الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر عن تغطية وكسوة المنبر فى المناسبات الخاصة كما أن لدينا مطالب بالإنصراف عن العادة التى جرت بوضع السجاد على المنبر.
2 - الأشكال المعمارية: فى البلاد العربية والفارسية والتركية:
كما سبق أن ذكرنا، فإن المنبر كان يستخدم قديما كمقعد للحاكم أو لواليه، يخاطب منه المسلمين فى صلاة الجمعة، ويتوافق ذلك مع استخدام المساجد فى العصر الأموى أيضا كأماكن للتجمعات السياسية. ووفقا لرأى "بيكر"، فإن تغير وظيفة المنبر من كونه مقعدًا للحاكم أو وإليه إلى منصة خطابية تلقى من فوقه خطبة الجمعة، ثم حوالى أواخر العصر الأموى. وصلى ما يبدو أن المنابر إحتاجت لبعض الوقت كى يُعمم استعمالها. وفى سنة 132 هـ/ 749 م زُودت مدن أقاليم مصر بالمنابر بأمر من مروان الثانى، كما عرف القليل عن المنابر خلال العصر العباسى. وورد فى المصادر أن الخليفة المهدى كان قد أمر محمد بن أبى جعفر المنصور فى سنة 161 هـ/ 777 - 778 م أن يُنقص من ارتفاع المنابر ويجعلها فى نفس حجم منبر النبى صلى الله عليه وسلم وتشير هذه الواقعة إلى أن المنابر أيامه كانت عالية، ويشهد على ذلك أن ارتفاع منبر مسجد سامرا الكبير كان 3.90 مترًا. والمنبر الوحيد المتبقى من المنابر القديمة التى يرجع عهدها إلى صدر الإسلام هو منبر جامع القيروان الكبير فى تونس ولما كان قد صنع من خشب الساج ويبلغ طوله 3.31 متر وله 11 درجًا اعتبر مثالًا رائعا للمنبر الخشبى المنقوش. وقيل إن الأمير الأغلبى أبا إبراهيم أحمد 242 - 249 هـ/ 856 - 863 م) أحضره من بغداد، وربما انتهى العمل منه فى سنة 248/ 863 م. وهو أقدم مثال باق للمنابر، تتمثل فيه عناصر المنبر الخشبى الأساسية، وهى المنصة ذات الدرج، والمدخل بدون باب عند الصعود على الدرج ويتكون هيكل المنبر من قطع خشبية عمودية ومستعرضة مع ألواح قائمة ومثلثة الزوايا مركبة فى مجار لها وقد زين الهيكل بأغصان كرْم العنب مكوّنة عقدًا دائرية مطوقة وورقة كرمة وعنقود عنب، وهو تركيب نجده فى شدادة قبة الصخرة فى بيت
المقدس. وقد طعُمت معظم الألواح بطريقة هندسية، لكن يوجد على الجانب الشرقى عشرة أعمدة جميلة منقوشة بطريقة الأرابيسك ويُذكرنا أسلوب التصميم الطبيعى على تلك الألواح العشرة، وعلى الخصوص، تصميم الصنوبرة المخروطية المحاطة بالكرمة، بالأعمدة الخشبية الموجودة قرب بغداد. وفى رأى كريزويل، أن ذلك التشابه القوى بينهما يوحى بأن هذه الأعمدة العشرة نقشت هنالك وأشار كينيل إلى أن زخرفتها تتشابه مع تلك التى على قصر "المشتى" الأموى. ولاحظ ديز (E.Diez) أن اختلاف طراز الأعمدة الطبيعى عن طراز العهد العباسى الأول الأكثر تجردًا يتطابق مع زخرفة سامرا على الجنة وعلى الخشب، ويُعتقد أن بعض القطع والأعمدة المنقوشة ربما كانت تخص منبرًا أمويا قبل أن تركَّب فى البناء القائم.
