الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نابلس
مدينة فى وسط فلسطين، اسمها مشتق من مدينة "فلافيا نيابوليس" Flavia Neapoliso التى شيدت لتكريم "فيسباسيان" Vespasian وكان اسمها فى العهد القديم "شكيم" Schechm التى تقع إلى الشرق فى موقع قرية "بلاطه" الحالية. . ولم يستخدم الكُتّاب العرب هذا الاسم المندثر.
وتوجد نابلس فى وادى طويل (يجرى من الشرق إلى الغرب) -والمدينة -بينابيعها الاثنين والعشرين- غنية بالمياه التى يمكن أن تسمعها وهى تجرى فى كل مكان، وتنتج نباتات وافرة النماء. . وعندما ينعطف الطريق من الجنوب تجاه الغرب فى الوادى، يوجد بئر مع آثار كنيسة. وتجمع الروايات منذ القرن الرابع الميلادى على أنه "بئر يعقوب" وعلى بعد ألف ياردة إلى الشمال يوجد مبنى تقول الروايات إنه قبر يوسف عليه السلام.
وفى عصر ما بعد "النفى" كانت "شكيم" تنتمى إلى بلاد شعب "السامرة" المختلط، والذى أصبحت هذه المدينة عاصمة له بعد أن شيد على تل "جرزيم" معبدًا ينافس به معبد القدس. وكانوا دائمًا فى نزاع مع اليهود، وفى النهاية أقدم "جون هيركانوس" فى عام 129 قبل الميلاد على تدمير "شكيم" ومعبدها. وفى فترة متأخرة كان الشعب المتمرد دائمًا يعادى الرومان كذلك، مما دفع "فيسباسيان" لمهاجمتهم على "جرزيم"، حيث قتل
عدد كبير- وانتشرت المسيحية تدريجيًا فى البلاد، وأصبحت "نيابوليس" أسقفية. . . وكانت النتيجة أن انقلب السامريون على المسيحيين وعاملوهم بقسوة شديدة. . وبعد غارة مميتة من جانبهم، أجبرهم الإمبراطور البيزنطى "زنيو"(474 - 491 م) على الخروج من "جرزيم"، وبنى كنيسة هناك. . وقد استمروا فى إحداث الاضطرابات والفوضى فى عهد "جوستنيان" الذى أوقع بهم العقاب بعنف شديد ودمر معابدهم بينما أعاد بناء الكنائس. وقد أدى هذا فى النهاية إلى قنوطهم مما دفع الكثيرين منهم إلى الهروب إلى فارس، على حين اعتنق آخرون المسيحية -وقد انتهى دورهم بعد ما فتح المسلمون نابلس ومدنًا أخرى كثيرة.
وتقارير المؤلفين العرب عن المدينة، ضئيلة جدًا -وهم يقولون إن السامريين كانوا يسكنونها. والبعض يضيف أنهم -حسب روايات اليهود- لا يوجدون فى أى مكان آخر.
ولكن يجب أن نلاحظ أن "البلاذرى"(فى الفتوح) يتحدث عن السامريين فى فلسطين والأردن، واليعقوبى (فى البلدان) يشير إلى نابلس بأنها مدينة بالقرب من اثنين من التلال المقدسة تضم سكانًا من اليهود والأجانب والسامريين. وهناك مدينة منحوتة من الصخر تحت الأرض أدنى مدينة نابلس؛ ويقول المقدسى "إن نابلس تقع فى واد بين اثنين من التلال. وهى غنية بأشجار الزيتون، وثمة نهير يتدفق عبرها -والبيوت مبنية من الحجر، كما توجد بها الطواحين، وللمسجد الذى يقع فى وسطها فناء جميل ممهد". ويذكر أيضًا أنها كانت أيام الصليبيين بلا حصون. وفى الثامن والعشرين من يناير 1120 م عُقد فيها مجلس من الأساقفة والأعيان المدنيين بهدف تحسين أحوال المسيحيين. ويشير الإدريسى إلى يعقوب حيث جرت المحادثة بين المسيح وامرأة السامرة؛ وقد شيدت كنيسة فى هذا الموقع ويقول الرحالة اليهودى بنيامين الطليطلى (1160 - 1173) إنه لم يكن هناك يهود فى نابلس، ولكن نحو مائة من السامريين (الكوتيان Kntaeans) كانوا يقومون بتقديم
القرابين على المذبح فى "جرزيم" فى عيد الفصح "اليهودى" وفى أيام الأعياد الأخرى. ويقول معاصره على الهراوى إن السامريين كانوا كثيرين. وهو -مثل ياقوت يكتب "جرزيم" باسم "كرزيم". وقد حدث زلزال فى عام 1202 م أوقع بالمدينة مآسى كثيرة بالإضافة إلى الحروب المستمرة بين الفرنجة والمسلمين، ولكنها فى ظل حكم السلطان المملوكى العظيم "بيبرس" أصبحت فى حوزة المسلمين ويشير ياقوت إلى وفرة المياه وخصوبة المنطقة ويقول: إن هناك يقع التل الذى أراد إبراهيم عليه السلام -حسب أقوال اليهود- أن يضحى عليه باسحاق عليه السلام (وليس بإسماعيل كما يقول المسلمون)، وكان السامريون يتجهون فى الصلاة ناحية "جرزيم" ويقول الدمشقى إن نابلس مثل قصر محاط بالبساتين والحدائق: وهو يذكر رحلات زيارة السامريين إلى جرزيم حيث يضحون بالحملان. وللمسلمين مسجد بديع رائع فى المدينة حيث يتلى القرآن الكريم ليلًا ونهارًا. ويقول خليل الظاهرى (المتوفى عام 872 هـ/ 1467 م) إن المنطقة كانت تضم ثلاثمائة قرية.
وفى العصر العثمانى، وحتى ظهور القائد المصرى إبراهيم بن محمد على باشا فى ثلاثينيات القرن الماضى، ظلت نابلس ووادى الأردن إلى الشرق تحت حكم رجال الاقطاع المحليين. . وفى الحرب العالمية الأولى أنشأ الأتراك خطًا حديديًا ضيقًا بطول سبعة وثلاثين كيلو مترًا (ثلاثة وعشرين ميلًا) من طولكوم تجاه الشرق فى التلال عبر "مسعودى" إلى نابلس.
وقد كانت نابلس دائمًا مدينة إسلامية، تضم أعدادًا قليلة من اليهود والمسيحيين وجالية صغيرة جدًا من السامريين (161 حسب إحصاء 1931 م)، ومنذ ثلاثينيات هذا القرن فصاعدًا أصبحت مركزًا لمقاومة الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وهناك -فى عام 1936 - تأسست اللجنة العربية القومية "فى أعقاب العنف الطائفى فى ذلك الوقت" وحتى عام 1936 م، كانت نابلس مركزًا مزدهرًا لزيت الزيتون وصناعة الصابون من هذا الزيت.