الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهاد: أحكامه، أنواعه
الجهاد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وهو: ماض إلى يوم القيامة، مع كل بَرٍ وفاجر، لا يُعطِّله ظلم ظالم، ولا تسويف مسوف، ولا ينسخه تأويل متعالم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)) [البخاري (1737) ومسلم (3/ 1487) رقم (1353) عن ابن عباس].
ولم تعزَّ أمة الإسلام -بعد التوحيد والتقوى- إلا به، ولم ينزل بها الذل إلا بإخلالها بالتوحيد، وعصيان الله والانكباب على الدنيا، وترك الجهاد في سبيل الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) [رواه أحمد رقم (4825) وأبو داود (3462) عن ابن عمر وصححه شيخنا الألباني في صحيح أبي داود (2956) وفي الصحيحة رقم (11)].
والجهاد يشمل جهاد الحجة والبيان، والدعوة والسنان وجهاد المال والإخلاف، وهو أن يخلف المجاهدين في أهلهم بخير.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: (73)]. ومع أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد المنافقين، فلم يرفع عليهم سناناً، وإنما وعظهم بياناً {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء:(63)].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) [أخرجه أحمد (3/ 124) وأبو داود (2504) والنسائي (6/ 51) الدارمي (2431) والحاكم (2/ 81) وقال صحيح على شرط مسلم].
والجهاد بالسنان جهادان: جهاد الدفع، وجهاد الفتح والدعوة.
فأما الأول: فليس له شروط سوى أن تكون المصلحة أكبر من المفسدة.
- وعلى المسلمين أن يهبُّوا حسب قدراتهم لرد العدو الصائل.
- وأن يخضعوا لأمر السلطان إن وجد، وإلا خضعوا لأهل الحل والعقد.
- وأن يتفقوا فيما بينهم على من يقودهم.
- وأن يكونوا صفاً واحداً غير متنازعين، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [سورة الصف: (4)]. وقال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة الأنفال: (46)].
وأما جهاد الفتح والدعوة: فله شروط وواجبات معروفة عند العلماء، لا يجوز تجاوزها، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:
- أن يكون المسلمون أهلاً لذلك، من الناحية الإيمانية، والعقدية، والتربوية، والعلمية.
- أن يكون ذلك بعد التمكين (أي: إقامة دولة).
- أن يكون بجماعة، وتحت إمرة أمير المؤمنين وبإذنه.
- أن يبذل ما يستطاع من الإعداد المادي.
- أن تتميز الصفوف (يكون صف الكفار في جهة مميزاً عن صف المؤمنين الذي في جهة أخرى).
- أن تتوحد الصفوف.
- أن تكون الراية خالصة، ليس فيها ما يشوبها من وطنية، أو قومية، أو
…
والناس فيه بين ناسخ ومُفرّط، ومثبط ومقصر، وبين متعجل ومتهور، ومجاهد بلا تحقيق شروط، ولا انتفاء موانع، ولا عملٍ بواجباته.
ومن المسلمين من يظن: أن الإسلام لا يقوم إلا بالجهاد، فيغفل عن العلم والعمل والدعوة، أو ينشغل عنها به.
ومنهم من يعتقد: أنْ إذا توقف الجهاد وعجز عنه، ضاعت الأمة، وتعطلت الدعوة، وتوقف التعليم، فلا دعوة ولا علم ولا تربية إلا بالجهاد، فإذا توقف الجهاد، توقف عندهم كل شيء.