الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
كتب مندور حوالى 30 كتابًا والمئات من المقالات ومراجعات الكتب والتى بقى معظمها لم يجمع وفى عام 1964 م وافق على إجراء مقابلة تعليمية مفصلة نشرت فى كتاب فؤاد دوارة "عشرة أدباء يتحدثون" القاهرة 1965 م ومقابلة أخرى فى الجريدة الأدبية اللبنانية "الأدب" مع فاروق شوشة وكتب بعد وفاته مقالات لا حصر لها عن حياته وكتاباته النقدية وذلك فى الجرائد الأدبية العربية مثل "الأدب" و"الطليعة" و"الحلة"
[منصور عجمى Mansour Ajami]
المنذر بن سعيد
المنذر بن سعيد بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن القرطبى، أبو الحكم، الفقيه المشرع الأندلسى المولود سنة 273 هـ (= 886 م) فى أسرة ترجع إلى أصل بربرى ثم استقرت فى قرطبة.
ولقد درس أول ما درس فى الأندلس ثم رحل فى طلب المزيد من المعرفة فى الشرق أثناء قيامه بأداء فريضة الحج سنة 308 هـ (= 921 م) فأقام فى مدن شتى وحضر حلقات دروس عدة شيوخ واشتهر فى مصر حين صحح قراءة شعر لمجنون ليلى انشده أبو جعفر النحاس الذى رفض أن يعيره كتاب الصيد للخليل بن أحمد لينسخ نسخة منه لنفسه، وعلى الرغم من رفض أبى جعفر إعارته هذا الكتاب إلّا أنه استطاع أن يحصل على نصٍّ له، كما نسخ نسخة من كتاب الإشراف فى اختلاف العلماء لمحمد بن المنذر النيسابورى، فلما عاد إلى اسبانيا ذاعت شهرته كرجل من رجال الأدب وكشاعر وفقيه، الظاهر أنه بدأ فى هذه المرحلة يمارس عمله كقاضٍ فى منطقة الحدود الشرقية، فلما كان شهر جمادى الآخرة من سنة 330 هـ (= مارس 942 م) وقد اختير أخوه فضل اللَّه المتوفى 335 هـ (= 947 م) الذى صحبه إلى الشرق قاضيا لفحص البلوط أصبح المنذر نفسه قاضيًا لجميع مناطق الحدود وصار له الإشراف الكلى على جميع القضاة وحياة الضرائب الداخلين فى نطاق منطقة نفوذه
الإدارى، كما عهد إليه بمراقبة الرحالة الوافدين من الخارج، ينفرد ابن خلدون فى مقدمته من بين جميع المؤلفين فيذكره بأنه القاضى الذى أصبحت له قيادة الجيوش التى كانت تخرج كل سنة لقتال النصارى، وليس من المعروف متى كان تاريخ انتقاله ليكون قاضى مدينة الزهراء، ولكن من المعروف أنه كان يشغل هذا المنصب فى سنة 338 هـ (= 949 م) حين حدثت حادثة يعتبرها مترجموه ذات خطورة عظمى ويعلقون عليها أهمية كبرى، فلقد كان حاضرا مجلس بلاط الخليفة الناصر عبد الرحمن أثناء استقباله لسفير الإمبراطور قسطنطين السابع، وفى أثناء هذا الاستقبال الذين كان من المفروض أن يلقى فيه أبو على القالى كلمة فى مديح الخليفة يؤكد فيها على رخاء البلاد تحت حكمه، وكان الحكم ولى العهد قد جاء بالقالى من بغداد وبسط عليه رعايته، فلما شرع أبو على فى الكلام ارتج عليه من الرهبة فلم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة، وحينذاك ارتجل المنذر بن سعيد خطبة عصماء حفظها لنا