الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مولاى محمد الشيخ
هو اسم لثلاثة سلاطين مغاربة ينتمون إلى أسرة "السعديين".
1 -
الأول هو أبو عبد اللَّه، ولقب أيضًا "بالمهدى" وأحيانًا "بالإمام". ويعد الثانى أو الثالث من أعضاء الأسرة. إلا أنه مؤسسها الحقيقى هو الذى قضى على "بنى موين". ولد فى "تجمدرت"، أحد أحياء "درعة" سنة 896 هـ/ 1490 - 1 م. وهو الابن الأصغر "لمحمد بن عبد الرحمن القائم بأمر اللَّه" والذى نودى به سلطانًا فى سنة 916 هـ/ 1510 م، وتوفى فى سنة 932 هـ/ 1517 م. عين أبوه شقيقه الأكبر "أحمد الأعرج" حاكمًا على "سوس" فى نفس السنة التى تلقى فيها "البيعة"(916 هـ/ 1510 م). ومئتين مع شقيقه الأصغر، الذى عمل مساعدًا له، حربًا مقدسة ضد المسيحيين قاطنى الإقليم وخصوصًا فى "سانتاكروز" المنفذ الساحلى لـ "سوس" والتى صارت مدينة "أغادير". واستعان الشقيقان "الشريفان""ببنى وطاس" حكام "مراكش". لكن "محمد الشيخ" تحرر من وصاية شقيقه الأكبر ووضع يديه على إدارة السهل والجانب الجنوبى من "أطلس العليا" سنة (919 هـ/ 1513 م). وامتد نفوذه ليشمل شمال "الأطلس" بعد موت "القائم". اتخذ "ترودنت" عاصمة له وحصنها وأطلق عليها اسم "المحمدية". واحتاج إلى التجارة مع المسيحيين للحصول على الأسلحة والذخائر، فعقد الاتفاقيات مع الحكام البرتغاليين فى "سافى" و"أزيمور" فى سنة 930 هـ/ 1524 م، ليحل السلام نسبيًا فى جنوب المغرب. وظل "مولاى محمد" على علاقة طيبة مع الوالى المحلى ذو النفوذ الإسلامى، كما اجتذب التجار المسيحيين إلى "سوس" لتنمية تجارة الجلود والشمع والسكر والتى اشتهرت بها المنطقة.
وفى ذى الحجة 930 هـ/ أكتوبر 1524 م، استولى "أحمد الأعرج" على "مراكش" من "الوطاسيين"، وشن الشقيقان المزيد من الهجمات على آخر ملوك هذه الأسرة، الذين حكموا فى "فاس"، واستوليا على إعداد كبيرة من قطع المدفعية، والتى تمكنا بواسطتها من
شن حملة على ميناء "فونتى"(انظر أغادير) مرة أخرى ومحاصرتها والاستيلاء عليها فى 13 ذو القعدة 947 هـ/ 11 مارس 1541 م، وأخذ الأسرى المسيحيين إلى "ترودنت"، وتمكن "مولاى محمد"، عن طريق الأسلحة والذخيرة التى استولى عليها من إخضاع "البربر".
ونشب الصراع بين الشقيقين بسبب الاختلاف على اقتسام الغنائم. وهاجم "الأعرج" أخيه "محمد" وهزمه، فأضمر هذا الانتقام لنفسه، وأفلح فى سنة 951 هـ/ 1544 م فى أن يستولى على "مراكش" ويأسر أخيه الأكبر وينفيه إلى "تفيلالت" هو وكل أتباعه، وأصبح السيد الأوحد على الأراضى التى يحكمها "السعديين"، ومن ثم عمل على وضع حد لنفوذ "الوطاسيين" وتوحيد المغرب تحت إمرته. وجاءت نتيجة المواجهة الأولى لمصلحته، وهى التى جرت وقائعها فى "أم الربيع" إلا أن المعاهدة التى أبرمت فى أعقابها، سرعان ما نقضت. ودعا "السعدى" خصمه للتسليم، وحينما أبى ذلك، هاجم "فاس" فى سنة 952 هـ/ 1545 م، وأسر حاكم المدينة "أحمد الوطاس".
