الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقامات الحريرى ثم وضع على نسقها خمسين مقامة تعبر عن الحكمة أسماها "سفر تحكمونى" اقتبس فيها من أقوال التوراة ببراعة فائقة. كما ألف يشوع عبديشو -أسقف نصيبين- خمسين مقامة بالشعر السريانى.
ويبدو أنه لا توجد شواهد على تقليد فن المقامة فى اللغة اللاتينية، إلا أنه من الجلى أن بطل رواية Picato يشبه إلى حد كبير أبى الفتح الإسكندرى وأبى زيد السروجى.
المصادر:
(1)
G.E.von Grunebawa، The spirit of Islam as shown in its litirature، in SI (1953)، 114 - 19
(2)
Di. Sulta: Fanm al-kissa wa'lmokama Damascus 1362/ 1943
المقدسى
المقدسى لقب عرف به شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن أبى بكر البناء الشامى، المعروف أيضًا بالبشارى وقد سماه بهذا الاسم ياقوت فى معجم أدبائه، وهو أعظم جغرافى عربى ظهر فى النصف الثانى من القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى).
أما حياته التى لا نعرفها المعروفة الكاملة فلا نستطيع الوقوف عليها إلا من خلال مؤلفاته، وهو مرتبط ارتباطا كبيرا بفلسطين التى شهدت مولده وإلى المدينة التى يحمل اسمها (فالمقدّس أو المقدسى نسبة إلى البيت المقدس أو بيت المقدس)، والأرجح أنه خرج من أسرة من الطبقة الوسطى، وكان جده أبو بكر بناء، ويرجع ذيوع صيته إلى أنه "بنى" بأمر ابن طولون تحصينات عكا البحرية، أما أسرة والدته فقد جاءت فى الأصل من "بيار" وهى بلدة صغيرة فى خراسان، وقد كان جده لأمه أبو الطيب الشوا رجلا ميسورًا مُوَسّعًا عليه كما كان فى الوقت ذاته خبيرا فى صنعة البناء، وقد هاجر إلى بيت المقدس، ويمكن الرجوع إلى كتابه أحسن التقاسيم للوقوف على الأخبار المتعلقة بأسرته. على أنه يمكن من استقراء أحداث خاصة واردة فى ثنايا كتابه هذا أنه ظل فى الوجود حتى سنة 380 هـ (990 م) أو ما يقربها، وإن كانت هناك أيام قلائل تعتبر معالم بارزة فى حياته نستمد منها أنه
قام بالحج إلى مكة مرتين فى عامى 356، 367 هـ (967، 978) كما رحل إلى حلب فى الفترة من 354 إلى 364 هـ (= 965 - 975 م) وزار خراسان سنة 374 هـ (= 984 م)، أما اعتزامه وضع كتابه فقد اتخذه وهو فى شيراز سنة 375 هـ (= 985 م) وقت أن مر بها كما يقول، ولكن متى كان مروره هذا؟ لا ندرى، ولكنه كان فى الأربعين من عمره.
على أنه يمكن أن يقال أنه تثقف بالثقافة التى تناسب طبقته الاجتماعية، فهو يستعمل فى مواضيع مختلفة هنا وهناك النثر المسجوع والشعر مما يشهد له بالدراسة التقليدية فى علوم النحو.
أما مجادلاته فقائمة على الفقه ومناقشة آراء المدارس الدينية والتشريعية مقدما فى كل هذا ما يدل على عناية ملحوظة بالنظم الأساسية، وربما كان المقدسى -كما يقول فى مقدمة كتابه- هو أول من دفعته الرغبة فى وضع عمل علمى أصيل يفوق به أسلافه فى الوصول إلى ما يمكن تسميته بحق بالجغرافية الحقيقية، وهو ينتمى إلى المدرسة التى يمكن تسميتها "بأطلس الإسلام" التى كان أول من أوجدها البلخى ثم استمرت ممثلة فى الأصطخرى وأتمها ابن حوقل الذى كان ساحرًا للمقدسى، الذى كان رائدًا لابن حوقل، وليس من شك فى أنه اعتمد على ما ألفه وما ورثه عنه، وكان هذا الضرب الجديد الذى استعمل البلخى من وصف للعالم الإسلامى شأنا جديدا مستحدثا لأول مرة، على أن تصنيف المادة وتنظيم الطريقة تجعلان المقدسى أول ممثل لهذه المادة عن جغرافية. البلدان الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى)، وكان طموحه فى التنظيم وجمع محتوياته يظهر ميل المقدسى لإبداع مادة مفيدة لاسيما للتجار والأدباء، وهذه النقطة الأخيرة من النقاط الهامة، فقد طعّم كتابته بالنثر المسجوع والشعر، أما فيما يتعلق بالمحتوى (وهو يظهر المنهج الذى حدده المؤلف لنفسه والذى يبدو واضحا بدءًا من المقدمة إلى مادته فتبين أن المقدسى كان يهدف لأن يكون الكتاب شاملًا لجميع الفروع التى يمكن بها أن نسميه بمنطوقنا اليوم بالجغرافية من الجوانب الطبيعية والاقتصادية والإنسانية.
