- ‌23 - "الفوائد السرمرية من المشيخة البدرية"، أو "مشيخة ابن الجوخي

- ‌24 - فوائد مخرجه عن شيوخ العدل الأمين الثقة بقية السلف جمال الخلف شمس الدين أبي عبدالله محمد بن عبدالعزيز بن علي ابن المؤذن الوراق البغدادي

- ‌25 - كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون

- ‌26 - الكلم الطيب والعمل الصالح

- ‌27 - مسلسلات السرمري

- ‌28 - مشيخة ابن السلار

- ‌29 - مشيخة ابن الكسار

- ‌30 - مشيخة محيي الدين أبي نصر محمد بن شرف الدين أحمد العباسي

- ‌31 - المعسول في علوم حديث الرسول

- ‌32 - المقدمة اللؤلؤة في النحو

- ‌33 - المولد الكبير للبشير النذير صلى الله عليه وسلم

- ‌34 - نتيجة الفكر في الجهر بالذكر

- ‌35 - نشر القلب الميْت بفضل أهل البيت

- ‌36 - نظم (الغريب أو التقريب) في علوم الحديث

- ‌37 - "نظم مختصر ابن رزين" في الفقه

- ‌38 - نهج الرشاد في نظم الاعتقاد

- ‌الفصل الثانيمنهج جمال الدين السرمري في التلقي والاستدلال

- ‌المبحث الأولمصادر جمال الدين السرمري في التلقي

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌تمهيد: تعريف السنة:

- ‌السنة النبوية مصدر تلقي عند جمال الدين السرمري:

- ‌المطلب الثالث: أقوال السلف في فهم الكتاب والسنة:

- ‌تمهيد:

- ‌اعتصام جمال الدين السرمري بفهم السلف:

- ‌المبحث الثانيمنهج جمال الدين السرمري في الاستدلال

- ‌المطلب الأول: منهجه في الاستدلال بالقرآن الكريم:

- ‌المسألة الأولى: الإكثار من الاستدلال بنصوص القرآن:

- ‌المسألة الثانية: تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌المسألة الثالثة: تفسير القرآن بالسنة:

- ‌المسألة الرابعة: تفسير القرآن بأقوال السلف:

- ‌المسألة الخامسة: عنايته بأسباب النزول:

- ‌المسألة السادسة: عنايته بالقراءات الواردة في الآية:

- ‌المسألة السابعة: اجتهاده في تفسير القرآن على طريقة أهل العلم:

- ‌المطلب الثاني: منهجه في الاستدلال بالسنة النبوية:

- ‌المسألة الأولى: الإكثار من الاستدلال بنصوص السنة:

- ‌المسألة الثانية: ظهور الصناعة الحديثية على مؤلفاته:

- ‌المسألة الثالثة: شرح مفردات الحديث والكلام عليها:

- ‌المسألة الرابعة: الجمع بين النصوص النبوية التي يوهم ظاهرها التعارض:

- ‌المسألة الخامسة: تفسير السنة بالقرآن:

- ‌المسألة السادسة: تفسير الحديث بالحديث:

- ‌المسألة السابعة: تفسير السنة بأقوال السلف:

- ‌المسألة الثامنة: إيراد الروايات والألفاظ الموضحة للحديث:

- ‌المسألة التاسعة: تقديم الحديث على القياس:

- ‌المطلب الثالث: موقفه من علم الكلام:

- ‌تمهيد: تعريف علم الكلام:

- ‌سبب تسميته:

- ‌ذم جمال الدين السرمري لعلم الكلام:

- ‌الفصل الثالثمنهج جمال الدين السرمري في تقرير التوحيد

- ‌تمهيدفي تعريف التوحيد وأقسامه

- ‌1 - تعريف التوحيد:

- ‌2 - أقسام التوحيد:

- ‌المبحث الأولمنهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الربوبية

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية:

- ‌المطلب الثاني: منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الربوبية:

- ‌1 - أدلة توحيد الربوبية:

- ‌2 - أثر توحيد الربوبية وثمراته:

- ‌3 - مسألة تسلسل الحوادث:

- ‌المبحث الثانيمنهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الألوهية وخصائصه:

- ‌المطلب الثاني: منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الألوهية:

- ‌1 - إثبات توحيد العبادة:

- ‌2 - مسائل تنافي توحيد الألوهية:

- ‌أ- الطيرة:

- ‌ب- التبرك الممنوع:

- ‌ج- التوسل الممنوع:

- ‌د- شد الرحال إلى القبور:

- ‌المبحث الثالثمنهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الأسماء والصفات

- ‌ تمهيد:

- ‌المطلب الأول: معنى توحيد الأسماء والصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الأسماء والصفات:

