الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحوت شره بطبعه، قال الشاعر:
كالحوت لا يلهيه شىء يلهمه
…
يصبح ظمان وفى البحر فمه
يضرب لمن عاش بخيلا شرها!
(ج) حكمه الشرعى:
وحكمه كعموم السمك، ودم الحوت كسائر الدماء، وقيل: طاهر، لأنه إذا يبس ابيض.
وإليك ما جاء فى الفقه من اراء الفقهاء. قالوا: إن الحيوان الذى يعيش فى البحر نوعان:
الأول: ما لا يعيش إلا فى الماء، وإذا خرج منه كان عيشه عيشة المذبوح.
الثانى: ما يعيش فى البر والبحر مثل: كلب الماء والسلحفاة وطير الماء.
وقد اختلف الفقهاء فيما يحل أكله من حيوان البحر وميتته على أقوال:
القول الأول: حل جميع حيوانات البحر وميتته سواء ما يعيش منها فى البحر فقط، أو ما يعيش فيه وفى البر. وهذا قول المالكية.
القول الثانى: حل جميع حيوانات البحر وميتته عدا الضفدع والتمساح والحية وهو قول الحنابلة.
القول الثالث: حل جميع حيوانات البحر وميتته إلا الضفدع وهو القول المشهور عن الشافعية، وأضاف بعضهم تحريم التمساح.
(د) وإليك ما جاء فى الحديث الشريف بشأنه:
[206]
عن أبى الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنّة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها «1» رضا لطالب العلم، وإنّ طالب العلم، يستغفر له من فى السّماء والأرض حتّى الحيتان فى الماء. وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر
(1) مجازا عن التواضع، وتعظيما للعلم.
على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذه، أخذ بحظّ وافر» «1» .
[207]
عن جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما- أنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل السّاحل «2» ، فأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجرّاح، وهم ثلاثمائة وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنّا ببعض الطريق فنى الزّاد فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كلّه فكان مزودى تمر، فكان يقوتناه كل يوم قليلا قليلا حتى فنى، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة «3» فقلت: وما تغنى تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت.
قال: ثم انتهينا إلى البحر؛ فإذا حوت مثل الظّرب «4» ، فأكل منه ذلك الجيش ثمانى عشرة ليلة.
ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما فلم تصبهما» «5» .
[208]
وروى البخارى عن جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما- يقول: (بعثنا النّبىّ صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة راكب، وأميرنا:
(1) حديث صحيح.. رواه أبو داود فى سننه، كتاب العلم، باب فضل العلم (3624)(10/ 72- 74)، وأحمد فى المسند (5/ 196) وابن ماجه فى مقدمة السنن (223) (1/ 81) وابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله:(1/ 41 43) ، والترمذى فى جامعه، كتاب العلم، باب فضل الفقه على العبادة (2822)(7/ 450- 452) ، وابن حبان فى صحيحه (88) 1/ 151- 152 من الإحسان.
(2)
أى جهة الساحل.
(3)
قال ابن حجر فى الفتح (7/ 679) : ظاهر هذا السياق أنهم كان لهم زاد بطريق العموم وأزواد بطريق الخصوص، فلما فنى الذى بطريق العموم اقتضى رأى أبى عبيدة أن يجمع الذى بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم فى ذلك ففعل، فكان جميعا مزودا واحدا.
(4)
الظرب: هو الجبل الصغير.
(5)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب المظالم- باب الشركة فى الطعام (3/ 180) ، وفى كتاب الجهاد والسير- باب حمل الزاد على الرقاب (4/ 67) ، وكتاب المغازى- باب غزوة سيف البحر (5/ 211)، وكتاب الذبائح والصيد- باب قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ (7/ 116) .
أبو عبيدة نرصد عيرا لقريش فأصابنا جوع شديد، حتّى أكلنا الخبط، فسمّى جيش الخبط، وألقى البحر حوتا يقال له: العنبر، فأكلنا نصف شهر، وادّهنّا بودكه، حتّى صلحت أجسامنا. قال: فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فنصبه، فمرّ الرّاكب تحته، وكان فينا رجل، فلمّا اشتدّ الجوع نحر ثلاث جزائر، ثمّ ثلاث جزائر، ثمّ نهاه أبو عبيدة) «1» .
[209]
عن ابن عباس- رضى الله عنهما- أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
«علماء هذه الأمة رجلان: رجل اتاه الله علما فبذله للناس ولم يأخذ عليه طعما، ولم يشتر به ثمنا قليلا، فلذلك يصلّى عليه طير السماء، وحيتان الماء، ودوابّ الأرض، والكرام الكاتبون، يقدم على الله سيدا شريفا حتى يرافق المرسلين. ورجل اتاه الله علما فى الدنيا فضن به على عباد الله وأخذ عليه طعما، واشترى به ثمنا قليلا، فذاك يأتى يوم القيامة ملجما، بلجام من نار، وينادى مناد على رؤس الأشهاد:
هذا فلان بن فلان اتاه الله علما فى الدنيا فضن به على عباد الله، وأخذ عليه طعما، واشترى به ثمنا قليلا، ثم يعذّب حتى يفرغ من الحساب» «2» .
[210]
عن أنس رضى الله عنه قال: «بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأتاه فقال: إنى سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبى، ما أوّل أشراط السّاعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟ ومن أىّ شىء ينزع الولد إلى أبيه؟ ومن أى شىء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول
(1) حديث صحيح.. رواه البخارى فى صحيحه، كتاب الجهاد (124) ، وأحمد فى المسند (3/ 303) .
(2)
حديث ضعيف.. رواه الطبرانى فى الأوسط، كما فى المجمع (1/ 124) وفيه عبد الله بن خراش، ضعيف.
الله صلى الله عليه وسلم: «خبّرنى بهنّ انفا جبريل. قال: فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد حوت «1» ، وأما الشّبه فى الولد فإن الرجل إذا غشى «2» المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها. قال: أشهد أنك رسول الله ثم قال: يا رسول الله، إنّ اليهود قوم بهت «3» ، إن علموا بإسلامى قبل أن تسألهم بهتونى عندك فجاءت اليهود، ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أىّ رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وأخبرنا وابن أخبرنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟! قالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد ألاإله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا: شرّنا وابن شرّنا.. ووقعوا فيه «4» » «5» .
(1) الزيادة هى القطعة المنفردة المعلقة فى الكبد، وهى فى المطعم فى غاية اللذة، ويقال: إنها أهنأ طعام وأمرؤه.
(2)
غشى: أى عاشرها معاشرة الأزواج وجامعها.
(3)
بهت: جمع بهيت، وهو الذى يبهت السامع بما يفتريه عليه من الكذب.
(4)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الأنبياء- باب قول الله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (4/ 160- 161) ، وكتاب التفسير- باب وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ.. (6/ 23) .
(5)
ووقعوا فيه: أى قالوا فيه ما قاله مالك فى الخمر، وتناولوه بسوء!