لقد اقتصر الكتاب نفسه -إذا نظرنا إلى الخريطة- على عالم الإسلام إلا باستثناءات
قليلة نادرة ألمَّ فيها ببلاد أجنبية، ويتضح ذلك من مقدمة كتاب صورة الأرض، فهو يتضمن عالمًا يتألف من قسمين هما: مملكة العرب ومملكة العجم ويربط المقدسى بين بينهما فى مفهوم فريد، فمملكة الإسلام تعنى عنده مملكة إسلامية واحدة، فهناك ست "ممالك" عربية هى المغرب ومصر وبلاد العرب والشام والعراق وأقود (وهى أرضى الجزيرة وشمال ما بين النهرين)، كما نجد من ناحية أخرى ثمانى ممالك أو ولايات غير عربية هى رحاب (وتشمل أذربيجان الأرمنية) والديلم، وإقليم جبال خوزنسان، وفارس، وكرمان والسند والمشرق، وهذا اللفظ الأخير يتضمن جميع الأراضى التى تدخل مباشرة أو عن طريق غير مباشر تحت نفوذ السامانيين (وهى سجستان وأفغانستان وخراسان وبلاد ما وراء النهر المعروفة باسم "ترانسكسانيا" وأما الوحدة التى يمكن أن تكون هناك فتتكون من بلاد تنقسم إلى كتلتين يفصلهما بحر (البحر الأبيض المتوسط وبحر المشرق/ أو صحراء وهو ما يعبر المقدسى عنه بعبارة بادية العرب ومفازة خراسان)، كما أن هناك ولايتين لكل منهما عاصمة هما: الأندلس وعاصمتها قرطبة والمغرب الأصلى وعاصمته القيروان، وأما المشرق الأصلى فهو البلاد الواقفة جنوبى نهر سيحون وشماله (وهى نيسابور وسمرقند).
ويؤكد المقدسى الوحدة الجغرافية فيجعل قلب العالم الإسلامى شبه الجزيرة العربية حيث يعتبر أن لها عاصمتين هما مكة وزبيد، وهو يحدد أيضًا "الولاية" تحديدا دقيقا، فيعتبر "الإقليم" وحدة جغرافية ولكنها تختلف فى صقع منها عن الآخر فى صفاته الطبيعية مما يترتب عليه قيام ظروف تاريخية معينة، ويجعل على رأس هذه الأقاليم "مصر" التى تتبعها وتحوطها "قرى" عدة، كما توجد المدن حول "القصبة"، ويتمثل هذا الضرب الجديد من الجغرافية التى ابتدعها المقدسى فيما سماه بمملكة الإسلام، فنوجه باسم جديد هو "أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم".
لقد كانت هذه المادة محتاجة إلى تعبيرات خاصة ذاتية، فنجد المؤلف يستعمل كلمتين هامتين تختلف كل واحدة منهما عن الأخرى هما كلمة "ناحية" وكلمة "رستاق" وكان الرستاق من الصخر إلى الحد الذى يجعله لا يتعدى قرية، وإلى جانب هذا
المصطلح المحدد نجده يستعمل "ألفاظا" ترتبط ارتباطا خاصا بأشياء معينة، إذ يقيمها على أساس المنتجات والغلة، كما يتكلم عن أماكن أخرى فى الأقاليم الأخرى التى زارها، فيرتبها على أساس الحرف والآلات والأوزان والمقاييس والعملة.
وهو إلى جانب ذلك يتعمد فى وصفه كل ولاية فيقسمها إلى قرى ومدن ثم يتبع ذلك بوصف لكل منها على حدة، ثم يتلو ذلك بوصف للمناخ والمنتجات وما يخص كل ناحية منها، والمياه، والمناجم والجبال، والمواضع المقدسة بها، والضرائب والمقاييس والمكاييل والعادات، وما بها من العجائب، وتقاويمها، وحكوماتها والفرق المختلفة التى بها والمدارس ومكاتب تحفيظ القرآن ثم يختم ذلك كله بذكر طرقها ومسالكها.
وربما كانت مادة ابن حوقل أوفر فى الناحية الإخبارية وذلك نظرا للخطة التى وصفها لكتابه، وبقى أن نقول إن ذلك المشروع فى حجمه الشديد الفخامة هو أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة، فإن تكوين المملكة على هذه الصورة الكبيرة مسألة يشجبها التاريخ، وتفصل فيها القرون التالية التى سيبنيها الواقع السياسى وغيره من الأمور التى تجد وغيرها التى تظهر ثم تختفى، وعلى الرغم من أنه يواصل مع الآخرين الثناء على بغداد وامتداحها التى هى فى اعتباره الرمز الحىّ الموحد لهذا العالم إلا أنه لا يستطيع أن يؤكد على انهيارها أمام القوتين اللتين كانت تنافسانها وهما قرطبة ومصر الفاطمية على وجه الخصوص التى يعترف بأنها لابد وأن تتغلّب على خصيمتها وتأخذ السلطة منها، ويحمل الكتاب الشهادة الصريحة على هذه التوترات، وتوجد من هذا الكتاب نسختان مخطوطتان إحداهما فى برلين والأخرى فى القسطنطينية ويوجد بينهما تباين كبير، ولا يقتصر هذا الاختلاف على التاريخ فحسب والعنوان، ولكن أيضًا فى المراجع التى تتعلق بالقوتين السائدتين فى الشرق الإسلامى فى نهاية القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) وهما الفاطميون والسامانيون.
ويمكن مراجعة أحدث وأدق مرجع عن هذا الموضوع وهو كتاب A.Mique: La geographie humaine du monde musulmane jusqu'au miliew du xie sieile