- ‌1 - إثبات الصفات مع نفي العلم بالكيفية:

- ‌2 - تعطيل الصفات أو بعضها تكذيب للوحي:

- ‌3 - تنزيه صفات الله جل جلاله عن مماثلة صفات المخلوقين:

- ‌4 - أزلية الصفات:

- ‌5 - التفسير السلفي لنصوص الصفات:

- ‌6 - تعداد بعض الأسماء والصفات:

- ‌المسألة الأولى: تعداد بعض الأسماء:

- ‌المسألة الثانية: تعداد بعض الصفات:

- ‌الفصل الرابعمنهج جمال الدين السرمري في سائر أصول الإيمان

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالملائكة والإيمان بالرسل

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالرسل:

- ‌المبحث الثاني: الإيمان باليوم الآخر

- ‌المطلب الأول: حياة البرزخ:

- ‌المطلب الثاني: النفخ في الصور، والبعث من القبور:

- ‌المطلب الثالث: الحشر:

- ‌المطلب الرابع (*): الميزان:

- ‌المطلب الخامس (*): الحوض:

- ‌المطلب السادس: الصراط:

- ‌المطلب السابع: الجنة والنار:

- ‌المطلب الثامن: الشفاعة:

- ‌المطلب الثامن: رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة:

- ‌المبحث الثالث: الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌المطلب الأول: معنى الإيمان بالقضاء والقدر:

- ‌المطلب الثاني: مراتب القدر:

- ‌المطلب الثالث: أصلا الضلال في القدر:

- ‌1) التسوية بين المشيئة والإرادة وبين الرضا والمحبة:

- ‌2) التسوية بين الفعل والمفعول:

- ‌المطلب الرابع: الأحكام الشرعية والأحكام القدرية:

- ‌المطلب الخامس: السبب والمسبب:

- ‌المطلب السادس: آجال الخلائق:

- ‌المطلب السابع: الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي:

- ‌الفصل الخامسمنهج جمال الدين السرمري في مسائل الإيمان

- ‌المبحث الأولمسمى الإيمان ومفهومه

- ‌المبحث الثانيزيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالثالاستثناء في الإيمان

- ‌المبحث الرابعالكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌الفصل السادسمنهج جمال الدين السرمري في الصحابة والإمامة

- ‌المبحث الأولمنهج جمال الدين السرمري في الصحابة رضي الله عنهم

- ‌تمهيد: تعريف الصحابي:

- ‌المطلب الأول: حق الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الإمساك عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثالث: ترتيب الخلفاء في الفضل:

- ‌المطلب الرابع: موقف أهل البدع من الصحابة:

- ‌المبحث الثانيمنهج جمال الدين السرمري في الإمامة

- ‌تعريف الإمامة:

- ‌المطلب الأول: طاعة الأئمة، وحكم الخروج على الإمام الجائر:

- ‌المطلب الثاني: موقف المخالفين لأهل السنة في مسألة الإمامة:

- ‌الفصل السابعموقف جمال الدين السرمري من أهل الأهواء والبدع

- ‌المبحث الأول: لزوم الجماعة وذم الفرقة

- ‌مفهوم الجماعة:

- ‌المبحث الثاني: موقف جمال الدين السرمري من أهل البدع

- ‌تمهيد

- ‌الموقف من أهل البدع:

- ‌أولاً: حراسة الدين، وإبطال البدع:

- ‌ثانياً: الهجر:

الفصل: ‌المطلب الثامن: الشفاعة:

يفنيان أبداً، وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبداً، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها خلقوا لها، لايخرجون منها أبداً، وأن المنادي ينادي يومئذ "يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت" على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " (1).

وقد قال ابن حزم رحمه الله في المسائل التي أجمع عليها أهل السنة: "وأن الجنة حق، وأنها دار نعيم أبداً، لا تفنى ولا يفنى أهلها بلا نهاية

وأن النار حق، وأنها دار عذاب أبداً، لا تفنى ولا يفنى أهلها أبدا بلا نهاية

" (2).

أما قول جمال الدين السرمري: " ويُذبَح كبش الموت"(3) فصحيح ثابت في السنة، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجاء

بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت، قال ويقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت، قال: فيؤمر به فيذبح، قال: ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت» قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] وأشار بيده إلى الدنيا» واللفظ لمسلم (4).

‌المطلب الثامن: الشفاعة:

الشفاعة في اللغة كما قال الراغب: "الانضمام إلى آخر ناصراً له، وسائلاً عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى. ومنه الشفاعة في القيامة"(5).

(1) عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص 264، لأبي عثمان الصابوني، تحقيق: ناصر الجديع، الطبعة الثانية 1419، دار العاصمة، الرياض.

