الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتأصلة بين المماليك وقد قام بيبرس على رأس جماعة من المتآمرين باغتيال قطز. ثم أغتصب السلطنة بعد تعهده بمساعدة البحرية، إخوته فى السلاح.
-
السلطنة الحصينة:
يعد الظاهر بيبرس، دون سابقيه، المؤسس الحقيقى لدولة سلاطين المماليك. فلقد سمحت فترة حكمه الطويل نسبيا (658 - 676 هـ/ 1260 - 1277 م)، والدرجة العالية من الإستقرار الداخلى، مقارنة بتقلبات العقد السابق، بإقامة البنية السياسية للدولة ونظم الحكم. إلا أن الإيلخانات المغول فى الشرق خلال عهده وعهد من حكم من بعده وبقايا الإمارات الفرنجية أخذوا يهددون دولة المماليك الحصينة على سواحل الشام -وكان الخطر المغولى أشد من الخطر الصليبى. ولقد قام الأيوبيون فى حمص وحماة بصد هجمة ثانية شنها المغول على سوريا بعد معركة عين جالوت بشهور قليلة، إلا أن أيوبيِّى حمص وحماة صدوهم أولًا فى الأول من المحرم 659 هـ - ديسمبر 1260 م) ثم هزموهم مرة ثانية فى موقعه حمص الثانية فى سنة 680 هـ/ 1261 م، أثناء حكم قلاوون أما فى الفترة الأخيرة فقد وقعت سنة 712/ 1313 م زمن السلطنة الثالثة للملك الناصر محمد بن قلاوون. ولقد كانت الإمارات الفرنجية عسكريا ضئيلة الأهمية بالمقارنة بقوة المغول ولكن خطرها كان يكمن فى أن تصبح [الشام] قاعدة لصليبيى أوربا، مما يتح فرصة قيام حلف صليبى مغولى ضد المماليك وقد بدأ تحقق هذه المخاوف حين خرج إدوارد، ابن ملك إنجلترا هنرى الثالث على رأس، قوة صليبية إلى عكا سنة 669 هـ/ 1271 م، وحصل على تعاون محدود من قبل الإيليخان "أبقا" ولقد إنتهت هذه العملية المشتركة، الأولى والأخيرة من نوعها إلى لا شئ وكان تأمين مسلمى الشام المواجهين لأراضى العدو، من أهم ما شغل بال بيبرس. وفى سنة 661 - 662 هـ/ 1263 م، سقطت إمارتان أيوبيتان فى أيدى بيبرس هما إمارة الكرك وإمارة حمص كما تم إخضاع الإسماعيلية، وأستولى بيبرس على قلاعهم فى الفترة ما بين 669
و 671 هـ/ 1271 و 1273 م. وقد كان من أهداف بيبرس إنقاص عدد الإمارات الصليبية قدر الإمكان، وقد قام لذلك بحملات سنوية فى سوريا، واستولى على الكثير من بقايا مدن الفرنجة وقلاعهم: فاستولى على قيسارية وحيفا وأرسوف سنة 663 هـ/ 1265 م، وأستولى على يافا وأنطاكية سنة 666 هـ/ 1268 م. كذلك استولى على عدة قلاع داخلية مثل قلعة صفد وقلعة حصن الأكراد. وقد ظل بيبرس على سياسته الدفاعية ضد المغول، باحثا عن إضعافهم بالدبلوماسية دون قوة السلاح. فاستغل العداوة بين الإيليخانيين وبين "بيرك" خان "القبيلة الذهبية"(654 - 664 هـ/ 1256 - 1266 م)، وحاكم قبجاق الإستبس الذى أسلم، ولقد شجع تحالف بيبرس مع بيرك على تدفق محاربى القبائل المغولية (الوافدة) من الأراضى الإيليخانية إلى بيبرس.