وتعرض المنبر للتخريب والتجديد، إلا أنه يجب أن يكون قد رمم بعد أن اكتسح الخليفة الفاطمى المستنصر القيروان سنة 441/ 1050 م. ووفقًا لرأى كريزويل، فإن الأعمدة أسُتبدلت بأخرى جديدة فى عمارة سنة 1907. ومن الصعب معرفة تاريخ صُنع الأعمدة القائمة الزوايا ذات التصميم الهندسى وبينما يبدو بعضها حديث الصنع، إذا بالبعض الآخر يبدو وكأنه صُنع فى فترة متقدمة.
وكانت بعض المنابر فى صدر الإسلام محمولة، مما يشير إلى أنها مصنوعة من مواد خفيفة العمل، ومن المحتمل أن تكون مصنوعة من الخشب. ومن واقع شكل وطول حائط القبلة فى جامع سامرا الكبير، يظهر أنه كان له منبر محمول أودع فى حجرة خاصة قريبة من المحراب. وكان لمنبر الكعبة فى مكة عجلات، ومن الطبيعى أنه يودع عند مقام إبراهيم، ولكنه كان يدفع ليقام إلى جوار الكعبة لصلاة الجمعة. ومن المحتمل أن يكون هذا المنبر هو الذى أهداه الخليفة العباسى الواثق (227 - 232 هـ/ 841 - 847 م). واستمرت عادة دفع المنابر داخل وخارج ساحة التجمع للصلاة قائمة حتى الآن فى بعض أنحاء العالم
الإسلامى، وخصوصًا فى شمال إفريقيا. . وظل القليل من هذه المنابر باقيا فى مكانه، لكن التجاويف التى وجُدت على يمين المحراب فى بعض مساجد الجمعة تفت أن المنابر الأصلية لهذه المساجد كانت منابر محمولة. وتبدأ سلسلة المنابر المحمولة بمسجد صفاقس الكبير الذى بنى فى 235/ 849 م، والذى توجد به تجاويف توضع قوائم المنبر فيها واتخذ المسجد الجامع شكلًا هامًا منذ صار المنبر رمزًا للسلطة، حيث يرتقيه الوالى ممثلًا للسلطة الحاكمة، ليبلغ جماعة المسلمين المحتشدين فى ساحته بالبلاغات الرسمية. ويشير "المقدسى" إلى المنبر على أنه شئ له اعتباره الكبير فى المجتمعات الإسلامية. وهو يرى أنه من الممكن إطلاق اسم مدينة على أى ناحية، بها منبير وتعقد فيها صلوات جمعة. وكثيرًا ما تصنف المدن تبعًا لوجود منبر فيها أو عدمه. وتكثر الإشارات فى المقدس إلى أن ازدياد عدد المنابر فى المدينة دليل على إزدياد ازدهارها.
