الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيد قطب:
نظراً للفتنة الحاصلة في الداعية سيد قطب رحمه الله كان لزاماً بيان ما يأتي:
كان سيد رحمه الله -في آخر حياته- داعية من دعاة الإسلام المشهورين المؤثرين في الساحة الإسلامية تأثيراً بالغاً، وله مواقف في وجه الطاغوت، والعلمانية، والتيارات الملحدة يشكر عليها، ولكنه وقع في تناقضات وأخطاء كبيرة.
وسر ذلك أنه مر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى:
مرحلة الكاتب، وكان فيها متأثراً بالثقافات المختلفة في عصره، وغير ملتزم بالإسلام، فكتب ما يوافق الإسلام وما يخالفه، وفي ما يخالفه كتابات فيها جهالة وضلالة وتصورات، لا يحل قراءتها ولا نشرها، وبخاصة في كتابه العدالة الاجتماعية وغيره، وإذا كانت دعوى التراجع صحيحة، فتكون المؤاخذة على المسئول عن استمرار طباعتها.
المرحلة الثانية:
بداية تأثره بالإسلام، وكتاباته عن القرآن، ثم انخرط في الحزبية مع الإخوان المسلمين، وعلى منهجهم المعروف.
المرحلة الثالثة:
استقلاليّته في المنهج (1)، وإصابته في كثير من قضاياه، وتميزت هذه المرحلة بالنقاط التالية:
- اعترافه بأخطاء الإخوان المنهجية والعقدية، وتصريحه بذلك.
- دعوته إلى منهج التغيير عن طريق دعوة المسلمين سلمياً، وردهم إلى العقيدة والأخلاق حسب ما يراه.
(1) وأعني بالمنهج المعنى الخاص أي طرق التغيير راجع (باب المنهج في هذا الكتيب) ولا أعني بذلك أنه إمام له منهج حق، وإنما استقل بمنهجه عن الإخوان المسلمين ورسم لنفسه طريقاً مستقلاً.
- بناء المجتمعات من القاعدة الصُّلبة، بتصحيح مفاهيم المسلمين عن الإسلام، وممارسة شعائرهم.
- رفضه الطرق المبتدعة في التغيير، كالاغتيالات، والانتخابات، والمظاهرات، وما شابه ذلك من طرق التغيير المبتدعة.
وقد أقر هذا الذي توصل إليه سيد كثير من العلماء، وعلى رأسهم شيخنا العلامة الألباني (1) - حفظه الله- وكذلك أيد هذا الشيخ ربيع، وصرح أن سيد قد:(توصل إلى أن المنهج السلفي، هو المنهج الصحيح الذي يجب أن يؤخذ به)(2).
وصرح ربيع أيضاً: أن سيد كان يرى: "أن يربى الشباب على العقيدة والأخلاق، قبل كل شيء على العقيدة الصحيحة"(3).
وقد زكى الشيخ ربيع سيداً، تزكية ما سبقت لغيره، بل أوجب ما لم يوجبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد أوجب على الحركات الإسلامية أن تأخذ من كتبه، وأن تستفيد من تقريره، فقال: "رحم
(1) في أشرطة كثيرة، وفي مقدمة ((كتاب مختصر العلو)) وسمعت هذا منه مراراً.
(2)
شريط له ((جلسة في مسجد الرضا)).
(3)
بالمناسبة: يقول أحد المترصدين معلقاً على استشهادي بكلام سيد، وأنه كان يدعو إلى العقيدة أولاً، يقول مستنكراً (فهل يقول إنسان إنه- أي سيد -يقصد الدعوة السلفية .. )، قلت: أما أنا فلم أقل ذلك، وأما إنسان آخر فنعم - أيها المترصد - فإن هناك كثيرين يقولوا بهذا، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الشيخ ربيع، في شريط
…
(جلسة في مسجد الرضا) .. وقد نقلت بعض كلامه في المتن. فما رأيك؟ ! ؟ هل ربيع كان يكذب! ؟ أم كان لا يفهم العقيدة السلفية .. أم كانت الحزبية تعمي بصره .. أنبئونا بإنصاف إن كنتم منصفين. وحذار أن تقول: تراجع .. فليس بحثنا في تراجعه، وإنما بحثنا .. في شهادته -وقتئذ-بسيد، وأنه يدعو إلى العقيدة الصحيحة.
