الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنكر هذه السياسة، إما جاهل فيُعلَّم، وإما ماكر فيُردع، والقيام بأمر السياسة الشرعية، يكون بالسياسة الشرعية، وعلى الطريقة السلفية.
واعلم أن هداية الناس مقدم، على سياستهم، وسياسة بلا هداية إفلاس، كتجارة بلا رأس مال عاقبتها الإفلاس.
والسياسة البدعية:
السياسة البدعية: هي حكم الناس، وإدارة أحوالهم، ورعاية شؤونهم بغير شرع الله، من الأنظمة الوضعية، مهما كان اسمها، ومهما كان فحواها، ومهما كان مصدرها، دون مراعاة أحكام الشرع، ولهذه السياسة أصول فاسدة، وقواعد مخترعة، ليس هذا محل إبطالها.
وإن حشر جماهير المسلمين في هذه التيارات السياسية المعاصرة غير الشرعية، وقذفهم في لُججها، وإشغالهم بسرابها، ظناً منهم أن هذا ينصر الإسلام، ويدفع كيد الأعداء، إنما هو سراب، وما راءه إلا السراب، بل ما زادهم ذلك إلا خسارةً، وما نفعهم إلا ضياعاً للأوقات، وهدراً للطاقات، ولو أنهم بذلوا هذه الأوقات في تعليم الناس وتربيتهم، واستغلوا هذه الطاقات في دعوتهم، لكان خيراً لهم، وأهدى سبيلاً.
قال الشاعر عن السياسة المعاصرة البدعية:
أما السياسة فاتركوا
…
أبداً وإلا تندموا
إن السياسة سرها
…
لو تعلمون مطلسم
قلت:
إن السياسة شرها
…
لو تعلمون مدمدم
وشتان بين سياسة الدين التي هي واجبة ثابتة واضحة، مبنية على شرع الله، كسياسة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، وبين دين السياسة المبني على المصالح الشخصية، والألاعيب الخبيثة، والتقلبات الدولية، والذي لا يقيم لشرع الله وزناً، فهل نحن منتهون.
قلت: بل خوضها للأتقياء نَصَبٌ وحرج، وللدعاة مشغلة لا نفع فيها، وللعاطفيين مصيدة، وللعوام انحراف وسمّ في الدسم، وللدعوة مدمر، وللعدو عذر وغدر ومصلحة، وللشيطان مصرف للمسلمين عن العلم والعمل والدعوة.
واعلم -يا عبد الله- أنه لا تجتمع سياسة بدعية معاصرة، ومنهج حق وتقوى، إلا أفسدت منه بقدر ما اختلط بها.
وهذا هو مقصود شيخنا الألباني -حفظه الله- بقوله: "من السياسة ترك السياسة" أي السياسة المعاصرة، فإن أساس السياسة المعاصرة غير شرعي، وهو مبني على مقاصد دنيوية، ومصالح شخصية، وألاعيب خفية، ليس فيها دين ولا تقوى، فكيف يشارك فيها التقي الورع، ثم انظر أيها العاقل، ماذا جنى السياسيون المسلمون من جراء الخوض في هذه السياسة، سوى القيل والقال، وضياع الأوقات، وهدر الأموال والطاقات، واستغلالهم في كثير من المواقف، وجعلهم ألعوبة يتلاعب بها، وإسقاطهم في فخاخها، لتمرير قضايا مبيتة.
ولقد أقرَّ كثير من عقلائهم -بعد خوضهم السياسة البدعية- بفساد هذا الطريق، وفشلهم فيها، حتى قال أحد قادتهم:"إن دخول السياسة في هذا الزمان انتحار للجماعة الإسلامية".
كما أعلن أساطين السياسة من المسلمين وغيرهم، من شرقيين وغربيين "أنه لا خلق للسياسة، ولا دين لها" وما يجري في الخفاء مما لا يعلمه الناس أكبر وأدهى وأكثر مما يظهر.
وللسياسيين وبخاصة الغربيين، كلمات في هذا كثيرة منها:
"من تكلم في السياسة قبل الأربعين فهو أحمق" و "من زعم أنه يعلم كل ما يجري على الساحة السياسية فهو جاهل".
وإذا كان دخول هذه السياسة من قبل الجماعات الإسلامية جائزًا، فإن الخطأ الفادح الذي ارتكبوه ويرتكبوه اقتحامهم بجماهير غير مؤهلة ولا متربية، ولا ذات بصيره في دينها ولا دنياها، ولو أنهم علموا هذا لأدركوا سر فشلهم، وأسباب تراجعهم.
وإذا كان شيء منها حقًا، وفيه مصلحة ظاهرة راجحة، ولا يترتب على ذلك مفسدة، كأن يكون ذلك في بلد معين، في ظرف معين، فيجوز وقتئذ التعامل معها، كالتعامل مع لحم الخنزير، وشرب الخمر.