ولم يتبق فى إيران أى منبر من منابر صدر الإسلام، لكن وهناك من يذكر أنه رأى منبرًا فى مسجد "عدينا" فى "سبزوار" يرجع تاريخة إلى سنة 266/ 879 م. وأنه كتب عليه اسم والى خراسان أحمد الخوزستانى، الذى حكم أيام خلافة المعتمد العباسى. ويوجد أقدم منابر إيران الباقية فى مسجد ششتر (تُستر) الجامع، ويرجع تاريخه إلى صفر 445 هـ/ (مايو - يونيو 1053 م). وهو مثال قديم للمنبر المزين بالقوائم الصلبة المضلعة، والمشغول بالأرابيسك المضفَّر، والذى تغطى جوانبه عناصره الفنية المتداخلة المتلاحمة مع بعضها البعض، وهو شكل من أشكال الزخرفة أصبح شائعا فى مصر وسوريا وتركيا وأنحاء أخرى من العالم الإسلامى من القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى فصاعدًا. ولا يُعرف هنالك منبر يمثل هذه المواصفات من الزخرفة فى إيران فى العصر السلجوقى. وتوجد فى إيران خمسة منابر باقية ترجع إلى فترة الحكم السلجوقى. وكلها تظهر نفس شكل منبر القيروان، أى أن بكل منها: مجموعة متواصلة من الدرج
وأعمدة عند مدخلها تؤدى إلى مقعد الخطيب، وهو يتكون من منصة قائمة على أربعة أعمدة. وهذه المنابر أصغر حجما من منبر القيروان، لكن جوانبها تتكون من ألواح قائمة الزوايا محفورة متشابهة. ويوجد أقدم هذه المنابر الخمسة فى مسجد "أبيانا" الجامع، يرجع تاريخه إلى سنة 466 هـ/ 1077 م. ويوجد الثانى منها، والذى يرجع تاريخه إلى سنة 543 هـ/ 1148 م، فى مسجد إمام زاده إسماعيل فى "أبرز"، والثالث وتاريخه 583 هـ/ 1187، فى مسجد بائن فى "فريزند". وتوجد هذه المنابر الثلاثة جميعها فى إقليم "ناتانز" ولا يُعرف على وجه التحديد تاريخ صنع المنبر الموجود فى مسجد المحمدية الجامع بالقرب من نائين، ولا المنبر المعروف باسم منبر الصاحب الكائن فى مبنى ملحق بالحسينية فى فاريظاند، ولكن من الممكن نسبتها إلى الفترة ما بين القرن الخامس والسادس الهجريين الحادى عشر، الثانى عشر الميلادى، بسبب استخدام أسلوب الحافة المشطوفة فى نقش زخرفة الأرابيسك فى حالة الأول، واستخدام أسلوب النقش الكوفى فى حالة منبر الصاحب. ومن أبرز وأهم ملامح هذه المنابر الإيرانية الخمسة هو تطبيق ما عُرف "بأسلوب استخدام الحافة المشطوفة الأحرف" فى النقش. ويتطابق هذا الأسلوب فى الزخرفة مع ما وجده هرزفيلد فى زخرفة نقوش سامرا الجصية. وتتكون من رسوم ذات انحدار عميق فى الجص تُعطى تباينا فى اللون والظل. وغالبًا ما تتكرر هذه الرسوم وتنفصل بخطوط منحنية وتغطى بالنقاط والخروز والشقوق الطولية وصفوف العقود أو بعض اللآلئ التى كان يتكرر استخدامها كحافة زخرفية وفى حين استخدام هذا الأسلوب وتلك الطريقة بادئ ذى بدء فى سامرا خلال القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى، فقد ظل يستخدم فى إيران بشكل معدل بعض الشئ، متخليا عن نسقه التكرارى خلال القرنيين الخامس والسادس للهجرة/ الحادى عشر، الثانى عشر الميلادى. وقد أبطل استخدام هذا الأسلوب فى مصر مع نهاية القرن
الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى، لكنا ظللنا نلاحظه فى أجزاء أخرى من بلدان العالم الإسلامى حتى نهاية القرن السادس الهجرى الثانى عشر الميلادى.
ولا يزال منبر المسجد الجامع فى "أبيانا" يُعد من أهم الأعمال البارزة لنموذج تقنية الحافة المشطوفة التى لا تزال باقية حتى الآن فى إيران. وبرغم أن منبر "برز" يحتوى على لوحات مشطوفة، إلا أن زخرفته فى أساسها أرابيسك متشابك، وهو يظهر تأثيرات إتجاهات الزخرفة الجديدة واشتهر هذا المنبر أيضًا بدرابزينه المصنوع من مصبعات خشبية مخروطة كالمشربيات فى مصر؛ وذلك أقدم مثال معروف لمثل هذا العمل فى إيران.