وثمة بعض الناس لا يرون أحداً فهم الإسلام أو السلفية مثل شيخهم، ولذلك يتعصبون له، وإذا عارض قوله: قول الكثيرين من علماء الإسلام قدموا قوله، دون نظر في الأدلة، باعتباره رافع راية الجهاد، أو رافع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو رافع راية الجرح والتعديل، وهكذا المنهج واحد والشكل مختلف. فلا حول ولا قوة إلا بالله. والذي يقول: إن سيد كان على العقيدة الصحيحة بهذا الإطلاق، هو أحد رجلين: إما لا يعرف التثبت أبداً، وإما لا يعرف العقيدة، ووالله الذي يعلم ما في نفسي ونفس ربيع، إني كنت أعلم أن عند سيد رحمه الله أخطاء في العقيدة، وأحذر منها قبل كلام ربيع هذا، بأكثر من ثلاثين سنة، وإني ما زكيته تزكية عامة، وخاصة في العقيدة قط، غير أن الفارق بيننا وبينه، أننا نعدل في الرضا والغضب، والمحبة والكره.
الله سيد قطب، لقد نفذ من دراسته إلى عين الحقيقة والصواب، ويجب على الحركات الإسلامية أن تستفيد من هذا التقرير الواعي، لقد وصل في تقريره إلى عين منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) (1).
وقد كنت أول حياتي الدعوية: قد حثثت على بعض كتبه التي زكى بعضها شيخنا الألباني حفظه الله، ثم حذفتها من الطبعة الثانية من السبيل، وكنت قلت: لا أعلم أحداً تكلم في قضايا المنهج على وجه الأرض مثله، أو كلمة نحوها، وقد أعلنت أكثر من مرة تراجعي عن هذا العموم، وإن كنت قصدت أن ذلك في زمانه، وأنه أول من كتب في المنهج، وقصدت بالمنهج قضايا التغيير، فإنه رحمه الله كان في آخر حياته ينكر اتباع الطرق المبتدعة في التغيير، كما ذكرنا ذلك سابقاً، ولما لم تفهم العبارة على ما قصدت، أعلنت التراجع عنها، ولم أزك سيداً في العقيدة بعامة كما فعل ربيع، فاسمع إن كنت من أهل الإنصاف، كيف زكى ربيع سيداً، نفساً وعقيدةً ومنهجاً، وقد أوجب على الجماعات الإسلامية اتباع سيد، اسمعه وهو يقول:"لكن أنا أقول إن سيد قطب كان ينشد الحق، ولهذا لو يسمع الإخوان نصيحته، لانتهت الخلافات بينهم وبين السلفيين، هذا الرجل بإخلاصه وحبه للحق، توصل إلى أنه لابد أن يربى الشباب على العقيدة والأخلاق، قبل كل شيء العقيدة الصحيحة، وأظن قرأت لزينب الغزالي، ولا أدري إن كنتم قرأتم لها، أنه كان يحيلهم إلى كتب الشيخ ابن عبد الوهاب، وإلى كتب السلفية، فالرجل بحسن نيته إن شاء الله، يعني توصل إلى أن المنهج السلفي هو المنهج الصحيح، الذي يجب أن يأخذ به الشباب، وأن يتربوا عليه"(2).
فانظر -أخي المنصف- الفرق بين عباراتي، وعبارات ربيع، فعباراتي تخص المنهج، قضايا التغيير -وليس تزكية عامة ولا تزكية في العقيدة، ولم أوجب على أحد اتباعه، وعبارات ربيع
(1) كتابه منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله ص (148).
(2)
شريط له عنوانه ((جلسة في مسجد الرضا)) ودعوى أن ربيع تراجع عن هذا يفيد أن ربيعاً لا يتثبت في النقل فإن نقله ليس رأياً دائماً وإنما هو خبر، وفرق بين الرأي والخبر.
