الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قال قائل: هذا التقسيم مُحدث، قيل له: ليس محدثاً في أصله، فقد قال تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: (48)].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)) [رواه أحمد (4/ 273) عن النعمان بن بشير، وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة رقم (5)].
ففي هذين النصين، قُصد المعنى الخاص، وإلا لما كان للعطف -في الآية- فائدة، ومن تأمل الحديث كذلك أدرك ذلك.
ويقال لمنكري هذا الاصطلاح: ماذا تسمون طريقة التغيير التي يسلكها الناس على مختلف مذاهبهم، فمهما تكون تسميتكم، فهي توازي كلمة المنهج، وسواء سميت: طريقة التغيير، أو منهجاً، أو مسلكاً، أو غيره، فكل ذلك اصطلاح، لا ينبغي الوقوف عنده، فإن مما قرره العلماء: أن لا مُشاحة في الاصطلاح.
هل المنهج من العقيدة أم قسيمٌ لها
؟
أما على المعنى الأول العام: فلا شك أن المنهج هو العقيدة، والعقيدة هي المنهج.
وأما على المعنى الخاص، فإن المنهج قسم من أقسام الإسلام، كما أن العقيدة قسم منه، وكذلك الفقه والأخلاق.
قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: (48)].
قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه
…
)) [أخرجه ابن ماجه (1967) عن أبي هريرة وحسنه شيخنا الألباني في الإرواء (1868) وفي الصحيحة (1022)]. وفيه دلالة على أن الخُلق قسم من الإسلام مهم؛ لأنه عطف على الدين تنبيهاً لأهميته مع أنه جزء منه.
وبناء عليه يقال: إن الإسلام: عقيدة ومنهج وشريعة وأخلاق: أما العقيدة فمعروفة الحد، وأما المنهج فعلى ما فصلنا، وأما الشريعة فهي: الأحكام والمعاملات، وأما الأخلاق: فمعروفة التعريف، مهجورة التطبيق.
هل يجوز أن ينفصل المنهج عن العقيدة
.
لا شك أن الأصل والواجب عدم انفصال مشرب المنهج عن مشرب العقيدة، كأن تُأخذ العقيدة من الإسلام، والمنهج من غيره، أو تُلتزم عقيدة السلف، ويُسلك منهج في التغيير مخالفاً لهم، بل هذا هو الضلال، وإنما الواجب على المسلم أن تكون عقيدته عقيدة السلف، ومنهجه منهج السلف، هذا من حيث الواجب والأصل، أما من حيث واقع الأمر فمختلف عند الناس ومضطرب، فترى بعضهم صحيح العقيدة، منحرف المنهج على المعنى الخاص، فهو صحيح العقيدة في توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ولكنه يسلك غير منهج أهل السنة في التغيير، كاتباعه منهج الاغتيالات، أو الانتخابات، أو المظاهرات، أو ما شابه ذلك، فالخوارج كان أول ضلالهم خروجاً منهجياً على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ولم يكن ثمَّة خلاف في العقيدة بينه وبينهم، ثم تطوَّر الأمر إلى ضلال في العقيدة.
والمسألة هاهنا -من حيث التشبيه- كتوحيد الربوبية والألوهية، فالأصل والواجب تلازم توحيد الربوبية والألوهية، ولكن واقع الناس في هذا مختلف ومضطرب، كما هو معلوم.