ومن الممكن أن يلاحظ الحفر المشطوف الحواف أيضًا على منبر مسجد العمادية الكبير فى العراق، يرجع تاريخه إلى سنة 548 هـ/ 1153 م. زينت الألواح المضلعة الداخلة فى الإطار الأملس المستوى بأشكال أشجار نخيل ذات أطراف حلزونية داخل كتابات بخط النسخ ويوجد فى تركيا منبر من ملطيه، وهو محفوظ الآن فى "المتحف الإثنوغرافى" بأنقره. وفى هذا المنبر قطع صغيرة مضلعة داخله فى إطار مسطح منحوتة بطريقة الحواف المشطوفة. وقد نُقشت أرضية الألواح بأرابيسك منحوت بعمق ولها أسطح ذات أحرف مشطوفة ويرجع هذا المنبر إلى القرن السابع الهجرى (= الثالث عشر الميلادى)، بينما يشير "إيتجهاوزن" ettinghousen أن تاريخه يرجع إلى القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى.
تغيرت زخرفة جانبى المنبر حوالى نهاية القرن الخامس/ الحادى عشر الميلادى، حين ظهرت طريقة جديدة فى البناء والتصميم. ولم يحصر التغيير فى تغطية الجوانب بقطع خشبية صغيرة على شكل النجوم والمضلعات. وأقدم الأمثلة المعروفة لهذا النموذج هو منبر المسجد الجامع فى شُستر الذى ورد ذكره أنفا. ويظهر الشكل الجديد للمنبر فى شكله المتكامل فى منبر
ضريح الإمام الحسين الفاطمى فى عسقلان وهو المحفوظ الآن فى متحف الخليل. غُطيت كل جوانب هذا المنبر بأشكال هندسية زخرفت بإتقان وهى تتكون من قطع خشبيه صغيره مضلعة متداخلة فى أشرطة منقوشة. وتتكون عناصر الشكل رئيسية من نجوم مسدسة مضلعة. وقد ملئت كل القطع المضلعة بتصميمات أرابيسك متشابكة. على أن، الحفر على هذا المنبر لم يكن على نظام الحواف المشطوفة، ولكنه كان على نظام القواطع العميقة المستقيمة. وهنالك وجه آخر هام من وجهى هذا المنبر وهو أن "درابزينه" الصلب قد صنع على نظام المشربية، مما يجعله من أقدم الأمثلة على ذلك. ومن المحتمل أن يرجع صُنع قبة وباب المنبر التى ظهرت فيه مؤخرًا إلى العهد المملوكى.
استمر نظام الزخرفة قائما، فى مصر خلال العصر الفاطمى، ظاهرًا فى منبرين قديمين، أحدهما فى دير سانت كاترين على جبل سيناء، ويرجع تاريخه إلى سنة 500 هـ = 1106، والثانى فى جامع عمرو بقوص والذى يرجع تاريخه إلى سنة 550 هـ = 1155 م، وللمنبر الأخير إيوان فوق مقعد الخطيب، وتشبه زخرفة مقعدة زخرفة المحراب وتطور شكل المنبر إلى صورته التى هو عليها الآن ضد المحراب. فصاعدًا، وصار له جوسق على شكل قبة فوق مقعد الخطيب، وبوابة وعناصر زخرفية مكونة من نجوم ومضلعات مصنوعة من قطع خشبية منقوشة. وصارت هذه الهيئة هى الهيئة التى يصنع على شكلها المنبر فى سوريا وتركيا وكذلك فى مصر. ويُعتبر منبر المسجد الأقصى فى القدس بفلسطين، هو أحسن الأمثلة لهذا النوع من المنابر، وهو المنبر الذى أهداه نور الدين محمود سنة 564 هـ/ 1168 م لحلب، ثم أخذه صلاح الدين مؤخرًا إلى بيت المقدس.