فيها إطراء لسيد رحمه الله، وتزكية له في نفسه وعقيدته ومنهجه، حتى أوجب -وللأسف- على الحركات الإسلامية أن تستفيد منه، ولا يوجب شيئاً إلا الله سبحانه أو رسوله صلى الله عليه وسلم لكن، ترى القذاة في عين أخيك، ولا ترى الجذع في عينك، أو عين محبوبك.
وإذا تراجع ربيع عن هذا، فأنا أولى منه بالتراجع، إلا أن يكون هناك دين لبعض الناس، يقبل تراجع بعضهم، ودين لا يقبل تراجع آخرين، كفعل أحبار اليهود وقسيسي النصارى، يقبلون توبة من يرشيهم، ولا يقبلون توبة الفقير الذي لا يعطيهم، وقال بعضهم: تراجعُ عدنان ليس بصدق، وهذه طامة أكبر من الأولى، ففيها إدعاء معرفة الغيب، وإساءة الظن.
ثم مسألة أخرى: إن كلامي في سيد أقدم من كلام ربيع بسنين، وكلامه قريب بعد حرب الخليج، وبعد ادعائه خروجه من الإخوان المسلمين، فتفكر إن كنت منصفاً، لتعلم من الذي يتلاعب بعقول الناس ليخفي سوأته (1).
(1) ومن التناقض الواضح في كلام ربيع أنه يقول: ((أنا ابتليت بقراءة كتبهم (كتب الإخوان)، لكن أنا أميز بين الحق والباطل)).
ثم يقول عن سيد: ((توصل إلى أن المنهج السلفي هو المنهج الحق)).
ثم يعتذر عن تزكيه سيد ودعواه هذه، بقوله:((لقد قلت هذا الكلام في أزمة الخليج مصدقاً للدعايات الضخمة لسيد قطب)) أفبالله عليك أيها المنصف .. كيف يستقيم هذا تارة يميز ويعرف وتارة يزكي وتارة يطعن.! ! !
فإذا كان ربيع يميز بين الحق والباطل، فكيف لم يميز الدعايات الضخمة وإذا كان بنفسه قد وقف على كتب سيد فهل اعتقد وقتئذ ضلاله أم استقامته، ثم كيف يترك ما اعتقده للدعايات .. أو تزكية عقائد الناس تكون يا ربيع بالدعايات الضخمة، فهل هذا رجل يكون أهلاً لانتقاد عباد الله، بل إن على مثل هذا أن يعيد النظر في أبجديات الأدلة، حتى لا يحكم على العباد من الدعايات الضخمة فيقع في الظلم والفتنة.
وقال ربيع: أنا أميز بين الحق والباطل، أنا في الظلال أنا قرأته، وأنا في الثانوي، وأعرف الأخطاء التي فيه والله وأنا في الثانوي)).
انظر أيها المسلم المنصف -بإمعان وتدبر: رجل يقول عرفت أخطاء سيد وأنا في الثانوي أي عرف ضلاله وأنه خبيث وأنه ماسوني العقيدة
…
ألخ
ثم يقول: ((هو يدعو إلى العقيدة الصحيحة وإلى منهج السلف))، ثم يعود فيقول:((سيد ضال .. ما سوني .. )) ففي أيها كان ربيع صادق -ولا أقول أبداً كان كاذباً- فمادام أنك كنت تعرف هذا وأنت في الثانوية، فما الذي جعلك تصدق الدعايات في الثانوية، وتتركه وأنت المميز للحق من الباطل.
رجل يقع في هذه التناقضات .. هل له الحق بعد ذلك أن يدعي أنه من أهل الجرح .. ثم يطالب ربيع على عدم تثبته في نقل الأخبار .. تالله العظيم إن رجلاً يحكم بالعقيدة الصحيحة بالدعايات، ويحكم على مسلم بالماسونية بالمجلات، تالله إنه لا يعلم معنى التثبت، أو لا يفقه ما يقرأ أو لا يدري ما يقول، اللهم هداك اللهم إنا نعوذ بك من التعصب الذي يحمل على هتك الأعراض، والقدح في العباد.
ومع هذا: فأنا راجع عن كل ما قد يُفهم منه غير هذا الذي قصدت، والله من وراء القصد.