الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
E. Sell: The faith of Islam، Cenelen، 1880
(3)
أبو جعفر عمر النسفى، عقائد، استانبول، 1312 م.
(4)
الغزالى: أحياء علوم الدين، القاهرة، 2 - 13 م.
على يوسف على [فنسنك Wensinck]
المهجر
المهجر: (وتجمع أحيانًا على مهاجر) اسم يطلق فى العربية على مناطق امريكا الشمالية والجنوبية وامريكا الوسطى، هاجر إليها اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون وعرب آخرون. وأكثر المدن التى يتردد ذكرها فى الأدب العربى الحديث هى نيويورك، ساوباولو، ورديودى جانيرو وبيونس أيرس، ونشأت هناك وتطورت حركة أدبية متميزة فى النصف الأول من القرن الحالى، لم تنكشف آثارها حتى الآن بشكل كامل، ولم تكن تلك هى كل المواقع التى استقر فيها المهاجرون ونشروا انتاجهم من الشرق الأدنى فى القارة الأمريكية باللغة العربية أو باللغات الوطنية (الانجليزية، الأسبانية أو البرتغالية) وصدرت فى نشرات، وصحف ودوريات وكتب بهدف نشر المعرفة بالعرب وتراثهم، أو دعم قضاياهم السياسية المعاصرة.
بدأ تدفق المهاجرين تجاه العالم الجديد مما كان يعرف "بالشام (المنطقة التى تضم الآن لبنان، سوريا وفلسطين) منذ نهاية القرن الماضى وبدايات القرن العشرين وبلغت الهجرة ذروتها فى أمريكا الشمالية عام 1913 م، ثم بدأ الانحسار فى أعقاب الحرب العالمية الأولى كنتيجة للقيود التى فرضتها الولايات المتحدة على حركة الهجرة والتشريعات الخاصة بالجنسية التى أقرت فى عام 1924 م، مما كاد أن يضع حدًا لها، رغم استمرار التدفق الكبير إلى أمريكا الجنوبية.
وترجع هجرة اللبنانيين فى الأساس إلى أسباب اقتصادية، فقد عانى سكان الجبال من الحرمان من الأراضى الزراعية بعد إنشاء نظام المتصرفية الذى بدأ فى عام 1861 م بالإضافة إلى مزايا الهجرة بما توفره من حوافز قوية
منها فرص تحقيق الثروة. وفرص العمل التى لا حد لها واحترام الحريات العامة وتقبل المجتمع لطموحات الفرد وفقا لأفعاله وقدراته وليس على أساس الموطن أو الطبقة والاهتمام بحقوق وكرامة المواطن بلا تمييز، وسياده النظام والقانون.
واستقر هؤلاء المهاجرون (عقب وصولهم) فى الأحياء الفقيرة من المدن التى اختاروها لوجود أقارب لهم بها. وبدأوا فى اكتساب عيشهم من خلال التجارة فى الطرقات والأعمال البسيطة. أما من حقق النجاح منهم وكانوا أقلية فقد افتتحوا محالًا صغيرة وإن أصبح بعضهم من رجال الصناعة أو التجار الناجحين.
أما الشعوب التى عاشوا بين ظهرانيها فلم تنظر إليهم باحترام كبير وكانوا يسمونهم بالأتراك نسبة للمناطق التى وفدوا منها وكانت تحت الحكم العثمانى، وفى بعض الحالات كانوا يعاملون كالمغول واعتبروا من الجنس الأصفر. وكان المهاجرون أنفسهم واعين لأهمية تصحيح هذه الصورة التى شكلت أفكار الأمريكيين حيالهم.
فى البداية كانوا يعتقدون أن هذه الهجرة مؤقتة ولن تدوم لأكثر من الفترة اللازمة لادخار الأموال الكافية لتأمينهم والانفاق على عائلاتهم فى الوطن آملين فى نفس الوقت أن تتحسن الظروف المعيشية فى بلادهم. لكنهم بمجرد أن استقروا واعتادوا نمط الحياة وازدهرت اعمالهم وشب أبناوهم فى ذلك المحيط الجديد وتعلموا لغته وازدادوا ارتباطًا به، بدأوا يفكرون فى البناء والأستقرار برغم آلام (المنفى) التى كانوا يعانون منها والحنين المرير الذى كانوا يكابدونه للأهل والوطن.
ليس هناك شك إنهم استجابة لاحتياجهم للتواصل فيما بينهم فى الغربة، ومن ناحية أخرى لمتابعة الأحداث الجارية فى الوطن، اضطروا لإصدار عدد من الصحف العربية الصغيرة، بدت فى الظهور مع وصول الموجات الأولى من المهاجرين فى السنوات الأخيرة للقرن التاسع عشر فى شمال وجنوب القارَّة.