(2)

مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات ص 173، لابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت.

(3)

نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص 38.

(4)

رواه البخاري (6/ 93)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله:(وأنذرهم يوم الحسرة) ، ح 4730؛ ورواه مسلم (4/ 2188)، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، ح 2849.

(5)

المفردات في غريب القرآن ص 263، للراغب الأصفهاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، لبنان.

ص: 209

وقال القرطبي: "أصل الشفاعة والشفعة ونحوها من الشفع وهو الزوج في العدد، ومنه الشفيع، لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعاً، ومنه ناقة شفوع إذا جمعت بين محلبين في حلبة واحدة، وناقة شفيع إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها، والشفع ضم واحد إلى واحد، والشفعة ضم ملك الشريك إلى ملكك؛ فالشفاعة إذا ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال المنفعة إلى المشفوع له"(1).

أما الشفاعة في الاصطلاح كما قال ابن الأثير: "هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم"(2).

وقد دل الكتاب والسنة على وقوع الشفاعة يوم القيامة، وهي تقع بشرطين:

أحدهما: أن يكون بعد إذن الله تعالى للشافع.

والثاني: أن يرضى الله عن المشفوع له.

وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: من الآية 255] وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: من الآية 28]. أما من السنة: فإن الأحاديث التي جاءت في إثبات الشفاعة قد بلغت حد التواتر (3).

والإيمان بالشفاعة من أصول الإيمان باليوم الآخر التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة، خلافاً للمعتزلة والخوراج.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر ثابتة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اتفق عليها السلف من الصحابة وتابعيهم بإحسان وأئمة المسلمين، وإنما نازع في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم"(4).

وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري هذا الأصل في غير ما موضع.

(1) الجامع لأحكام القرآن (5/ 295).

(2)

النهاية في غريب الأثر (2/ 1184).

(3)

انظر: نظم المتناثر ص 234 - 236.

(4)

مجموع الفتاوى (4/ 309).

ص: 210

ومن ذلك قوله في منظومته في الاعتقاد:

"ويدخل ناس بالمعاصي جهنمَّا

فيأخذهم منها على قدر الوزر

ويشفع فيهم سيد الخلق أحمد

عليه صلاة الله ما غرد القمري

ويخرج من في قلبه وزن ذرة

بلا شك منها من مقارفة البر" (1).

وقال في موضع آخر في ذكر ما خص الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الآخرة: "ومنها شفاعاته في الآخرة فإن له صلى الله عليه وسلم عدّة شفاعات، الأولى: الشفاعة في عموم الخلق ليحاسَبُوا ويُراحُوا من الموقف كما سبق، وشفاعَةٌ في أهل الكبائر من أمّته، وشفاعة لمن في قلبه مثقال ذرّة من إيمان؛

إلى ما دون ذلك من الشفاعات الخاصّة والمشتركة هو وغيره فيها" (2).

وقال في موضع آخر: "فجملة الشفاعة خمسة مقامات، المقام الأول: في أهل الموقف لفصل القضاء وهي الشفاعة العظمى، وهي من خصائصه صلى الله عليه وسلم، والمقام الثاني: في من يدخل الجنة بغير حساب وهي من خصائصه أيضاً صلى الله عليه وسلم، والمقام الثالث: فيمن يخرج من النّار وابتداؤها له صلى الله عليه وسلم فإنه أول شافع وأول مشفع كما سَبَق، المقام الرابع: فيمن يدخل الجنة واختصاصه منها أنه لا يدخل الجنة أحد بالشفاعة أكثر ممن يدخلها بشفاعته، المقام الخامس: شفاعته في قوم لرفع درجاتهم من الجنة"(3).

وهذه المقامات السابقة التي ذكرها جمال الدين السرمري سوى المقام الثالث ليست هي التي جرى فيها الخلاف بين الأمة، وإنما أكثر ما وقع الخلاف والإشكال والتنازع فيه هو في الشفاعة فيمن يخرج من النار، وهذا هو المحل الذي ذكر العلماء لأجله موضوع الشفاعة في كتب العقيدة وكرروا ذلك لأهميته بالنسبة للرد على أهل البدع، ولا يزال أهل البدع إِلى اليوم ينكرون هذا النوع، وهو شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرجوا منها،

فالمعتزلة والخوارج ينكرون الشفاعة لأهل الكبائر وأن الله سبحانه وتعالى لا يأذن لأحد أن

(1) نهج الرشد في نظم الاعتقاد، ص 38.

(2)

خصائص سيد العالمين [ق 62/و].

(3)

خصائص سيد العالمين [ق 85/و].

ص: 211