الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: كان نبي من الأنبياء يَعْلم الأمور الغيبية -بإذن من الله- بالخط، وهو نوع من الضرب بالرمل، فمن فعله من الكهان، فوافقت خطوطُ الكاهن خطوطَ النبي ذاك، فقد أصاب وجاز له ذلك، أي جازت الكهانة.
ولما كان من المحال أن يصيب الكاهنُ خطوطَ النبي؛ لأنها وحي، كانت -إذن- الكهانة كذباً، وتدليساً، وحراماً. (1)
حكاية قول الخصم دون نسبته إليه:
وأما نقل قول الخصم في أمر معين، أو حكاية لازم قولهم، دون نطق بأنه قول الخصم، فهو تعبير بليغ، وأسلوب في المناظرة مبين، وطريق لإقامة الحجة قوي، قال تعالى:{قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا} [سبأ:
(25)
].
فمتى أجرم الأنبياء حتى يقال مثل هذا؟ !
وتخريج هذا: أنه خرج مخرج حكاية قول الخصم، أي: أنتم تقولون: إننا مجرمون، فدعونا -إذن-وإجرامنا، فلن تحاسبوا عنه، وقد يتخرج -كذلك- مخرج إسقاط هب، وعلى هذا خرجت بعض أقوالي في مناظرات، أو محاضرات، منها:
((إن خالد بن الوليد وأبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما أغبياء)).
((إن أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب رحمهم الله كانوا مبتدعة أو لا يفهمون الدين)).
((إن أحمد بن حنبل يكفر معظم هذه الأمة)).
ولكل قول مناسبة، وليس هاهنا تفصيل، فمنها في إحدى المناظرات.
(1) وقد خرج مني -في بعض المناظرات- مثلُ هذا الأسلوب، كقولي لبعض من يجاهد دون تحقيق الشروط:((إذا كنتم تستطيعون مداواة مرضاكم فجاهدوا .. )) والمقصود إذا كنتم متمكنين في الأرض، أقوياء قد اتخذتم العدة كلها، فافعلوا، والأمر ليس كذلك، ومقتضاه لا تفعلوا .. وقد استعملت هذا الأسلوب، ظناً مني أن السائلين على درجة من الفهم، وما كنت أتوقع أن لا يفهم المراد .. فتعلق به من لا يعي، وأشاعه من المترصدين من لا يتقي .. وحمله على غير ما قصدت، وقذفوا بالاتهامات من مكان بعيد، فحسبي الله ونعم الوكيل.
قال المخالف: ((إن الدعوة إلى التوحيد تفرق الأمة، وهذا التوحيد الذي تدعون إليه، ليس هو التوحيد الأساس)) فقلت له: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة -بدعوتهم إلى التوحيد- كانوا يريدون تفريق الأمة)) ((وأحمد وابن تيمية وابن عبد الوهاب كانوا مبتدعة لا يفقهون التوحيد)) أي: لازم كلامك كذلك، فلما سمع هذا بُهت، بل صعق، وما درى لهذا جواباً، ولكن الحاسدين الأغبياء، وجدوا فيه مستمسكاً.
وفي قضية الأفغان لما بُينت لهم أخطاءهم، وأن خالد بن الوليد، وأبا عبيدة لم يكونا يفعلان ما تفعلونه في الجهاد، فأبوا اتباعهما.
فقلت: ((خالد وأبو عبيدة كانوا أغبياء، جهلاء، وأنتم أذكياء علماء)) أو قريباً من هذا.
ولا يشك عاقل منصف أن المقصود واضح، وضوح الشمس، وإلا فإن النصارى واليهود، لا يصفون خالداً وأبا عبيدة بالغباء، فضلاً عن أن يقول ذلك مسلم، بل طالب علم، ولكن اللهم اهدِ إخواننا.
وكذلك خرج قولي في كتاب ((السبيل)): ((إن أنس رضى الله عنه كان يهتم بالقشور)) وعن صحابي آخر: ((إنه بدوي التفكير)) وقد قلت ذلك حاكياً لازم قول بعض الأحزاب، ساخراً منهم، وذلك لما اتهموا السلفيين ببلادة التفكير، والاهتمام بالقشور، وقد وضعت هذا الكلام بين قوسين، تنبيهاً على أنه مقولة غيري، ولكن كثيراً من الناس يتعامون.
وكذلك قولي: ((التوحيد قبل كل شيء، سبحان الله؟ ! أي كلام تقول: نقف مكتوفي الأيدي، ويأتينا الشيوعيون ويذبحوننا في دارنا، ونحن نقول التوحيد، التوحيد،
…
)) فكل هذا من جهة حكاية قول الخصم.
بدليل قولي بعد ذلك: ((من يقول هذا))؟ ! ذلك لأن بعض الجماعات تسخر من الدعوة إلى التوحيد، وبعضها يَعُد الدعوة إلى التوحيد تثبيطاً عن الجهاد، والعياذ بالله، فأردت أن أرد عليهم بمثل هذه الأساليب الساخرة، لعلهم يرتدعون.
وأما قولي: ((فكيف يلام سيد ولا يلام الإمام أحمد)) فلا أذكر ذلك متى كان، ولِمَ كان، وكيف كان، فإما خرج مخرج هذا الأسلوب، وإما أخطأت في ذلك الإطلاق.