وقد ظهرت الصحيفة الأولى (كوكب أمريكا) فى نيويورك فى عام 1892 م ثم تلتها صحيفة "العصر" فالأيام فالهدى سنة 1898 م فمرآة الغرب (1899 م). أما فى البرازيل فكان أقدمها (الفيحاء)(1895 م) وتليها أربع صحف أخرى هى الرقيب فالبرازيل (1898 م) فالمناظر (1899 م) فالصواب (1900 م).
كذلك احتاج الأمر إلى تشكيل مؤسسات وجمعيات أدبية لخدمة مصالع المهاجرين وتوحيد طاقاتهم ودعم مؤسساتهم الاجتماعية فظهرت (الجمعية السورية المتحدة) فى نيويورك 1907 م وتلاها العديد من الهيئات الأخرى. أما فى البرازيل فقد تأسس عدد هائل من النوادى وكان أهمها النادى "الحمصى" وأعقبها جمعيات أدبية. أما الحياة الأدبية فى أمريكا الشمالية فقد ازدهرت منذ مرحلة سابقة لأسباب منها ما كان للهجرة من تاريخ طويل، وكانت المطابع موجودة منذ تاريخ مبكر نسبيا، وقد
ساهم فيها الكتاب الموهوبون منذ نهاية القرن السابق أمثال أمين الريحانى الذى قدم إلى نيويورك فى 1888 م، ثم تبعه (جبران خليل جبران)(فى 1895 م. والشاعرة (ندرة حداد) فى عام 1897 م، وبعدها مع بداية القرن العشرين الشاعران (نسيب عريضة) و (راشد أيوب) فى عام 1905 م، أما شقيق الشاعرة "ندرة"، الصحفى (عباد المسبح حداد) فقد قدم فى عام 1907 م، كما جاء ميخائيل نعيمه وإيليا أبو ماضى فى 1911 م وتزايدت المطابع وأصبحت ستًا بحلول عام 1910 م. وكانت تصدر بالإضافة إلى الصحف بعض النشرات الأدبية الراقية (كالفنون)(1913 م) التى كان يحررها (نسيب عريضه، و (السائح) ويحررها (عبد المسيح حداد).
بدأ "أمين الريحانى" فى الكتابة للصحف فى أواخر القرن الماضى، وأظهرت ولعًا ملحوظًا بالتجديد وقد نشر كتبا ثلاثة سبقت كتاب جبران الأول (الموسيقى) الذى نشر عام 1905 م. كما أنه انشغل بهموم قومه فى المهجر والوطن والتزم بالدعوة
للتحرر بأوسع معانيه، سياسيًا واجتماعيًا وحمل على القصور والتعصب والضيق بالرأى الآخر والطائفية الدينية، ولعل أكبر معبر عن هذه الروح أن يكون أول الأعمال المنشورة فى المهجر بعنوان (طريق الثورة الفرنسية).
أما جبران، فقد بدأ منذ عام 1903 م وهو ما يزال فى بوسطن التى لم يغادرها إلى نيويورك إلا عام 1912 م فى نشر مقالاته فى صحيفة (المهاجر) (1903 م) و (الهدى) و (مرآة الغرب) ويبدو أنه كان أكبر تأثيرًا من (الريحانى) وأكثر ميلا لرفض التقاليد بشكل مباشر. ولما كان محبًا للرسم فقد سيطرت الصور الخيالية على كتاباته وأورثه تعليمه وتجاربه حماسًا متأججًا وتوقا للكمال. وينم أسلوبه عن روح شاعرية قريبة من مصادر الصوفية الشرقية التى ورثها الغرب من خلال الحركات الرومانسية المختلفة. وبثّ ذلك فى أوائل كتبه:(عرائس المروج)(1906 م) و"الأرواح المتمردة"(1908 م)، والأجنحة المتكسرة (1912 م)، و"دمعه وابتسامه"(1913 م) ومقالاته يأته التى سبق نشرها فى صحف المهجر وهى (الفنون) و (السائح).
وكان لميخائيل نعيمة -ما كان للريحانى وجبران من نزعة تجديدية. وقد أكسبته دراسته الدينية (اللاهوتيه) التى تلقاها فى روسيا بين عامى 1906 و 1911 م تدينًا بالغًا وكان يشبه جبران فى ميله للصوفية التى اعتبرها ضرورية للتحليق فيما وراء الاحساس العضوى وصولا لحقيقة الأشياء. لكنه لم يكن على نفس جيشان المشاعر وتوقد الأحاسيس وقد اتجه لدراسة القانون والآداب فى جامعة أمريكية. وقد مكنه هذا التعليم من تحسين دقة تعبيره، وتحقيق توازن أفضل بين عناصر العمل الفنى، وقد انعش إلمامه بالأدب الروسى من قدرته على التحليل النفسى.
وبهذه الطريقة، تمكن هؤلاء الرجال الموهوبون، إضافة إلى الكتاب والشعراء الذين انضموا إليهم لاحقا من إثبات قدراتهم الأدبية وبعد قرابة أربعين عامًا
من الموجات الأولى للهجرة إلى نيويورك توصلوا للوسائل التى تمكنهم من إنشاء جمعية بهدف (إنعاش الروح الأدبية) فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتمكنوا أيضًا من ترسيخ أنماط الكتابه الأدبية، وشكلوا فى عام 1920 م (الرابطة الكلامية)، وعهد برئاستها (للعميد) جبران، والسكرتارية (للمستشار) نعيمه، وكان من بين أعضائها الشعراء إيليا أبو ماضى (1890 - 1957 م) ونسيب عريضه (1887 - 1946 م) وراشد أيوب (1871 - 1941 م)، ندرة حداد (1881 - 1950 م)، وأخوها عبد المسيح (1890 - 1863 م) وبعض الكتاب ممن هم دون هؤلاء أهمية وأظهرهم يليام كاتزفلس (1879 - 1950 م) امين صندوق الرابطة، وقرروا إصدار نشرة (السائح)، التى اتخذوها منبرا يتمكنون من خلاله مخاطبة العامة.
وبدأت النشرات الأدبية فى لبنان وأمريكا الجنوبية فى نشر مقتطفات من أعمالهم فى الشعر والنثر وكانت مبشرة بما أظهرته من ميل قوى للتجديد. . حتى تزايدت شهرتهم وتعاظم تأثيرهم فى الحياة الأدبية للعرب بشكل ملموس.
ولكن بعد تشكيل الرابطة لم يكتب جبران بالعربية، باستثناء بعض المقالات، بل اتجه للإنجليزية وكتب فيها ثمانية كتب يعتبر أهمها (النبى) الذى يعد أهم اعماله على الإطلاق، وفيه يعطى (نبيه) اسم مصطفى، وبلغة شعرية أسره، يورد على لسانه، بنفس طريقة نيتشه "مع (زرادشت) خلاصة فهمه للوجود والإنسان.
استمر بقية أعضاء الرابطة فى الكتابة بالعربية. وجمع (ميخائيل نعيمه) مقالاته فى النقد ونشرها فى كتاب بعنوان (الغربال) 1923 م، ومن هذا العمل يمكن التوصل لكل قواعد النقد التى تمثل الخصائص الرئيسية للكتابة فى (الرابطه) وهى الدعوة للتحديث وإعلاء الحقيقة، وربط الأدب بالحياه ليتمحور على الدوام حول الإنسان ومشاكله الحيوية، وقد كتب نعيمة أيضا عددًا من القصص القصيرة والمقالات والتى تضمنتها فيما بعد
مختاراته القصصية (كان ما كان) 1937 م و (كتاب المراحل)(1936 م) وفى الجزء الأول من روايته الفلسفية (مذكرات الأرقش)(1949 م). وفيما قبل تشكيل الرابطة كان قد نشر عمله الدرامى الوحيد (الآباء والبنون) 1917 م، وفيه انحاز إلى جانب الجيل الأصغر محاولا التوفيق بين أنماط الجدل الكلاسيكى والجدلى.
كتب غالبية أعضاء الرابطة الشعر والنثر ولكن الشعراء من بينهم لا يزالون يتمتعون بمكانه بارزه، منهم إيليا أبو ماضى بمجموعته الشعرية التى نظمها فى المهجر ونشرت قبل إنشاء الرابطة وبعدها، (الجزء الثانى من الديوان) والجداول 1927 م، والخمائل (1946 م) وكان شعره شديد الخصوبة يمثل مشاعر جياشه وحساسية نافذة وأسلوبا جذابا مما جعله يتمتع، حتى الآن، بشهرة ذائعة، وتلاه (نسيب عريضه) الذى نشر كل شعره فى ديوانه الوحيد (الأرواح الحائرة) 1946 م ويكشف عن روح مضطربة فائقة الحساسية. أما راشد أيوب مؤلف "الأيوبيات" 1916 م و (أغانى الرومانسية)(1928 م) و (هى الدنيا) 1939 م، وندره حداد وديوانها الوحيد بعنوان (أوراق الخريف) تكشف أشعارهم عن شدة الحنين للماضى والمعاناة وحبهم للإنسانية الذى يميز أدب المهجر فى الأساس، وروعة الأسلوب الذى صيغ به.
