الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا مواجهة ولا مداهنة:
ويصلح في معظم هذه المجتمعات الجاهلية المعاصرة على أنواعها وغيرها، وفي مثل هذه الظروف الراهنة من تكالب العدو، القوي المتربص، والحاقد الشرس، وما يعانيه المسلمون من ضعف في الإعداد الإيماني والمادي، وجهل في التوحيد والدين، وانتشار الذنوب والفساد، وهيمنة الظلم والتجبر والبطش، يصلح في مثل هذا، العمل بقاعدة:((لا مواجهة ولا مداهنة)) أي: لا مواجهة إلا بالدعوة والبرهان، ولا مداهنة للكفر والعصيان.
فلا نواجه في دعوتنا ولو ظُلمنا، أو سُجنا، أو قُتلنا {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم:(12)]. ولا نداهن في ديننا، طمعاً في مصلحة، أو تحقيقاً لسياسة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:(9)].
والمقصود بالمواجهة: المواجهة المسلحة، والمقصود بالمداهنة: السكوت عن المنكر، وتأييد الباطل.
وهذه هي قاعدة الأنبياء لمن تدبر.
فإن المواجهة تزهق الأرواح، وتوقف الدعوة.
وإن المداهنة تُميِّع الإسلام، وتحلق الدين، وللمسألة تفصيل فيما أشرنا إليه سابقاً، وسيأتي بعضه.
والله وحده المستعان، وهو المسؤول لرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً.
ومن السنن المبتدعة في التغيير:
المظاهرات الفوضوية، والثورات الهمجية، والتفجيرات الدموية، والاغتيالات الشخصية، والانتخابات النيابية، وما شابهها من الأمور المستوردة المقلدة، التي لا يعرفها سلفنا الصالح، ولا أمتنا من قبل، والتي لم تجر على الأمة الإسلامية إلا البلاء، وصد الناس عن سبيل الله.
وجوب السعي إلى التغيير:
بعد أن عرفنا الداء الحقيقي للمسلمين، والذي كان وراء نكستهم وذلهم، أصبح واجباً على المسلمين وبخاصة علماءهم ودعاتهم، السعي الحثيث لتغيير حال الأمة الإسلامية، ورد أفرادها إلى دينهم رداً جميلاً، واستنهاضها من كبوتها، وإعادة التمكين لها، كي تستأنف رسالتها، وتؤدي واجبها.
ويجب أن يكون هذا التغيير على منهج الأنبياء، وسنة الإسلام، وطريق سلف هذه الأمة، ولا يجوز لتغيير أحوال الناس: ترك سنة الإسلام، واتباع سنة غيرهم، وفضلاً عن أن في هذا مخالفة محرمة، فهو طريق لا فلاح فيه في الدنيا ولا في الآخرة.
قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: (153)].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من عمل بسنة غيرنا)) [رواه الديلمي في الفردوس: (5268) عن ابن عباس، وحسنه شيخنا الألباني في صحيح الجامع: (5439) وفي الصحيحة (2194)].
ومن أراد لهذه الأمة رداً جميلاً، وتمكيناً قوياً، ونصراً عزيزاً: فليتبع منهج الأنبياء في التغيير، ولا يبتدع، وليسلك طريق السلف الصالح في التجديد، ولا يتكاسل عنه، ولا يعرض، وما عدا ذلك فسراب وضلال.
وقد ذاق العاملون في الحقل الإسلامي مرارة مخالفتهم، وتراجع كثير من عقلائهم، والعاقل من اتعظ بغيره.
وطريق الأنبياء ومنهج السلف: هي معالجة أحوال الناس أولاً، وذلك عن طريق العلم النافع، والعمل الصادق، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا خير في مواجهة عدو قوي بضعفاء الإيمان، ولا نصر في قتال عدو بعصاة الجبار، ولا تأييد من الله لمن سقط في الشركيات، وأحدث المبتدعات، إلا أن يشاء رب البريات، لحكمة من الحِكَم الخفيات.
والأمر باختصار: كما قال الإمام مالك رحمه الله: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
وأما تفصيلاً: فلا بد من النظر في كل داء أصاب الأمة -مما ذكر- ثم معالجته، فلا بد من معالجة الجهل الذي ران على المسلمين، وتقوية إيمانهم، وإيجاد بيئة صالحة لهم، مع مراعاة القواعد التالية: