الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاعدة (نصحح ولا نجرّح):
هذه قاعدة تربوية عظيمة في مجال الخلاف الاجتهادي، وأطلقت في وجوه الذين يعملون بقاعدة (نجرح ولا نصحح) و (نحكم ولا نُعلِّم) و (نطعن ولا ندعو) أولئك الذين يتجاوزون حدود النقد العلمي إلى أعيان المجتهدين، والذين يبدؤون تربية الشباب الذين لا يحسنون قراءة القرآن، ولا يتقنون شروط الصلاة، ولا يعرف كثير منهم -الفاعل من المفعول- يربونهم على تجريح العباد، والطعن بالنجباء، حتى تطاولوا على العلماء الكرام، وأحرقوا بعض كتبهم كالنووي، والذهبي، والعسقلاني، وابن باز، والألباني، وغيرهم.
وأشغلوهم -بالطعن والتجريح- عن العلم والعمل والدعوة، فترى هؤلاء الشباب لا هم لهم ولا عمل، سوى الانتقال من مجلس إلى آخر، ومن بلدة إلى أخرى، يطعن بهذا، يُخبّث ذاك، يجرح هؤلاء، يدخل في نيات أولئك، همه تتبع العثرات، وإلصاق الإلزامات، فإن استحفظته قرآناً وجدته لا يحفظ، وإن سألته عن تفسير آية، وجدته لا يفقه.
لذا كان لزاماً علينا التصدي لهؤلاء بالقاعدة التربوية (نصحح ولا نجرح) أو (نخطِّئ ولا نطعن).
أي: نقوم بتصحيح الكلام، ولا نشغل أنفسنا بتجريح العباد، والدخول في النيات (خبيث، دجال، كذاب، مدلس، منافق).
ولا شك أن تصحيح الكلام يتضمن بدهياً التخطئة، وهو أمر لا معرَّة فيه، ولكن المعرّة في إشغال أنفسنا في عين المتكلم لا في كلامه، وهذه القاعدة، كقول سلفنا الصالح:(ينظر في القول لا في القائل).
ومن أنصف: وجدها قاعدة تربوية مهمة، لتنشئة الصغار والمهتدين عليها، وصرفهم عن الحكم على الأعيان، وتجريح الدعاة والعلماء إلى العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة المثمرة.
وقد وردت في الخلاف المعتبر بين العلماء؛ لحماية أهل السنة، علمائها ودعاتها من ألسن الحدثاء المتعالمين، والحزبيين الجاهلين.
وليس فيها نقض لقاعدة أهل الحديث الصحيحة: (نعدل ونجرح) فأين هذه من هذه، فالقاعدة لا تقول (نعدل ولا نجرح) وإنما تقول:(نصحح ولا نجرح) فالأولى: تخص العلماء في شأن علم الرجال، والثانية: تخص الناشئة، في شأن أقوال العلماء والدعاة من أهل السنة والجماعة.
فهل الأخ المعترض المترصد، يريد أن يشغل الشباب بالتجريح؟ كما يفعل هو بدعاة السنة! (خبيث، ماكر، مغرور) ولا تشمل أهل البدع، فإنه من المعلوم جواز تجريح أهل الضلالة، إن لم يكن واجباً.
كما لا تمنع هذه القاعدة: من تجريح الأعيان الذين ثبت خبثهم، وكيدهم للإسلام وأهله، ولكن ليس هذا شأن الحدثاء، بل هو شأن أهل العلم النبلاء.
وقد فهمها بعضهم: أنها ناقضة لمنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، ولا علاقة البتّة بين هذه وتلك، لكن لله حِكَمٌ في تفاوت عقول الناس، وأصحاب الدخول في النيات.
وجواباً لهؤلاء يقال: هل الأَوْلى -وبخاصة في أول الطريق- أن يربى الناشئ على العلم والنظر في القول، ويعرض عن الأعيان تعديلاً أو تجريحاً؟ أم الأَوْلى أن يجعل شغله الشاغل، التجريح والتعديل والمفاضلة؟ ! أفصرف الطالب والناشئ عن الانشغال بتجريح العباد إلى تصحيح المقال بالعلم يعد ضلالاً؟ ! اللهم هداك (1).
وخلاصة المقصود من هذه القاعدة:
إذا ظهر خطأ من رجل أصوله صحيحة:
(1) زعم بعضهم أني أردت بهذه القاعدة: ((نصحح ولا نجرح)) أهل البدع، وسأل أحد العلماء الفضلاء، فأجاب إجابة صحيحة .. بناء على افتراء المفتري، ثم عمد المزور إلى نشر إجابة الفاضل بأسلوب خبيث، ناسباً التقييد لي، ليظن المتعجل الذي لا يتثبت؛ أن فتوى الفاضل تخص القاعدة الصحيحة، والله للمفترين بالمرصاد.
- فنتثبت من صدوره منه أولاً.
- نصحح الخطأ دون التعرض لعينه ثانياً.
- ننصحه بأدب ورفق ثالثاً.
-وإذا تمكنا من نصحه قبل التصحيح، ليصحح بنفسه كان أفضل وأولى من الدخول في الردود وغيرها.