الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلماء ورثة الأنبياء:
العلماء العاملون، والدعاة المخلصون: هم ورثة الأنبياء، ونخبة النجباء، وهم مصابيح الدجى، ومنارات الهدى، لبيان الحق، وهداية الخلق، وهم لسان الأمة، وعمودها الفقري، فبهم يهتدي الناس في الظُّلم، وبهم يثبت العباد في المحن، وينجون من الفتن، وهلاكهم هلاك للأمة، وفقدانهم ضلال في الملة، قال صلى الله عليه وسلم:((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْق عالماً، اتخذ الناس رؤوساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) [رواه البخاري (100) عن عبد الله بن عمرو].
والخروج على العلماء، لا يقل شراً عن الخروج على الحكام المسلمين، فالخروج على العلماء أصل، والخروج على الحكام فرعه، وما خرج الخوارج على الحكام في كل عصر إلا بعد خروجهم على العلماء.
وللعلماء الربانيين حق الطاعة، فهم من أولي الأمر، وأصحاب البصيرة، وهم من المعنيين في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: (59)]. ومذهب السلف: أن الآية عامة تشمل الحكام الصالحين، والعلماء العاملين، قال ابن عباس تفسيراً لقوله تعالى:{وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} "يعني: أهل الفقه والدين" قال ابن كثير: "والظاهر -والله أعلم- أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء".
ومن أعظم المفاسد: الطعن بهم، ونشر سيئاتهم، وذلك مئذنة ضلال الطاعن، وعلامة زيغه؛ لما يترتب على ذلك من مفسدة الوقيعة بين الناس والعلماء، وانقطاع الصلة بينهم، فلا يكون وقتئذ للعلماء على الناس طاعة، ولا يكون عند الناس للعلماء احترام، وحينئذ يكون عالم المرء هواه، ومفتيه رأيه ومصلحته، فتقع عندئذ الفتن، ويخوض الناس في الفساد.
وعلى العلماء أن يكونوا أهلاً للمسؤولية، وأن يعلموا أن صلاحهم صلاح للأمة، وفسادهم فساد لها، فلا يبيعوا دينهم بدنياهم (1) ولا يكتموا ما أمر الله ببيانه.
وإن من أسباب خروج الناس على العلماء والحكام، فساد كثير من العلماء، وأكلهم السحت، وسكوتهم عن المنكر، ومداهنتهم أهل الباطل، إلا من رحم الله، فسقطت هيبتهم عند الناس، فانفض الناس عنهم، فاتخذوا رؤوساً جهالاً، وكثير من أتباعهم مخلصون بلا علم، فسفكوا الدماء، وانتهكوا الأعراض، باسم الإسلام، وهم لا يشعرون.
والمقصود بالعلماء: العلماء بالكتاب والسنة على منهج سلف الأمة، العاملون بعلمهم، والداعون إلى ربهم، الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، لا يبيعون دنيا بآخرة، ولا يخافون في الله لومة لائم.
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [سورة الأحزاب: (39)].
(1)
(2)
وإني لأخشى إن مات هؤلاء الفحول من العلماء، وقد ظهر مرض بعضهم، أن تظهر الفتن، ويضطرب شباب الصحوة. فالله وحده هو الهادي في المحن، والموفق في الفتن.