ولكن الرابطة لم تحتكر كامل الحركة الأدبية للهجرة فى أمريكا الشمالية، وظل خارجها كتاب وصحافيون بارزون من بينهم "أمين الريحانى" رائد أدب المهجر، والشاعر "مسعود سماحة"(1882 - 1946 م) وكان قوى الشاعرية متعدد القدرات والمواهب، والمؤرخ (فيليب حنى) الذى أسهم من خلال كتاباته التاريخية بالإنجليزية فى تعريف الغرب بالعرب وتاريخهم وحضاراتهم والصحافى "نعوم مُكَرْزل" صاحب جريدة "الهدى" وأخوه (سلوم) الذى نشر عددًا كبيرًا من الدوريات وغيرهم من الشعراء والكتاب الكثيرين.
دامت (الرابطة) لأكثر من عشر سنوات (1920 - 1931 م)، وبوفاة (عميدها) جبران (1931 م) وعودة
نعيمه إلى الوطن (1932 م) تفرقت، ولكن انتاج بعض أعضائها الأدبى تواصل لفترة من الزمن ويقتضينا وفاء الرابطة حقها، أن نتذكر أن مطبوعاتها الأدبية قدمت للعالم أعظم انتاج (المهجر) ويعود الفضل فى ذلك لثلاثة من أعضائها نسيب عريضة فى كتابة الفنون (1913 م)، وعبد المسيح حداد فى كتاب السائح (1912 م)، وإيليا أبو ماضى فى كتابه السامر (1929 م)، وأنه من خلال العمل المشترك لكل أعضائها ظهرت للوجود أول الحركات الأدبية الحديثة لتقديم نوع من المدارس الأدبية لقراء العربية برغم الاختلافات الفردية وذلك فيما أصدرته من الكتب فى السير الذاتية والقصص القصيرة والرواية الفلسفية التى أصبحت معروفة فى الأدب العربى كنتيجة للأشكال الفنية التى أدخلها هؤلاء الكتاب على تلك الفنون، وأن أحد أعضائها (عبد المسيح حداد) حافظ فى السير الأصلية المنشورة بعنوان (حكايات المهجر)(1931 م) على الوثائق المرتبطة بالمرحلة الأولى من الهجرة وتحوى تفاصيل دقيقة وحَيَّة لا يعنى بها التاريخ عادة، ولدرجة أن آثار حركتهم الإصلاحية على المجتمع العربى ككل استهدفت إعادة بناء الشخصية العربية على أسس اجتماعية جديدة تتميز أساسًا بالحب، وأعطت مجهوداتهم المستمرة من أجل التجديد، دعما قويًا للدعوة التى ظهرت فى الشرق الأوسط (الأدنى) من خلال تأثير ديوان مطران الذى كان رائدا للمدرسة الرومانسية.
وبانحسار (الرابطة) انتقل مركز ثقل الأنشطة الأدبية نحو البرازيل، حيث تكونت الجمعية الأولى تحت اسم (رواق المعرى)(1900 م) على يد نعوم لبكى، ولم يعد لها وجود منذ قبيل الحرب العالمية الأولى بوقت طويل عندما عاد مؤسسها إلى وطنه عام 1908 م وعمد أعضاؤها إلى عقد صالونات أدبية فى منازلهم، وبعدها نجح ميشيل المعلوف فى تأسيس جماعة باسم (العصبة الأندلسية) فى عام 1933 م، وقد اختار أعضاء الجماعة هذا الاسم لوعيهم بحقيقة أنهم يعيشون بين قوم أصولهم من شبه جزيرة "أيبريا" التى عاش فى جنوبها أسلافهم واختلطوا بالسكان فى هذه
الأندلس الجديدة. ومن الحقائق الثابتة أن العدد الهائل من المسلمين فى أسبانيا والذين أجبروا على التحول للمسيحية فى أعقاب نهاية الحكم الإسلامى فى 1492 م وقرار فيليب الثالث بطرد العرب ومحاكمتهم أمام محاكم التفتيش، ولذلك فما زالت شعوب أمريكا اللاتينية تحتفظ فى دمائها وحضارتها بآثار من حضارة ودماء عرب الأندلس، وهى واضحة فى اللغة والمظهر والعادات والتقاليد الاجتماعية وهى مألوفة بالنسبة للمهاجرين العرب وتشجعهم على الاعتقاد بأنهم على اتصال بجذورهم.
