الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملكشاه
هو اسم حمله العديد من الحكام السلاجقة:
1 - ملكشاه الأول بن آلب أرسلان
، جلال الدولة معز الدين أبو الفتح، هو سلطان سلجوقى عظيم ولد فى 447 هـ/ 1055 م وحكم من 465 إلى 485 هـ/ 1072 - 1092 م وبلغت الدولة السلجوقية فى عهده أقصى امتداد لها، من سوريا غربا إلى خراسان شرقا، كما بلغت أوج قوتها العسكرية.
وقد اختار آلب أرسلان ابنه ملكشاه وليا لعهده فى عام 458 هـ/ 1066 م. وبالرغم من أن آلب أرسلان أصيب بجرح قاتل فى حملته ضد القره خانيين فإنه ظل على قيد الحياة مدة كافية مكنته من ترتيب أمور دولته بعد وفاته وبفضل حنكة الوزير نظام الملك اعتلى ملكشاه العرش وجرى ابلاغ ذلك رسميا على من الفور للخليفة العباسى فى بغداد.
كما تم تأمين نيسابور -وهى المدينة الرئيسية فى اقليم خراسان- وكنوزها للأمير الشاب.
ولكن قاوَرْد بك عم ملكشاه طالب بالعرش باعتباره أكبر أفراد الأسرة السلجوقية، وفى كرمان التى كان حاكما لها فى عهد أخيه، أعلن الثورة على السلطان الجديد.
وتم القضاء على هذا التمرد فى همذان عام 466 هـ/ 1074 م، ولقى قاوَرْد مصرعه فى القتال.
وشجع انشغال ملكشاه بالقتال ضد قاوَرد فى غربى فارس القره خانى شمس الملك نصر على غزو بلخ وطخارستان مما اضطر ملكشاه إلى العودة بسرعة إلى الشرق حيث طرد القره خانيين من ترمذ وأملى شروطه على الخان فى عاصمته سمرقند (466 هـ/ 1074). وبعد وفاة أياز (بن آلب أرسلان ولى ملكشاه أخاه تكش حكم بلخ وطخارستان. وحكم تكش هذه الأقاليم بسلام لعدة سنوات، لكن فى عام 473 هـ/ 1080 - 1081 ضم تكش إلى صفوفه 700 ألف من
قوات المرتزقة كان ملكشاه قد صرفهم من الخدمة لضغط الإنفاق. وبمساندة هؤلاء الجنود قام تكش بتمرد ولكنه أخفق فى الاستيلاء على نيشابور واضطر للاستسلام، وعفا عنه السلطان. إلا أنه عاود الكرة بعد أربع سنوات، وفى هذه المرة لم يكن ملكشاه رحيما، فبعد اخضاع التمرد سمل عينى تكش وألقى به فى السجن. وقد أحدثت هذه الاجراءات القاسية أثرها داخل الأسرة السلجوقية التى لم تشهد أى تمرد بعد ذلك حتى نهاية حكم ملكشاه.
وتحقق السلام أيضًا على الحدود الشرقية بتسوية مؤقتة مع الدولة الغزنوية فى شرق أفغانستان والهند. فالصراعات على العرش فى بداية حكم ملكشاه أغرت إبراهيم بن مسعود سلطان غزنة بمحاولة استعادة الأراضى الغزنوية فى خراسان التى ضاعت منذ ثلاثين عاما، ولكن ملكشاه أرسل جيشا أعاد الوضع هناك إلى ما كان عليه (465 هـ/ 1073 م) ويبدو أن إبراهيم سلم بضياع تلك الأقاليم الغزنوية واقتنع بأن مستقبل دولته يكمن فى الشرق حيث الهند ومن ثم أصبحت العلاقات السلمية هى القاعدة بين الدولتين.
ومن ناحية أخرى ظلت العلاقات بين السلاجقة والقره خانيين سلمية حتى عام 482/ 1089 م عندما استنجد العلماء السُّنّة الساخطون فى بلاد ما وراء النهر بملكشاه مما دفعه إلى غزوها مرة أخرى وخلع أحمد خان صاحب سمرقند بسبب ميوله الإسماعيلية وتوغل ملكشاه حتى بلغ كاشغر وأرسل إلى ملكها هارون خان بن سليمان يدعوه إلى الدخول فى طاعته، رضخ الملك ومثل بين يدى ملكشاه وأعلن ولاءه له. وقد مثل الاعتراف بالسلاجقة فى هذه المنطقة ذروة الهيبة السلجوقية فى الشرق حيث انشغل الأمراء القره خانيون بالانقسامات العائلية التى أخضعتهم.
أما فى غرب الدولة السلجوقية فكان الموقف أكثر تعقيدا: فهناك منطقة من الامارات العربية المحلية والكردية الغيورة على استقلالها مختلطة بقادة من المماليك الأتراك الطموحين
والتركمان. بينما ولاؤهم فى غربى الأناضول وغربى القوقاز توجد جورجيا والدولة البيزنطية اللتان تمثلان القوى المسيحية المعادية. ولهذا السبب كان اهتمام السلاجقة الكبير بالدفاع عن الولايات الشمالية الغربية مثل آذربيجان وآران وأرمينيا ضد هجمات جورجينا والحفاظ على هذه الأراضى كمناطق لتمركز القوات التركمانية. وبمجرد أن اعتلى ملكشاه العرش عمل على تقوية حدوده الغربية، فعزل الأمير الكردى فضل (أو فضلون) الثالث بن فضل الثانى أمير جنجه ودفن وولى مكانه المملوك التركى سوتجن قائد قوات آلب أرسلان الذى كان يعرف جيدا الموقف فى منطقة القوقاز. وقال ملكشاه بنفسه قواته فى هذه المنطقة فى عام 471 هـ/ 1078 - 1079 م حيث استعاد مدينة كرس Kars التى استولى عليها ملك جورجينا. كما قاد جيشه مرة أخرى فى المنطقة نفسها عام 478 هـ/ 1085 م ليسحق تمرد فضل الثالث على السلطة السلجوقية بعد أن كان أى ملكشاه- قد أعاده إلى الحكم. وقضى هذه المرة على أغلب أسرة الشدادين فى جنجة. كما قام بتجزئة أغلب الأراضى شرقى القوقاز إلى إقطاعيات ولى عليها قادة قواته وعهد إلى قطب الدين إسماعيل بن ياقوتى، ابن عمه، بمنصب الحاكم المطلق على هذه المناطق.
أن اكتساح الأناضول ودفع البيزنطيين إلى الوراء تدريجيا كان من صنع القادة التركمان، ويعد سليمان بن قتلمش بن أرسلان وأخوه منصور من أبرز هؤلاء القادة. ويعتبر قتلمس الذى أسند إليه ملكشاه حكم هذه البلاد هو المؤسس الحقيقى لدولة سلاجقة الروم فى آسيا الصغرى.
أما فى الأراضى العربية فى العراق والجزيرة وسوريا فقد استهدفت السياسة السلجوقية احتواء الفاطميين الإسماعيلية فى فلسطين وكبح تأثيرهم فى الامارات العربية الشيعية فى أطراف الصحراء وداخل شبه الجزيرة العربية وتأمين السيطرة السنية على المدن الرئيسية مثل حلب ودمشق. وكذلك السيطرة على جماعات التركمان التى كانت تزاحم السكان العرب فى
مراعيهم بالأراضى السورية وأراضى الجزيرة. وفى عام 478 هـ/ 1058 م أمر ملكشاه وزيره فخر الدولة بن جهير بالاستيلاء على ديار بكر وأخضاع إمارة بنى مروان الكردية تلك. وتم بالفعل ضم هذه الإمارة إلى الدولة السلجوقية.
وفى سوريا فرض ملكشاه سلطانه على فيلارتوس القائد الأرمنى السابق للبيزنطيين فى منطقة جبال طوروس وعلى الأمير مسلم بن قريش العقيلى فى الأراضى الواقعة بين الموصل وحلب وعلى سليمان بن فتلمش بواسطة أخيه تتش فى أول الأمر قاد هو الجيش بنفسه عام 477 - 478 هـ/ 1084 - 1085 م وبانتصار ملكشاه على أعدائه امتد سلطانه إلى شواطئ البحر المتوسط. بل وصل التأثير السلجوقى شبه الجزيرة العربية، ففى عام 469 هـ/ 1076 - 1077 م توجه أرتق ابن أكسب قائد جيش ملكشاه إلى الأحساء شرقى الجزيرة العربية للقضاء على القراطمة، كما وصلت قواته إلى اليمن وعدن لفترة من الزمن.
وبحكم الضرورة كانت العلاقات مع الخلافة العباسية مهمة للغاية بالنسبة لقوة مثل السلاجقة الذين يدعون أنهم رأس حربة للمذهب السنى وحماة الخلافة ضد التهديدات الشيعية. ورغم ذلك لم يقم ملكشاه بزيارة بغداد إلا فى عام 479 - 480 هـ/ 1086 - 1087 م حيث ولاه الخليفة المقتدى باللَّه السلطنة رسميا وإن كان ملكشاه ووزيره نظام الملك يعتبران السلطنة التى أقامها طغرل بك تستمد شرعيتها من ذاتها وأن لها أهلية كاملة للتداخل حتى فى الأمور الدينية.
لكن الخليفة لم يكن يسلم بالطبع بصحة هذا التفسير فيما يتعلق بأمور الإسلام. ومن ثم شهدت العلاقة بين بؤرتى السلطة حالة من التوتر تزداد وتضعف درجتها تبعًا للمتغيرات.
وكان جزء مهم من سياسة نظام الملك وزير ملكشاه يعتمد على استغلال ضعف سلطة القوى الشيعية مثل البويهيين والفاطميين لبعث الإسلام السنى وذلك بدعم المؤسسة الدينية
السنية ماليا وبكل طرق الدعم الأخرى، بما فى ذلك تشجيع إنشاء المدارس.
وكان ذلك يعنى نظريا التعاون مع الخلفاء العباسيين الزعماء الروحيين للإسلام السنى، ولكن عمليا، تنامى التوتر بين نظام الملك وبنى جهير وزراء الخلفاء العباسيين بدءا من القائم بأمر اللَّه وحتى المقتفى. وبلغت العلاقات أدنى مستوى لها فى عام 471 هـ/ 1079 م عندما نجح فى عزل فخر الدولة بن جهير. وقد أحدثت خطبة إحدى بنات ملكشاه إلى الخليفة المقتدى فى 474 هـ/ 1081 - 1082 م انفراجا فى العلاقات بين الدولتين حيث زار ملكشاه بغداد وتم الزواج فى 480 هـ/ 1087 م.، ولكن سرعان ما تدهورت العلاقات، ففى زيارته الثانية لبغداد قبل وفاته بوقت قصير تجاهل ملكشاه الخليفة العباسى بشكل واضح. فقد قرر ملكشاه إقامة مشروعات إنشائية وعمرانية ضخمة فى بغداد من بينها مسجد كبير جامع السلطان وقصور لكبار رجال الدولة بهدف جعل بغداد عاصمته الشتوية. ويبدو أن ملكشاه كان يخطط لأن ينصب حفيده. جعفر -ثمرة زواج الخليفة العباسى بابنته- خليفة، لكن فى منتصف شهر شوال عام 485 هـ/ نوفمبر 1092 م أصابت ملكشاه حمى أدت إلى وفاته عن 58 عاما، ويشتبه فى أنه مات مسموما. وتم نقل جثمانه إلى أصفهان حيث دفن هناك.
وحاولت تركان خاتون -زوجة ملكشاه- والوزير تاج الملك الشيرازى الذى خلف نظام الملك تنصيب ابنها محمود -أربع سنوات- على عرش أبيه. لكن أنصار نظام الملك وأفراد أسرته وطلاب المدرسة النظامية ضمنوا الخلافة لأبى المظفر بركيارق أكبر أبناء ملكشاه من زوجة أخرى. وشهدت الدولة السلجوقية فترة انقسامات وخلافات داخلية فى ظل حكم أبناء ملك شاه.
ولقد أجمعت كل المصادر سواء مسيحية أو إسلامية على الثناء على ملكشاه وأشادت بنبله وكرم أخلاقه. ورغم أنه لم يكن أكثر ثقافة من أسلافه من السلاطين السلاجقة إلا أنه اكتسب