ظهرت على نفس هذا المنبر زخرفة أخرى شاعت من القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى فصاعدًا، وهى ظاهرة تطعيم المنبر بالعاج والصدف. وبعد ذلك، تميزت المنابر المملوكية بتطعيمها الرائع، والذى لم
يقتصر على العاج فحسب، بل تعداهما إلى الأبنوس والعظم ومثال هذا المنبران الموجود أحدهما فى جامع ابن طولون الاخر فى جامع الصالح طلائع بالقاهرة. ثم نشهد تدهور حال كل من زخرفة النقش وزخرفة التطعيم قرب نهاية العهد المملوكى. ويُعد منبر جامع قايتباى، الموجود الآن فى متحف فيكتوريا والبرت، خير مثال للأعمال المملوكية المتأخرة.
أما فى إيران، فكانت زخرفة النجوم والمضلعات أبطأ من أن تكون زخرفة شائعة. ولذلك فإن جانبى منبر المسجد الجامع فى "نائين" الذى يرجع تاريخه إلى 711 هـ/ 1312 م، ما زالت مركبة بألواح متعامدة إلى جانب أنها مزينة بالنجوم والمضلعات. ويتكون جزء من زخرفته المحفورة من سلاسل من شكل المعين أو من أوراق النبات، الممتلئة بفواصل حلزونية الشكل، تعكس أسلوبا صار شائعا فى إيران خلال القرن الثامن الهجرى/ الرابع عشر الميلادى. ولهذا المنبر أيضًا، "درابزين" شبكى صنع من شرائح خشبية بشكل هندسى. ويعد ذلك أقدم مثال لهذا النوع من أعمال التشابيك فى إيران، والتى أستخدمت فى "السواتر والبرفانات"، والنوافذ، والبوابات، ودرابزينات الشرفات. وهنالك منبر آخر شهير يرجع تاريخ صنعه إلى عصر ما بعد فترة الحكم المغولى فى إيران وهو مسجد "سوريان" الجامع فى فارس، وهو محفوظ الآن فى متحف "إيران - باستان" بطهران. ونستمد من النقش الذى عليه أنه تم صنعه سنة 771 هـ/ 1369 م. وتميز بإستعمال طريقة النجم والمضلعات على جوانبه، وهى الطريقة التى صارت مع الوقت مطبقة فى كل الأعمال الخشبية فى إيران. وتوجد خاصية أخرى لهذا المنبر وهى عنصر استخدام الأزهار الواضح فى زخرفته المحفورة، وهو عنصر صار فيما بعدُ مميزًا للعهد التيمورى. ويعد منبر جامع جوهر شاه فى حرم الإمام الرضا فى "مشهد"، المصنوع ما بين عامى 840 و 850 هـ (1436 - 1446 م) قطعة تيمورية جميلة. ويتميز بزخرفته الوافرة بالنجوم والمضلعات مع فروع النباتات المنحوته فى بروز على النمط
التيمورى. وعلى غير عادة المنابر فى إيران، ولهذا المنبر سقيفة، يعلوها تاج ذو الشراريب.
وتُصنع المنابر المنحوتة من الخشب المشغول أيضًا فى الأناضول بمستوى رفيع. فالخشب متوافر هناك، ولذلك فإن استخدامه لأساس المساجد أمر من سهل فهمه. ويعد من أقدم منابر الأناضول الخشبية منبر جامع علاء الدين فى قونية، الذى يرجع تاريخه لسنة 550 هـ/ 1155 م. وهو مصنوع من خشب الجوز، وبغض النظر عن زخرفته المعتدة بالنجوم والمضلعات المنحوتة فإن له "درابزين" صلب نقشت على حواجزه آيات قرآنية، كما أن له عقد مقترنا بألواح على المدخل. وهو لا يحمل أى تشابه مميز، لا فى الشكل ولا فى الزخرفة، مع المنابر السلجوقية فى إيران، وهو فى الحقيقة تشكيل سورى - مصرى. وصار نموذج منبر علاء الدين شائعا بشكل متزايد فى الأناضول خلال القرنين السابع والثامن/ الثالث عشر، الرابع عشر الميلادى. وخير مثال على هذا النموذج منبر "ألوكامى" فى "سييرت"، وهو المحفوظ الآن فى المتحف الإثنوغرافى فى أنقره. ولا تزال منابر مشابهة له قائمة فى أماكنها الأصلية مثل: منبر ألوكامى فى سفرى حصار ويرجع تاريخه إلى عام 670 هـ (= 1272 م)، ومنبر إصرفوغلو كامى فى "بليشار" وتاريخه 696 - 698 هـ/ 1297 - 1299 م.
وبرغم أن معظم المنابر قد صنعت من الخشب، فإن منها ما صُنع من خامات أخرى، مثل الآجر، والسيراميك والحجر. وذكر المقدسى أحد هذه المنابر المصنوعة من الأجر فى عرفة. وتوجد فى وسط إيران، خمسة منابر من السيراميك يرجع تاريخها إلى الفترة ما بين سنوات 1445 - 1525 م. وقد زينت جميعها بشكل مختلف ما بين تصميم من ثمان وإثنى عشر نجما، وسيقان نباتات بأزهار بيضاء، وأرابيسك من نباتات بلون الكهرمان والأزرق الفاتح على أرضية داكنة زرقاء. وعلى بعض هذه المنابر كتابات تحمل اسم منشئها أو نصوص قرآنية
أو عظات دينية. وأجمل هذه المنابر هو منبر "مسجد ميدان" فى كاشان وهو مزخرف بالموزايكو بمستوى فوق المتوسط بكثير. ويعطينا أحد النقوش على الجانب الأيسر من المنبر اسم الجرفى وهو "حيدر"، قاطع الآجر، كما يعرض لنا نقشا آخر صمم وقت البناء وهو فى عهد السلطان بوسعيد الجرجانى. ويُعتبر منبر خانقاه بندر أباد أكبر الخمسة المنابر، ويرجع تاريخه إلى 848 هـ/ 1473 م. وتنتمى هذه المنابر المصنوعة من الآجر إلى الفترة التى تزايد فيها أستعمال الآجر والموزايكو فى العمارة الإيرانية. ولم يدم الميل لهذا النوع من المنابر طويلًا، ومن المحتمل، أن يكون ذلك بسبب الحاجة للاحتفاظ بالإيقاع على القابلية للتحرك والإنتقال من الظروف المعينة. وهنالك مثالان لمنابر الآجر من "خيوة"، أحدهما فى مسجد آرج القديم الصيفى، الذى يرجع إلى سنة 1820 م والآخر ربما يرجع إلى القرن التاسع عشر.
وهنالك بعض المنابر الحجرية فى العالم الإسلامى، مثل تلك التى فى مساجد شيخو، وأقسنقر والخطيرى بمصر وربما كان منبر مسجد السلطان حسن، المبنى سنة 757 - 764 هـ/ 1356 - 1363 م أشهر هذه المنابر كما يوجد لمسجد جامع برقوق فى جبانة الخلفاء (المشيد سنة 806 - 813/ 1403 - 1410 م)، منبر حجرى جميل به نحت بنماذج هندسية معتدة، وبجوانبه تصميمات بالنجوم ومضفرة مثل المنابر الخشبية ويشبه هذا المنبر المنبر الحجرى المحفور فى جامع شيخو، وتاريخه 750 هـ/ 1349 م، فى بابه وفى جوسقه.
وكان لمسجد هرات الجامع منبر رخامى جميل لكنه غير موجود الآن، قام بنحته والحفر عليه الحجار شمس الدين فى القرن التاسع الهجرى/ (الخامس عشر الميلادى).
ويوجد أقدم منبر مصنوع من الحجر فى الأناضول فى جامع علاء الدين "بنيجد" ويرجع تاريخ صنعة إلى