الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - منشأ الطريقة وطقوسها:
من الاحتمالات القوية أن تكون المبادئ الأساسية للطريقة، خاصة طقوس جلسات الذكر المصاحب بالموسيقى، والتى يطلق عليها السماع، وهى أهم ما يميز هذه الطريقة عما عداها، قد استقرت فى عهد مولانا جلال الدين الرومى ثم تطورت فيما بعد للصورة التى هى عليها اليوم.
إلا أنه لم ترد قبل عام 754 هـ/ 1353 م أية إشارة للطقوس الأخرى أو ما يجرى من تبادل التحية بالصورة التى ميزت حفلات الذكر فيما بعد.
وللدخول فى الطريقة طقوس غاية فى التعقيد، تتم تحت إشراف معلمين موكول لهم هذه المهمة، يسمى الواحد منهم "د د ded" ويبدأ الفرد فى الطريقة بدرجة "محب" ثم "مريد"، ثم "درويش" وهو أيضًا "الدد" وبعدها يتدرج بحسب مقدرته ليكون "شيخًا" ثم "خليفة".
وللأزياء فى الطريقة أهمية خاصة فلكل مرتبة زيها، فالشيخ مثلًا إذا لم يجز نسبته لآل البيت يرتدى عمامة بيضاء، أما إن كان سيدًا أى من آل البيت) فيرتدى عمامة قرمزية اللون.
وهناك غطاء للرأس مخروطى الشكل (طرطور) يسمى السكة Sikke ذو مغزى خاص، يأتى به المحب فى أول لقاء له بالشَّيخ كبداية لدخول الطريقة، فيتلو فيه الشيخ سورة الإخلاص ثلاثًا، ويقبله ثلاثًا، ثم يكبِّر فيه، ولكن المحب لا يرتديه إلا بعد اجتياز فترة الاختبار التى تصل مدتها إلى 1001 يومًا.
ويقطن المشايخ فى مقار تسمى بمسميات مختلفة مثل أستانة asatana أو تكة (درجة) tekke (dargah) أو (zaway)(زاوية). وهذه المقار على درجات، فالآستانة أعلى مرتبة من الزاوية، ويتكون التك، من حرم، وسلاملك، والسماع خانة (غرفة جلسات الذكر، أو السماع)، والمسجد والميدان، والمطبخ. وهناك غرفة تسمى "الميدان الشريف" لا يسمح إلا لمن فى درجة محب بارتيادها، وفيها تقام جلسة طقوس خاصة بعد صلاة الفجر.
وأهم ما يميز هذه الطريقة هو جلسات الذكر الموسيقية المسماة
"سماع" وهى تنفذ فى غرفة خاصة تسمى "سماع - خانة"، يدخل لها من غرفة خارجية، ويلحق بها أقسام للزوار من الجنسين، والـ "مطرب - خانة" أو مكان العازفين.
وحتى عهد سليم الثالث (1789 - 1807 م)، كان التقليد السارى منذ عهد جلال الدين الرومى ساريًا، وبمقتضاه لا تجرى حفلات السماع إلا فى حالات النشوة الخالصة، وإن كانت هناك شواهد أنها كانت قبل هذا التاريخ تجرى بانتظام يومى الثلاثاء والجمعة. ولعل الزيارات المستمرة للسلطان وإقامة السماع على شرفه قد أدى بأن تقام الحفلات يوميًا. أما خارج إستانبول فكانت تعقد بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع. أما الآن، [وبعد إلغاء الطريقة فى عهد كمال أتاتورك عام 1925] فهى تقام لأسباب سياحية بحتة فيما بين 11 و 17 ديسمبر من كل عام.
ولقد اجتهد المولوية فى إعطاء معان رمزية لكل ما يتصل بها، كتصميم غرف السماع وحركات الذاكرين. فالقوس الأيمن من غرفة السماع -خانة دائرية الشكل يمثل الحياة الدنيا، والأيسر يمثل ما فيها من غيبيات، ورفع يد الذاكر للسماء تمثيل لتناول عطاء اللَّه، وخفض اليد اليسرى إلى الأرض تمثيل لإعطاء ما أخذه من اللَّه للناس، ذلك أن المولوى يرى أنه موجود فقط كصلة بين العباد وخالقهم، فهو موجود فى الظاهر، أما فى الحقيقة فهو غير موجود.
وتقام حفلات الذكر فى دورات أربع، الأولى تتمثل فيها صفات اللَّه وأسماؤه الحسنى، وفى نهايتها يتجلى اللَّه برحمته على الذاكرين، حيث يصل المسالك إلى مرحلة "علم اليقين" وفى الدورة الثانية يصل بعلمه إلى درجة الرؤية، أى يصل إلى "عين اليقين" وفى الثالثة يصبح هو بذاته ما رآه، أى "حق اليقين" أما الرابعة فتمثل الوجود الإلهى.
أما الشئ الثانى المميز لهذه الطريقة فهو مرحلة الاختبار لطالبى الانضمام فى الطريقة. وهى لا تتضمن كما فى طرق أخرى أمورًا شاقة على النفس