حققت (العصبة) مهمتها اللغوية والأدبية بعون من الجمعيات الهامة التى أسسها المهاجرون. وأنشئت مدارس عديدة لتدريس اللغة العربية فكان هناك على سبيل المثال حوالى عشرة آلاف تلميذ فى مدرسة (المعلم) وديع اليازجى، كما نظمت مختلف المعاهد الاجتماعية احتفالات يلقى خلالها أعضاء "العصبة" الخطب والشعر بالإضافة إلى الاحتفالات التى تقام فى المناسبات الوطنية المختلفة، كذلك دعمتها بالصحف والنشرات وكان من أهمها:"الشرق" ويحررها موسى كريم و (الأندلس الجديدة) لشكر اللَّه الجرّ، والتى نشرت الأعمال الأدبية لأعضاء (العصبة) وفى بعض الأحيان كانت تقوم بحملات نيابة عن الآراء السياسية المعارضة وبذلك وفرت الدوافع الأخرى للخلق الحقيقى للأدباء والكتاب سواء كانوا من الجماعة أو من خارجها.
فى البداية اختار الكتاب من خارج الجماعة "الأندلس الجديدة" منبرا لهم وقد نشر أحد أعضائها "شكر اللَّه الحر"، بعد عامين من إنشائها فى 1935 م، مطبوعة جديدة باسم (العصبة) ورأس تحريرها عضو آخر هو حبيب مسعود واستمرت العصبة هى ونشرتها حتى عام 1953 م عندما حل بها الضعف بالموت أو عودة المنفيين للوطن، وبذلك انتهت الحركة الأدبية الثانية فى المهجر وانطفأت شعلة (الأدب المهجرى). ولم يتبق منها سوى بضع شذرات هنا أو هناك فى القارة الأمريكية ما زالت تقاوم فعل الزمن.
أما فى أمريكا الشمالية، فقد قامت المكانة التى يتمتع بها المهجر هناك وفى
الشرق الأوسط على النثر أكثر من الشعر برغم التأثير الذى خلفته (مواكب) جبران، و (همس الجفون) لنعيمة والأعمال الشعرية "لإيليا أبى ماضى" و"ونسيب عريضه" فى توجيه الحركة الشعرية الحديثة نحو القلب وروح الإنسان وإصلاح الأشكال اللغوية وموسيقى الشعر بفضل الرواد أمثال الريحانى وجبران فى تطويرهم الشعر المنثور الذى يحظى بإعجاب واحترام كبيرين فى دوائر عربية معينة. وأوجد جبران مدرسته الخاصة، بأسلوبه الدافئ المغلف بالرمزية والصور الحية المعبرة التى تحقق المتعة، وتستعصى على الحواس. ومن ناحية أخرى فإن نثر جبران ونعيمة يتعرض للموضوعات الرئيسية فيما يتعلق بالإنسان والمجتمع والنقد، إضافة إلى أنهما تناولا بالنثر معظم ضروب الأدب. وأمكن لنثرهم من خلال عمقه وعالميته أن يكتسب مكانه، فى الأدب العربى الحديث.
أما بالنسبة للعصبة فقد كان الشعر هو الغالب على إنتاج أعضائها بتأثير الذوق الشعرى الموروث للعرب فى وسط ما زال يتذكر باستمرار ماضية فى الأندلس. وبفضل هذا الشعر تحتل الأنشطة الأدبية للمهجر مكانًا فى الأدب العربى الحديث يعود الفضل فى هذا لأكثر شعراء العصبة البارزين موهبة وهم الشاعر القروى (رشيد سليم الخورى) المولود سنة 1887 م، وقد هاجر إلى البرازيل عام 1913 م، وإلياس فرحات (ولد فى 1893 م، وهاجر 1910 م)، وشفيق المعلوف (ولد 1905 م وهاجر 1926 م) وشكر اللَّه الجرّ (ولد 1905 م وهاجر 1919 م).
وفى أمريكا الشمالية، فكان غالب اهتمام الكتاب منصبًا على المشاكل العامة للإنسان، وانشغلوا بمصير الإنسان الذى يسعون لإنقاذ روحه من قهر المدنية المادية.
وفى بيونس أيرس، حاول الشاعر جورج صيدح (1893 - 1978 م) فى عام 1949 م إنشاء جمعية أدبية جديدة تحت اسم (الرابطة الأدبية) ولكنها انتهت بعد عامين من تأسيسها. وقد ظل الأنتاج الأدبى فى الأرجنتين محدودًا واقتصر على الشاعر والكاتب