الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العالمين، وعلى هذا فليتق الله الذين يعيبون هذا الأسلوب، خشية أن يقعوا في عيب أسلوب القرآن الكريم، وهم لا يشعرون، فليتدبروا الأمر وليتوبوا، لعل الله يصلح حالهم.
الثانية: دعوى الخطأ
.
أما دعوى الخطأ فجوابها:
هب أني اجتهدت وأخطأت، فهل كان هذا الخطأ في المضمون أم في الأسلوب؟ هل هذا الخطأ في الاعتقاد والجنان، أم في اللفظ واللسان؟ لا شك أن الخطأ -إن وجد- ففي الأسلوب، إذ لا يمكن لمسلم عاقل متبع أن يقول:"التوحيد يفرق الأمة، والدعوة السلفية بدعة، وخالد وأبو عبيدة رضي الله عنهما كانوا أغبياء" وإذا كان هناك خطأ في الأسلوب (1) فكان ماذا؟ ! وهل يجوز أن يكون الخلاف في الأسلوب قضية تثار، ومسألة يُشْغَلُ بها الشباب؟ ويُجرح بها الرجل في دينه وأمانته وعلمه، ويُقال فيه ((منافق، خبيث، دجال)) أَكُلُّ هذا لخطأ في الأسلوب، أم لسوء طوية في المترصد، وفساد خلق في المنتقد، وحسد يفور، وعنصرية تثور؟
إن المسألة لا تعدو -في هذه الحالة- أن أكون كالذي قال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك)) أو أكون كغيري من طلاب العلم ممن وقع في أخطاء فماذا كان؟ ! .
ثم يقال للمترصد: أيهما أعظم: أن ينسب الولد لله {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: (81)] أو ينسب الإجرام للأنبياء {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا} [سبأ: (25)]. أو يقال عن الشمس {هذا ربي} أو كلام عمر الذي ظاهره مدح البدعة ((نعمت البدعة هذه)) أهذا أغرب في ظاهره، أو أن ينسب الغباء لخالد، أو البدعة للسلفية؟ فأجيبوا إن كنتم تنصفون.
(1) سألت أحدهم هذا السؤال: هل هذا خطأ في الأسلوب، أم ضلال في المعتقد، فقال: هذا خطأ في الأسلوب، وفيه ضلال في المعتقد .. كأن هؤلاء لا يفرقون بين الخطأ غير المقصود، وبين الضلال في المعتقد، والهوى في المنهج، فجعلوه سواء.
ومن زعم أن هذا خطأ في الأسلوب والمعتقد، فقد أبعد النجعة: فالله تعالى يقول: {لا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} [الأحزاب: (5)]. وإخواننا يصرون على أنهم اطلعوا على القلب ولذلك حكموا بما حكموا به.
ثم إن عدد المرات التي استخدمت فيها هذا الأسلوب خلال خمس وثلاثين سنة من الدعوة إلى الله، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، أي: بمعدل كل سبع سنين مرة، فهل هذا الأمر يحتاج إلى كل هذه الشنشنة والدندنة، اللهم اهدنا إلى سواء السبيل، وافتح بيننا وبين إخواننا بالحق، وأنت خير الفاتحين.
ومع هذا كله، أعترف أني أخطأت في تقدير عقول الناس، وفي أخلاقهم، ولو أني استقبلت من أمري، ما استدبرت ما فعلت (1).
لا لأن هذا الأسلوب غير جائز، ولكن لأني ما كنت أظن أن الغباء والحقد والحسد يُعمي إلى هذه الدرجة، ويدفع إلى الكذب والافتراء، واقتطاع الكلام عن سياقه وسباقه، ولو كنت تركت هذا الأسلوب لتجنبت ترصدهم، وإثارة حقدهم وحسدهم، وإشغال الناس بثرثرتهم، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ
…
} [الأعراف: (188)].
(1) اجتمع المترصدون لفيفاً، ثم جاؤوا صفاً صفا، يتقدمهم كبيرهم الذي علمهم الطعن والتجريح، ينقبون الكتب، يشنفون الآذان الطويلة، ،لسماع الأشرطة الحديثة والقديمة، لعلهم يعثرون على خطأ في العقيدة، أو في المنهج، ليرووا بذلك غلهم، وليشفوا حسدهم، فلما لم يعثروا على بغيتهم، انقلبوا خائبين، ثم خافوا أن يشمت بهم الشامتون، وأن يسخر منهم الساخرون .. فلم يجدوا ما يتعلقون به غير الأسلوب، ليؤذوا أخاهم، وبه يمكرون، ثم يكتبون .. {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها} فرد الله كيدهم في نحرهم، وأخرجهم الله منها وهم راغمون، وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون.