الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللفظ فى القرآن الكريم؛ إذا كان اللفظ يفيد إظهار غير الباطن، وعلى ذلك تجرى ترجمته المعتمدة فى اللغات الأخرى، فإن الملاحظ أن القرآن الكريم يستخدمه بمعنى أوسع. ففى الآية 3 من سورة المنافقون يُعتبرون مرتدين عن الدين:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} . وهم يُجمعون مع الكفار فى خلود العذاب فى الآخرة: سورة التوبة الآيات الكريمة 73 - 87. سورة النساء الآيات الكريمة 140 - 145، سورة الفتح الآية 6، سورة المجادلة الآيات 14 - 15، سورة الحشر الآيات 11 - 15. كما يجب جهادهم وأخذهم بالشدة: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} : سورة التوبة الآية 73 والتحريم آية 9. ومستحقون القتل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، سورة النساء الآيات 89 و 60 وفى بقية سورة المنافقون ترد أوصافهم كأشد ما تكون الأوصاف السيئة، (فهم كاذبون) صادون عن سبيل اللَّه، (لا يفقهون) هم العدو مستكبرون (لن يغفر اللَّه لهم) مهما استغفر لهم (الرسول) ناكلون عن الصدقة ومحرضون على عدم بذلها: كما تبين سورة التوبة فى الآيات 67 و 90 - 110 رياءهم فى قضية الإيمان. بينما تتحدث آيات أخرى عن إحجامهم عن الجهاد فى سبيل اللَّه، بل وتثبيطهم لغيرهم، وعدم صدق نواياهم وبوجه عام فهم فى الاستعمال القرآنى المنشقون عن الأمة جهرا كان أو سرا فهم لم يشتركوا فى الجهاد، ولم يسهموا فى قضايا الإسلام، على أنه من الملاحظ أن تهديدهم بالعذاب يأخذ صورة غير قاطعة من حيث اقترانه أحيانا باحتمال الغفران، مما يشير إلى عدم استبعاد توبة البعض منهم.
فى الفكر الإسلامى:
يركز فى كتب التفسير على معنى الرياء، أو إظهار غير الباطن Hypocrisy أكثر من الشقاق أو الردة Dissent. ويربط بعض اللغويين بين اللفظ وبين كلمة "نفقاء" كأصل لغوى، وهو مخرج الهروب لليربوع [يقال "خرج اليربوع من نفقائه" - المعجم الوسيط]، فكما أنه يدخل من فتحة ويهرب من الأخرى، فكذلك المنافق يدخل الإيمان ظاهريا ويخرج منه سرا.
وقد ورد اللفظ "نفق" بمعنى مشابه فى الآية 35 من سورة الأنعام {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} . إلا أن البعض الآخر يجعل الكلمة مرادفة للكلمة "نفذ"، فالمنافق يدخل من باب وينفذ من الآخر مثل الفسق، وهو الإعراض، أما الطبرانى فى تفسيره للآيات الكريمة 98 - 101 من سورة التوبة التى تربط بين النفاق والإنفاق:{وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ} ، فيجعل بين اللفظين رابطة من الأصل اللغوى فيقول "هؤلاء المنافقون ينفقون رياء".
وإذا كان القرآن الكريم يتحدث عن المنافقين دون تحديد لأشخاصهم، فإن كتب التراث الإسلامى مليئة بأسماء لهم، فرئيسهم فى المدينة كان عبد اللَّه ابن أبى، أحد، زعمائها قبل الإسلام. فهو قد وقف فى صف بنى قينقاع، وتخلف عن غزوة أحد أما الآيات من سورة التوبة فتتحدث عن المتخلفين عن غزوة تبوك وعن الذين خلفوا بالنسبة للأعراب الوارد ذكرهم فى نفس السورة فهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار.
ويعالج الشيعة الإمامية موضوع المنافين من زاوية أن القرآن الكريم أمر بجهاد المنافقين ولكن الرسول [صلى الله عليه وسلم] لم يواجههم بقتال، وتفسيرهم فى ذلك أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] حارب الكفار وأن عليا حارب المنافقين، خاصة فى صفين، وينسب للحسن تفسير آخر هو أن الجهاد المقصود هو إقامة الحدود الشرعية، وفى تفسير آخر يتفق مع رأى فى السنة أن جهاد المنافقين يكون بالمنطق وليس بالحرب كجهاد الكفار.
أما الخوارج فيعالجون القضية فى سياق العلاقات مع غير الخوارج. فطائفة النجدات يرون أن اللفظ ينطبق على من لم يهاجر من الخوارج إلى معسكرهم. ويرى سليم بن ذكوان أن غير الخوارج يعتبرون من المنافقين، وأنه يجوز مصاهرتهم والتوارث معهم حيث أن هذا ما فعله أصحاب الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع منافقى عصرهم.
وتدور فكرة النفاق لدى مؤلفى "أحكام القرآن" فى الغالب حول إظهار خلاف الباطن، وتأخذ الآيات 8 - 20 من سورة البقرة على أنها تشير إليهم