الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام دين الحق، والعدل والسلام:
لقد كان الإسلام وما يزال دين الحق والوئام، ودين العدل والسلام.
وذلك من وجوه كثيرة أهمها ثلاثة:
الوجه الأول:
أنه من لدن عليم خبير، حكيم قدير.
فمن كان عليماً خبيراً، وضع ديناً عظيماً دقيقاً، ومن كان قديراً حكيماً، وضع تشريعاً قويماً حكيماً يناسب كل زمان، ويوافق طبيعة كل إنسان، وينشر العدل والإحسان، في كل صعيد وكل مكان {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 2]. أفلا يعلم العليم الخبير بأحوال العباد الذين خلقهم، ما يصلحهم وما يفسدهم؟ !
قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: (67)].
أفلا يضع القدير الحكيم، ديناً قيماً، وتشريعاً حكيماً، يصلح أحوالهم، ويناسب حياتهم ومعاشهم؟ ! {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النحل: 60]. فحري حينئذ بمن عمل بتشريع الحكيم العليم أن يوفق للحياة الطيبة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97].
ولهذا توافقت شريعة الإسلام، وسنن الله الكونية، وفطرة الإنسان الخلقية، توافقاً عجيباً، وانسجمت انسجاماً بديعاً {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف:(54)]. فمن خلق فهو أحق بوضع تشريع لخلقه يناسبهم، وإنزال أوامر لعباده تصلحهم، كيف لا؟ ! وهو عز وجل الذي فطرهم، وخلق سنن الكون، وهو الذي يعلم ما يوافقهم وينافرهم، ويعلم سرهم وحوائجهم، ونياتهم وأحوالهم.
وقال تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
…
} [الفرقان: (25)].
الوجه الثاني:
ما يظهر للعقلاء من حقيقة تعليماته، وإشراقة أحكامه، وسر عباداته.
فإن من تأمل الإسلام بعقل وفطنة، يجد في عقيدته الوضوح والصفاء، ويلفي في توحيده المتانة والشفاء كل الشفاء، لما يختلج في الصدور، وتتساءل عنه العقول.
ومن فكّر بوعي في العبادات، وجد في الصلاة والصوم والصدقات، وفي حفظ الأعراض وتحريم المحرمات، سراً عظيماً، وهدفاً سامياً في تزكية النفوس، وصلاحاً قوياً للأبدان، واستقامة عظيمة للأعمال.
ومن تأمل قواعد التوارث في الإسلام -على سبيل المثال- يذهل لعظمتها، ودقتها وتفصيل توزيعها، وموافقتها للطبيعة البشرية التي فطر الله الناس عليها، على مر العصور، في شأن القرابة، وفي شأن حب المال، فالوالدان والأولاد هم أعز القرابة، لذلك كان لهم حظ وافر، وأنصبة موزونة، وانظر بتفكر كيف ينقص حظ الأب والأم والزوجة حين يكون للميت أولاد، ونقصان حظهم من المال مقبول منهم بكل رضى، لأنه سيعود على الأولاد الذين يحبونهم، لا على غيرهم، والأولاد أحوج إليه منهم في الغالب، فسبحان الله ما أعلمه وما أحكمه!
كما تتجلى عظمة الإسلام، فيما أمر به من التعاون والتكافل، والتسامح وصلة الأرحام، وصنع المعروف، ومعالجة القضايا الاجتماعية، ومبادئ الحياة الزوجية، وقد أعطى الإسلام نصيباً وافراً للاهتمام بحسن الأخلاق، لما له من تأثير بالغ في تعاضد المجتمع وقوته، وحسبنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) [رواه أحمد (2/ 398) والبخاري في الأدب المفرد (273) وصححه شيخنا الألباني].
وتظهر متانة الإسلام، في بناء مجتمع يسوده العدل والأمان، وتتضح وضوحاً جلياً في أوامره وأحكامه بالعدل بين بني الإنسان، فلا فرق بين ذكر وأنثى، ولا عربي وأعجمي، ولا أبيض ولا أسود، ولا غني ولا فقير، ولا وجيه ولا صعلوك في المعاملات.