الكثيرون ممن ترجموا له ونقلها عنهم غيرهم ومن بينهم ابن خاقان فى كتابه المطمح وياقوت فى معجم أدبائه، ولقد أكسبه هذا الحادث العارض تقدير عبد الرحمن الثالث الناصر الذى أحسّ إذ ذاك بوجوده لأول مرة ومن ثم اختاره فى السنة التالية فجعله "قاضى الجماعة" وكان معنى ذلك أنه صار أكبر قاضٍ فى المجتمع الإسلامى للإشراف على سير العدالة كما يقول ليفى بروفنسال فى تاريخه عن اسبانيا المسلمة، وعلى الرغم من محاولات المنذر المتكررة للاستقالة وترك منصب قاضى الجماعة إلا أن الحكم الثانى أصر على ابقائه فى هذا المنصب حتى وافاه أجله يوم الثامن عشر من ذى القعدة سنة 355 هـ = 15 نوفمبر 966 م وليس الرابع من ربيع الأول 349 هـ وهو فى السابعة والأربعين من عمره كما يقول السيوطى فى بغيته الذى يخطئ مرة أخرى فيجعل ولايته قضاء الجماعة لغرناطة لا لقرطبة). أما الحكم الثانى فقد ولى الخلافة من سنة 350 هـ حتى 366 هـ.
لقد كانت صراحة المنذر بن سعيد أن تكلفة ضياع مكانته بل وهو أكثر منها، ويلفت مترجموه وكتاب سيرته الأنظار إلى خطبة جافة شديدة اللهجة لام فيها الحاكم لومًا عنيفًا إذ كان على وشك بناء مدينة الزهراء، ثم ما كان منه من نقد لاذع لبنائه مقصورة بالحجر المموق بالذهب والفضة، ورماه بأنه اسلم نفسه لغواية الشيطان فأضله حتى سلك مسلك الكافر، وعلى الرغم من هذا كله إلا أنه لم يصب بأذى، ويرجع السبب فى ذلك إلى أن الخليفة الناصر عبد الرحمن كان يدرك تمام الإدراك مدى جدوى معاونته، ويقول من كتبوا سيرته ومعاصروه إنه كان شديدا كل الشدة ولكن على من يمثلون أمامه للمحاكمة، وكان يعاملهم جميعا على قدم المساواة دون اعتبار للطبقة الاجتماعية التى ينتمون إليها، وقد لاحظ مترجموه فى دهشة أن سلوكه الجاف وتصرفه الكريم لم يمنعاه من أن يكون فكها مع اصدقائه كثير الدعابة معهم وينقلون عنه بعض ملحة ونكاته التى كثيرا ما أضحت أهل قرطبة وسرّتهم.
ويفيد نص بوفنسال أول ممثل فى الأندلس لمذهب أهل الظاهر الذى أدخله إلى الأندلس بعد أن تتلمذ فيه ليس على يد داود ابن خلف وحده، بل درسه أيضا على يد أحد تلاميذه (راجع مقال بيلات عن ترجمة ابن حزم فى مجلة الأندلس 1954 م)، ولقد استطاع المنذر بن سعيد أن يمارس "الاجتهاد" فى نفس الوقت الذى كان فيه ملتزما كل الالتزام بالمذهب المالكى واحترامه، وحين يتكلم عنه ابن العمار الحنبلى فى كتابه شذرات الذهب (3/ 17) نراه يعترف باستقامة رأيه وألمعيته وفصاحته ولا ينتقده أكثر مما تجرى أقلام غيره من كتاب التراجم عمن يترجمون لهم.
لكن على الرغم من كل ما ذكرناه فلم يبق لدينا شئ من مؤلفاته وهى الناسخ والمنسوخ، الإنباه على استنباط الأحكام من كتاب اللَّه، وكتاب الإبانة عن حقائق أصول الديانة، وإن بقيت بعض أبيات من الشعر تنسب إليه ولا سيما فيما يتعلق بالزهد وترد الإشارة أيضا إلى تبادل الرسائل الشعرية بينه