ثم أطلق سراحه. وبينما تولى ابنه مقاليد الحكم فى العديد من المدن على الساحل الأطلسى، اضطر "مولاى محمد" الذى كان قد فقد "فاس" فى نفس الوقت، إلى أن يضرب حصارًا طويلًا حول المكان، ليستولى عليه فى 2 محرم 956 هـ/ 31 يناير 1549 م. وهو الحدث البارز، الذى يتخذ كبداية لعهد هذه الأسرة الحاكمة.
واستعان "أبو حسان"، أحد أعمام "الوطاس" المهزوم "بالانكشاريين" فى الجزائر لمهاجمة "مولاى محمد الشيخ" والاستيلاء على "فاس" التى نهبها الأتراك (961 هـ/ 1554 م)، لكن "الشيخ" سرعان ما استعاد العاصمة فى نفس السنة، وأعدم "أبو حسان" وأرسل برأسه إلى "مراكش".
فى سنة 959/ 1552، أرسل السلطان العثمانى "سليمان قانونى"(926 - 74 هـ/ 1520 - 66 م) محررًا فى شأن الحدود الشرقية للمغرب، إلى "مولاى محمد الشيخ"، الذى أساء
معاملة المبعوث العثمانى، وكان فى ذلك قضائه، حيث تعقبه إلى "مراكش"، التى كان ينوى الإقامة النهائية فيها، حفنة من القتلة المأجورين المبعوثين من الجزائر لاغتياله، فاندسوا بسهولة ضمن حاشيته، والتى كانت تتشكل فى معظمها من الأتراك، ونفذوا فعلتهم فى 29 ذو الحجة 964 هـ/ 23 أكتوبر 1557 م، وحملوا رأسه -هكذا قيل- إلى "إستانبول". ويرقد جثمانه فى "مراكش" مع أفراد أسرته، فى الفناء المعروف باسم "لالة مسعود" والذى يحتوى على مقابر مشاهير "السعديين"، حيث نقش اسمه على نصب تذكارى كبير، إلى جانب لوحة رخامية تحمل نقشًا طويلًا يطرى زوجة السلطان البربرية "مسعودة" ويعدد مناقبها، وهى التى أنجبت له "أحمد المنصور" وأطلق اسمها على الفناء.
ورغم شهرته بالتقوى والورع، إلا أن هذا لم يمنعه من أن ينزل العقوبات الوحشية على الفقهاء، الذين عملوا فى خدمة الأسرة الحاكمة السابقة، مثل "الونشريزى" الذى أعدمه فى ذى الحجة 955 هـ/ يناير 1549 م و"الزقاق" و"سيدى على حرزوز".
وتسبب "مولاى محمد الشيخ" -من الناحية الاقتصادية والمالية- فى بعض المشاكل نتيجة للأعباء الضريبية التى فرضها، إلا أنه سعى إلى زيادة ثروة البلاد وتنمية زراعة القصب وتصنيع السكر. وسعى لامتلاك منجم الملح فى "قفازا" الواقعة فى منتصف الطريق بين مصب "النيجر" ومنحنى "دراع". وفى نفس السنة التى مات فيها السلطان، قللت قواته حاكم "تفازا" وسلبت قافلة من الملح. وقال بنفسه حملة على السودان، بيد أنه أجبر على العودة، ووقع على عاتق حفيده "أحمد المنصور الذهبى" أن يفتح أرض الذهب.
2 -
والثانى الذى يحمل اللقب الملكى "المأمون" هو حفيد السابق، وابن "أحمد المنصور" من امرأة زنجية تسمى "خيزران". فبعد معركة "وادى المخازن"(أو معركة الملوك الثلاثة) فى سنة 986 هـ/ 1578 م وإعلان أحمد المنصور كسلطان، عين ابنه "محمد الشيخ الثانى"، الوريث المفترض، حاكمًا على