ولقد كان لبيبرس هدفان فى سياسته الداخلية، أحداهما هو أضفاء الشرعية على حكمه وثانيهما تكوين بيت من أسرته يخلفه من بعده. ولقد نجح فى هدفه الأول بتنصيبه أميرًا عباسيا خليفة فى القاهرة، وتسلمه منه إعترافًا رسميا بسلطاته المطلقة كسلطان على كل العالم الإسلامى (رجب 659 هـ/ يونيو 1261 م). وحين توفى هذا الخليفة الذى تسمى باسم المستنصر باللَّه بعد وقت قصير، أحل بيبرس مكانه خليفة آخر وظلت الخلافة العباسية الصورية فى مصر حتى الفتح العثمانى.
ولقد قلد بركة ابن بيبرس سلطانًا شريكا لوالده فى السلطنة فى شوال 662 هـ/ أغسطس 1263 م وهو لا يزال فى الرابعة من عمره.
هذا ولم يستمر حكم أسرة بيبرس طويلًا، وكانت العدواة الواقعة بين رجالة "الظاهرية" و"الخاصكية" هى السبب الرئيسى لعدم هذا الاستمرار وقد قاد المعارضة أحد رفاق بيبرس وهو قلاوون الألفى. وبعد أن نجح قلاوون فى خلع بركة خان عن الحكم، أحل الأعيان مكانه أخاه سلامش، الذى كان يبلغ من العمر سبع سنوات، وجعلوه سلطانًا إلا أنه لم تمض أسابيع
قليلة حتى استولى قلاوون على العرش (ربيع الثانى 678 هـ/ أغسطس 1279 م)، ونفى أبناء بيبرس إلى الكرك.
ولقد كان المنصور قلاوون مسئولًا عن بدعة عسكرية هامة، وهى: تجنيد الفرق العسكرية المملوكية الجراكسة الذين عرفوا بالمماليك البرجية نسبة لسكناهم أبراج (القلعة). ولقد كانت تلك أول إشارة لتهديد نفوذ أتراك المماليك القبجاق. ومن ناحية أخرى، فقلد واصل قلاوون سياسات بيبرس. ولقد أعلن حاكم دمشق، سنقر الأشقر نفسه سلطانًا مثلما فعل سنجر الحلبى من قبل.
وقد هُزم بصعوبة فى صفر 679 هـ/ يونيو 1280 م، لكنه نجح فى تثبيت نفسه فى قلعة صهيون التى كانت من قبل قلعة للصليبين اللاذقية الجبلية. وأخيرًا، شارك قلاوون فى عملياته العسكرية ضد قوات المغول التى أرسلها الإيليخان أباقا وهى القوات التى هزمت فى معركة حمص الثانية (شعبان 680/ نوفمبر 1281 م). وتوفى أباقا فى العام التالى، وقام خليفته "تكودار أحمد" الذى إعتنق الإسلام، بتحسين العلاقات بينه وبين السلطان. عندئذ أصبح قلاوون متفرغا لمتابعة "الجهاد" ضد الإمارات الفرنجية. فسقطت فى يده طرابلس فى ربيع الثانى 688 هـ/ أبريل 1289 م وضربها، وكان قلاوون على وشك أن يقول حملة ضد عكا/ لكن وافاه أجله فى ذى القعدة 689 هـ/ نوفمبر 1290 م). ومثلما فعل بيبرس فقد كرس قلاوون جهده، فى تكوين بيت حاكم، ولكن لم يتم الأمر كما خطط له بأن يخلفه ابنه الصالح على، فقد إنتقل العرش إلى ابن آخر هو الأشراف خليل، الذى ينسب إليه الإستيلاء على عكا (جمادى الأولى 690 هـ/ مايو 1291 م) والقضاء على مملكة اللاتين. وفى العام التالى، إستولى خليل على قلعة الروم، لكنه فى المحرم من سنة 693/ ديسمبر 1293 سقط ضحية لمؤامرة دبرها كبار قواد والده العسكريون (المنصورية)، الذين أحسوا بتهديده لهم، فقاموا بقتله.